ظل الفريق محمد أحمد صادق، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، داخل السفارة المصرية فى العاصمة الأردنية عمان، لتنفيذ المهمة التى كلفه بها الرئيس جمال عبد الناصر وهى، وقف القتال بين الجيش الأردنى والمقاومة الفلسطينية «راجع - ذات يوم 18 سبتمبر 2018».
كان جمال عبدالناصر وقتئذ فى مرسى مطروح فى إجازة مرضية فرضها الأطباء عليه، لكنه قطع إجازته وقرر العودة، وتكشف السيدة تحية قرينته فى مذكراتها «ذكريات معه» عن «دار الشروق - القاهرة»: «مكثنا ثلاثة أيام زار فيها الرئيس القوات المسلحة فى مرسى مطروح، وفى يوم السبت» 19 سبتمبر «مثل هذا اليوم عام 1970»، غادرنا بالقطار للإسكندرية، وفى الطريق أثناء سير القطار وفى المحطات كان الأهالى ومعهم أولادهم يقفون لتحية الرئيس، فنظر لى وقال: «إننى أشتغل من أجل هؤلاء.. قلت: إنهم فى مظهر أحسن من قبل، فرد: أريد أن ينال هؤلاء الأطفال فرصة التعليم والعلاج والمظهر كخالد ابننا.. لم يحن الوقت بعد»، تضيف تحية: «كان الرئيس يتأثر عند رؤيته لطفل يشتغل عند أسرة كخادم»، وكان يقول لى: «إنها مشكلة لا تحل إلا بالتدريج، ويستطرد: ليس فى وسعى عمل شىء إلا العمل باستمرار على رفع مستوى الفلاح فى القرية والكادحين ونشر التعليم.. وإن شاء الله تتلاشى»، تؤكد تحية: «بقينا فى الإسكندرية حتى يوم الاثنين» 21 سبتمبر، لم آراه يستريح، وكل وقته كان مشغولا بمتابعة أخبار الاعتداء على الفلسطينيين فى الأردن.
كانت الأحداث تتطور بسرعة كبيرة، وشهدت كما يقول محمود رياض: «أنباء عن وصول نحو 25 طائرة فانتوم أمريكية إلى قاعدة «انسرليك» فى جنوبى تركيا، بالإضافة إلى تحركات للأسطول السادس الأمريكى إلى شرق البحر الأبيض المتوسط»، ووفقا للمجلد السابع من «الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970 الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، فإن يوم 19 سبتمبر 1970، شهد تفاعلات عديدة من جمال عبد الناصر لوقف القتال وهى: «أرسل برقية إلى الملك حسين يطلب منه وقف إطلاق النار، وتمكين الفريق محمد صادق من مقابلة ياسر عرفات، وأبلغه أن الفريق صادق يضع نفسه فى خدمة جهد عاجل لوقف إطلاق النار، ولسد الطريق أمام الحركات المشبوهة للأسطول السادس الأمريكى فى البحر المتوسط»، كما أرسل برقية إلى ياسر عرفات يطلب فيها بوقف إطلاق النار حقنا للدماء، وتمكين الفريق صادق من التنسيق معه.
فى نفس اليوم «19 سبتمبر»، رد الملك حسين على برقية عبدالناصر، شرح فيها، تطورات الوضع فى الأردن وما قام به الجيش الأردنى وورد فيها: «لذلك أبادر على الفور إلى الاستجابة إليكم، وسآمر بوقف إطلاق النار فى عمان بعدما سيطر الجيش على الوضع، إلا فى وجه أية نار موجهة إلى القوات المسلحة والمواطنين، وسأحيط مبعوثكم العزيز بكل الدعم والتأييد متطلعا إلى وقفة شريفة مماثلة من الفريق الآخر، ولو أن التجارب علمتنا أن القيادات فيه لا تملك السيطرة على العناصر التابعة لها، وأن الحرص من جانبهم على الوفاء بالعهود والمواثيق ليس دوما بالحجم الذى ترضونه وتتمنون».
فى نفس اليوم صدر نداء من ياسر عرفات إلى قواته بوقف إطلاق النار، جاء فيه: «استجابة لنداء من الرئيس جمال عبد الناصر لإيقاف إطلاق النار، تعلن الثورة الفلسطينية أنها على استعداد لاتخاذ الترتيبات اللازمة لإيقاف إطلاق النار، حتى يتسنى للفريق محمد صادق القيام بالمهمة التى أوفد من أجلها، ونحن نطالب السلطة بوقف إطلاق النار بالمقابل حقنا للدماء البريئة، وكذلك لإنقاذ البلاد من خطر الأوبئة اللمكن انتشارها لوجود آلاف الجثث تحت الأنقاض، وفى الشوارع بدون دفن، إننا نترك للفريق محمد صادق اتخاذ الخطوات والترتيبات الكفيلة بوقف إطلاق النار من الجانبين، ونحن نلتزم بذلك بمجرلاد إبلاغنا به وإعلانه».
فى نفس اليوم صدر تصريح رسمى فى الجمهورية العربية المتحدة «مصر»، حول اعتبار أى تدخل أمريكى فى المنطقة عملا معاديا للأمة العربية، كما أرسل عبد الناصر برقية جديدة إلى الملك حسين حول وجوب التزام القوات الأردنية بوقف إطلاق النار جاء فيه: «إن آخر التقارير التى تلقيتها من الفريق محمد صادق، تظهر لى أن هناك مخاطر كبيرة كامنة فيما يجرى الآن فى عمان، وأن عناصر من الجيش الأردنى مازالت تواصل إطلاق النار رغم ما تلقيته من تأكيدات جلالتكم، وذلك فى نفس الوقت الذى أعلم فيه أن قيادة اللجنة المركزية لتحرير فلسطين قد قبلت بوقف إطلاق النار، إننى أرجو تدخل جلالتكم الشخصى والفورى لكى تلتزم وحدات الجيش الأردنى، إننى أتمنى من كل قلبى أن تتخذوا من القرارات الفورية ما هو كفيل بوضع حد لما يجرى الآن».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة