شكّل الاستعراض جزءا أصيلا من تاريخ السينما المصرية، خاصة فى مرحلة الأربعينيات والخمسينيات، إذ لاقى رواجًا جماهيريًا كبيرا، ولا ننسى أن فيلم "أنشودة الفؤاد" الذى صدر عام 1931 وهو أول فيلم مصرى ناطق كان فيلمًا غنائيًا، وحتى نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات لا يكاد يخلو فيلم مصرى من أغنية أو رقصة.
فرقة رضا
فى السنوات الأخيرة دخلت السينما فى طور جديد اعتمد على الكوميديا والأكشن، على حساب الأعمال الاستعراضية الموسيقية التى تراجعت بشكل كبير إلى حد اختفائها نهائيا، وأرجع أهل الصنعة اندثار هذا النوع من الأفلام لأسباب، أولها:
1 - قلة الكفاءات الفنية المتخصصة
يحتاج العمل الاستعراضى إلى فريق عمل متميز فى العناصر الفنية المختلفة مثل الموسيقى والحركة الأدائية والصوت والرقص والديكور والإكسسورات والأزياء، وهذا شىء نادر الوجود فى العاملين بالسينما حاليًا، لذلك فقدت الأفلام متعتها وبهجتها، فالوسط الفنى الآن يفتقد لنموذج مثل محمود رضا الذى كون أول فرقة خاصة بالفنون الشعبية بالاشتراك مع فريدة فهمى، وقدما أفلاما كتبت تاريخا للفيلم الاستعراضى المصرى، فنحن الآن تفتقد النجم الذى يجيد التمثيل والرقص والغناء بالإضافة إلى عدم وجود مؤلفين متخصصين فى كتابة الأفلام الاستعراضية، إذ يفضل معظم الكتاب الدراما والكوميديا.
2 - ارتفاع التكلفة الإنتاجية
يكلف الفيلم الاستعراضى ميزانيات ضخمة تمثل عبئا كبيرا على المخرجين حتى يخرج بالشكل اللائق، ربما يحتاج الأمر إلى تعاون أكثر من جهة لإنتاج عمل استعراضى على مستوى عال، كتعاون المؤسسات الثقافية والآثار والشباب والرياضة لدعم تلك الأفلام، كما كانت الهيئة العامة للسينما تدعم الأفلام الاستعراضية فى الماضى .
3 - عدم تحقيق الأفلام الاستعراضية لإيرادات
تجنب المنتجون الأعمال الاستعراضية الغنائية بدعوى عدم إقبال الجمهور عليها، إذ تحول ذلك النوع من الأفلام إلى ما يشبه المغامرة الفنية، ربما كانت التغيرات الاجتماعية سببا فى تغير ذوق المشاهد لذلك يفضل المنتجون "اللعب فى المضمون"، واستثمار نقودهم فى أفلام الكوميديا أو الأكشن، إلا أنه فى النهاية لم يجد المشاهد الأفلام الاستعراضية من الأساس ليقبل عليها أو يتجنبها.
4 - مشكلات متعلقة بالتقنية
تحتاج الأفلام الموسيقية والاستعراضية تكنولوجيا عالية فى التصوير والمونتاج لمواكبة أحداث التقنيات العالمية، إذ واجهت تلك الأفلام أزمة عدم تزامن الصوت مع الصورة، ويستخدم مخرج العمل أكثر من كاميرا عند تصوير الأغانى والاستعراضات، ودور المونتير هنا مهم للغاية لتجنب هذه المشكلة.
وعن أشهر الأعمال الغنائية الاستعراضية فى السينما المصرى:
"غرام فى الكرنك"
اعتمد على الرقصات الكلاسيكية والفلكور الشعبى ليعبر عن مختلف بيئات، وهو أول فيلم مصرى ملون يقع تحميضه داخل مصر فى 1967، اشترك فيه أعضاء فرقة رضا للفنون الشعبية، والتى قدمت أيضا فيلم "إجازة نصف السنة".
اشترك فى الفيلم الفنان محمد العزبى ومصمم الرقصات مثل حسن عفيفى، وفى التمثيل مشيرة إسماعيل وهناء الشوربجى، وتعتبر أفلام فرقة رضا للفنون الشعبية علامة فريدة فى السينما المصرية.
تدور أحداثه فى إطار استعراضى كوميدى، حول حلم البطلة "أمينة" فى أن تصبح واحدة من أعضاء فرقة للرقص الاستعراضى، وبينما يحاول الجميع حل مشكلات الفرقة المادية وتقديم أول أعمالهم فى مسرح معبد الكرنك بالأقصر، يربط الحب بينها وبين "صلاح" مدير الفرقة وراقصها الأول، لكنه يعتقد أنها تحب شخصا آخر، فيتظاهر أن ما يجمعهما علاقة عمل فحسب.
مولد يا دنيا
يُعد فيلم "مولد يا دنيا" من أبرز الأفلام الاستعراضية التى عرضت عام 1967، تدور أحداثه حول مجموعة من المواهب الشابة، الذين يستغلهم رئيس عصابة سرقات فى أعماله المشبوهة، بينما يحاول أحد المواهب "محمود ياسين" انتشال أصدقائه من بركة الظلام نظرًا لإيمانه الشديد بموهبتهم، ليقدمهم للجمهور على مسرح استعراضى.
وتضمنت أحداث الفيلم، العديد من الاستعراضات الغنائية الراقصة أبرزها: "المولد، وتعالى جنبى، وشبيك لبيك، ويهديك يرضيك، وزمان، وكان ياما كان، وحبيتك، ويمكن على باله، ويا قوي، ويالا يا دنيا".
كريستال
أحد أقوى الأفلام الاستعراضية فى تاريخ السينما المصرية، إذ يمثل الفيلم البطولة الأولى لملكة الاستعراض الفنانة شيريهان.
وتدور أحداث الفيلم الذى عرض فى العام 1993، حول "ندى" نجمة الاستعراض التى تمنعها إصابتها من ممارسة الرقص، فتبحث عن راقصة جديدة تكون هى بطلة الفرقة بدلاً منها، وبالفعل تجدها ترقص فى إحدى الموالد فتعحب بها وتقرر تدريبها، مما يثير غيرة باقى أعضاء الفرقة.
ومن أبرز استعراضات الفيلم: "أفط وأنط، وزى العسل، ومستحيل، ولعبة حب".
خلى بالك من زوزو
زوزو "سعاد حسنى" فتاة نشأت فى شارع الفنانين والراقصات "محمد على" بالقاهرة، والدتها "نعيمة ألماظية" - تحية كاريوكا - من أشهر راقصات الشارع، تقيم الأفراح فى جميع ربوع مصر، تصطدم طموحات الفتاة الجميلة التى ورثت الرشاقة وخفة الدم من أمها مع طبقية المجتمع الذى يرى أن الراقصات فى طبقة أسفل من الجميع.
أهم لوحات هذا العمل كانت أغنية "يا واد يا تقيل"، التى صارت أيقونة فى الكلمات والألحان والقصة وتعبيراتها وباتت مثلا مصرياً خالصاً، وظهرت فيها السندريلا سعاد حسنى بأكثر من زى بعيدا من أزياء الاستعراض المعتادة، من ملابس الخروج إلى ملابس البيت العادية، والزى الإنجليزى "البحارة" مع كوبليه "عنده برود" .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة