بالنسبة لجيل كامل لا يمكن أن يمر اسم الراحل العظيم جميل راتب دون أن تمر فى العقول ملامح "جدو أبو الفضل"، هذا الرجل الذى عشنا معه سنوات طويلة من طفولتنا وشبابنا، بكل قدرته على تجسيد الدور ارتبطنا به مثلما ارتبطنا بأجدادنا بطيبتهم المطلقة وتسامحهم وحكمتهم الهادئة التى اكتسبوها من سنوات العمر الطويلة.
عائلة ونيس
ببساطة كان يطل علينا يوميا وسط عائلة ونيس مع الفنان الكبير محمد صبحى ومجموعة الأبناء الذين تغيرت حياتهم بالكامل اليوم، ولكن ما زالت ذكريات "جدو أبو الفضل" عالقة فى أذهانهم مثلما هى مرسومة فى عقولنا جميعا، والفرق أنهم كانوا هم أبطال الحدث..
اليوم نتحدث مع عائلة ونيس عن ذكريات جدو أبو الفضل، حيث كشفوا لنا عن العديد من الأسرار، وعن أسرة أخرى موازية لأسرة المسلسل، كان هو فيها أيضا بطلا رئيسيا ومحورا للأحداث، وجدا حقيقيا للجميع يحمل على عاتقه مسئولية النصح والإرشاد وأيضا الدفاع عنهم ضد غضب الأب، إذا جاء من الفنان الكبير محمد صبحى، ذكريات كثيرة وأسرار أكثر ربما ستعرفونها لأول مرة من حكاوي عائلة ونيس عن "جدو أبو الفضل".
جميل راتب فى كواليس عائلة ونيس
ريم أحمد "هدى".. كان المدافع الأول عنى
كانت الطفلة الأصغر فى العمل، يمكن أن نقول الحفيدة الشقية المدللة من الجد، هكذا شاهدناها فى العمل، ولكن ما لا نعرفه أن هذا أيضا كان الحال فى الكواليس مثلما تحكى ريم أحمد، أو "هدى" كما كنا نعرف اسمها فى المسلسل، وتقول لليوم السابع: "كان طول الوقت هو اللى بيدافع عنى حتى لو الأستاذ محمد صبحى زعل مني كان يدافع عنى ويقوله دية الصغيرة، ونصبر عليها".
وتروى ريم أنه كان سببا رئيسيا للبهجة فى المكان، خاصة حينما ينطق الكلمات العربية بلكنة فرنسية بسبب قضائه جزءا كبيرا من حياته فى فرنسا، وتتابع: "مهما اتكلمنا عن رقيه وحنيته صعب نقدر نوصفها".
ريم احمد فى ونيس
سنوات طويلة قضتها ريم مع جدو أبو الفضل بين المسرح والتلفزيون، تروى عن اختلاف التعامل بين ريم الطفلة الصغيرة وريم الشابة وتقول: "لما كبرنا كان بيتعامل معانا كجنتل مان بمعنى الكلمة، وكان بشوش قوي، كنا عايشين فعلا كعيلة وكنا عايشين الإحساس ده وكان في فى شخصيته الحقيقية كتير من شخصية أبو الفضل وهو كان فعلا شخص مثالى ومحترم وبيحب الناس جدا".
وتتابع: "هيوحشنا آخر مرة شفته كانت فى الجزء السابع من يوميات ونيس، ولما شفته فى مسلسل بالحجم العائلى فرحت قوي أنه مهما كانت حالته المرضية صعبة كان عايز يشتغل وعايز يبقى متواجد ورغم سنه كان شغال لآخر وقت فى حياته".
خلال الإعداد لمسلسل يوميات ونيس
هدى هانى "جهاد".. هو الجد الوحيد الذى أعرفه
"جهاد" هكذ كنا نعرف هدى هانى، الابنة الكبرى لونيس، وأيضا الحفيدة الكبرى لـ"جدو أبو الفضل"، ولكن لا نعرف أن هدى الحقيقية لم تعرف جدا حقيقيا سوى "جميل راتب" الإنسان، تقول: "لما جيت للحياة كان جدودي توفوا، ومعرفتش كلمة جدو إلا منه، كان هو جدو الوحيد اللى أعرفه".
تتابع بصوت يمتلئ بنبرات الحنين لسنوات ماضية: "كنت أول مرة أعرف يعني إيه جدو الحنين قوى اللى بياخد باله مننا كلنا، وكان لو في أي مشكلة مع أستاذ صبحى هو اللى بيتدخل وبيحل، وكان حد رقيق جدا من برة ومن جوة".. تتابع: "درجة حنيته كانت تصل حتى للحشرات، فهو كان يرفض أن يقتل أحد حشرة تمر ويقول "سيبوها تعيش.. وانتم لو نضفتم الأماكن اللى أنتو فيها هى مش هتجيلكم من الأصل".
العلاقة لم تنتهى بنهاية مسلسل ونيس كما تروى: "لما كبرنا كان أى حاجة أعملها حلوة يقولي عليها وأي مشهد حلو يعلقلي عليه وكان دايما يقول البنت دية حلوة قوى.. هو كان واخد الأخلاق العالية جدا من الفرنسيين مع الجزء الشرقى الحنين المتدين والجدع والطيب، فكان نموذج جميل بكل المقاييس".
فى الفترة الأخيرة ظروف المرض أبعدت الأستاذ جميل راتب عن الكثيرين، تتذكر آخر لقاء بينهما وتقول: "كان من 3 أو 4 سنين تقابلنا فى منزل الأستاذ صبحى وكان تعبان ومش قادر يتكلم"، وتنهى حديثها قائلة: "أن تهدى إنسان باقة ورد فى حياته خيرا من أن تضعها على قبره.. أنا مؤمنة بهذه المقولة ولكن الدنيا مع الأسف كثيرا ما تسرقنا من بعضنا والكلام الآن لم يعد له قيمة وكل ما بقى أن ندعو له".
فادى خفاجة "شرف الدين".. استضافني فى منزله سنوات حتى لا أرهق فى مشاوير المسرح والتلفزيون
حكاية أخرى وعلاقة من نوع خاص كانت تجمع فادى خفاجة أو "شرف الدين شرفنطح"، بجدو "أبو الفضل"، سامح كان لا يزال طفلا حينما انضم ليوميات ونيس، التى كانت تصور كمسلسل تلفزيوني وتقدم أيضا على المسرح، ولبعد المسافة بين منزله والمسرح والتلفزيون، كان جدو أبو الفضل يستضيفه يوميا فى منزله بين تصوير المسرحية والتلفزيون حتى لا يرهق، ويقول سامح لليوم السابع: "كان طيبا لدرجة لا توصف، وكان بمثابة الأب لنا جميعا، وكان كريما للغاية وخلال استضافته لى كان يصر أن نتناول الطعام معا".
فادى خفاجة
ويتابع: نقدر نقول إنه كان برنس بمعنى الكلمة، فى يوم كنا فى الصحراء بنصور وبعدما أنهى مشاهده لم يكن هناك شيء لنجلس عليه، فأخرج مجموعة من الكراسى الفاخرة من سيارته كان ثمن الواحد منهم يتعدى الألف جنيه وهذا كان مبلغا كبيرا فى ذلك الوقت، وتركهم جميعا لنا ورفض أن يأخذهم وحتى الآن أحتفظ بهذا المقعد".
يوميات ونيس
ويحكى شرف الدين بلهجة لا تخلو من الحنين:" فى هذا الوقت أيضا لم يكونوا يضعوا لنا كرافانات فى الصحراء فنحن لم نكن نجوم، وكان يقوم بتشغيل التكييف فى سيارته لأربع وخمس ساعات ويجعلنا نجلس فيها، وإذا قدموا له طعام مختلف عننا باعتباره نجما كان يرفض ذلك بشكل كامل، ويجمعنا فى حجرته ويطلب منهم أن يحضروا لنا نفس الطعام، كان إنسان ما بعد الإنسان وراجل دماغه حلوة وسخى وكريم جدا وعمر ما حد طلب منه حاجة ومعملهاش، وكان يفعل أشياء النجوم الذين يتقاضوا أجور أكبر منه لا يفعلوها معنا من حيث الكرم والجدعنة والطيبة".
سامح صفوت "عز الدين": كان جدى الحقيقى.. وهو الجميل اسما وخلقا وروحا
"عز الدين" هو الابن الأكبر الذى ارتبطنا به، أو سامح صفوت، الفنان والإعلامى، يقول إن الراحل الكبير جميل راتب كان بمثابة "الجد بجد"، وكان يجب أن يكرم فى حياته بالقدر الكافى، فمع الأسف نحن لدينا الكثير من النجوم والنجمات الذين لا يحظون باهتمام أو تكريم سوى بعد وفاتهم وهذا مؤلم.
سامح صفوت فى مشهد مع الفنان الكبير جميل راتب
ويتابع: "كان إنسانا قبل أى شيء، ففنه لا يمكن أن نجادل أو نتحدث بشأنه، ولكن على المستوى الإنسانى كان إنسانا لأبعد الحدود، أنا ربطتنى به علاقة خاصة وكنت أزوره دائما فى منزله فى الزمالك، ولم أعاشر جدى وأقضى معه وقت مثلما قضيت وقت مع الجميل جميل راتب، ولم أر إنسانا يجتمع الناس على حبه بتلك الطريقة غيره، وعلاقتى امتدت معه لأكثر من 22 سنة.. وهو الجميل اسما وخلقا وروحا وفنا وربى أجيال على جمال الخلق والروح".