المريض الإنجليزى.. رواية حققت الكثير من الشهرة المعنوية والمادية لمؤلفها الكاتب السيرلانكى مايكل أونداتجى، منذ أن فازت بجائزة مان بوكر فى عام 1992، وتحويلها إلى فيلم سينمائى فى عام 1996، ثم فازت بجائزة مان بوكر الذهبية 2018، وهى الجائزة التى تم إطلاقها بمناسبة مرور 50 عاما على إطلاق الجائزة الأشهر المخصصة للرواية.
وبعد فوز مايكل أونداتجى بجائزة مان بوكر مرتين، وصلت روايته الأحدث وارليت Warlight إلى القائمة الطويلة فى الجائزة نفسها لعام 2018، الأمر الذى دفع البعض من متابعى الجائزة بتوقع وصولها إلى القائمة القصيرة على الأقل، إلا أن نتيجة القائمة التى أعلنت يوم الخميس، 20 سبتمبر هزمت هذه التوقعات.
من البديهى أن الروايات التى تصل إلى القائمة الطويلة والقصيرة، والرواية الفائزة بالجائزة هى تعبير عن ذائقة أعضاء لجنة التحكيم، لكن بالنظر إلى كاتب بحجم مايكل أونداتجى وخروجه من المنافسة فإن هناك بعض الإشارات ربما تفسر للقارئ الأسباب هزيمة مؤلف "المريض الإنجليزى" وخروج روايته وارليت Warlight التى تدور أحداثها فى لندن من المنافسة.
مايكل أونداتجى.. العائش فى زمن الحرب العالمية الثانية
أول هذه الإشارات هى أن مايكل أونداتجى فى رواية وارليت Warlight عاد مرة أخرى إلى زمن الحرب العالمية الثانية (1 سبتمبر 1939 – 2 سبتمبر 1945)، فإذا كانت أحداث رواية "المريض الإنجليزى" تدور فى صحراء مصر، أثناء الحرب العالمية الثانية، فإن رواية وارليت Warlight تدور فى لندن، وتحديدا فى عام 1945 لترصد معاناة الإنسانية، وذلك بخوضه فى تفاصيل الحرب العالمية الثانية، ومعاناة العاصمة البريطانية، لندن، منقبا فى الذاكرة الإنسانية عن الحياة المثيرة المليئة بالعنف والحب والمكائد والرغبة.
فى هذا السياق نشير إلى ما قالته لجنة تحكيم جائزة مان بوكر 2018 عن الروايات الستة التى وصلت إلى القائمة القصيرة، وما تتمتع به هذه الروايات من "معجزة أسلوبية" تأخذ القارئ إلى عوالم جديدة، الأمر الذى ربما يكون مفسرا لاستبعاد رواية وارليت Warlight من القائمة القصيرة.
من المعروف أن من بين الأمور التى تكسب الجوائز الأدبية شهرة عالمية، هو أنها تراعى معيار الكم كما تراعى أيضًا معيار الكيف، ويتمثل معيار الكم فى عدد الأصوات الروائية التى تضاف إلى رصيدها، فى مقابل الكيف الذى يبرز قيمة الروايات الفائزة بها.
فى هذه الحالة، إذا ما نظرنا إلى أحداث رواية المريض الإنجليزى وكذلك رواية وارليت Warlight، سنجد أنها ترتبط بزمن الحرب العالمية الثانية، وسنجد أن الكاتب فاز بالجائزة مرتين عن الرواية الأولى، ثم عاد إلى نفس الزمن مع تغيير المكان، فاستحق من وجهة نظر أعضاء لجنة التحكيم الإشارة إلى الرواية، من خلال وصولها إلى القائمة الطويلة، ناهيك عن كم الروايات التى تناولت زمن الحرب العالمية الثانية ووصلت إلى قوائم جائزة مان بوكر.
ومن هنا، فإن السؤال البديهى الذى يطرح نفسه: هل ينبغى على متابعى الجائزة العيش فى زمن الحرب العالمية الثانية فقط؟ أم أنه على الجوائز الأدبية أن تكتشف الأصوات الجديدة والعوالم الجديدة أيضًا لتقدمها إلى القارئ.
وفى النهاية، تبقى هذه الرؤية مجرد آراء ربما يتفق معها أو يختلف البعض حولها، خاصة أن هزيمة مايكل أونداتجى فى معركة مان بوكر 2018 لا تعنى خسارته لجمهوره وهزيمة أدبه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة