بدأ فى أسواق شمال سيناء ظهور أهم منتج محلى فى هذا الوقت من كل عام وهو "العجوة السيناوية"، لتؤكد تحدى سيدات شمال سيناء القائمات على صناعة العجوة، وإصرارهن على إحياء هذا الموسم المتوارث .
ففى منطقة المساعيد الكائنة غرب مدينة العريش، أكبر مدن محافظة شمال سيناء على ساحل البحر المتوسط، وأهم مناطق زراعة النخيل فى المحافظة، اعتاد الأهالي من المزارعين الإقامة فى موسم جني البلح تحت جذوع النخيل فى أماكن تعد خصيصًا لجمع البلح وتجهيزه.
وتعد عائلة الشوربجى، من بين عائلات تتوارث سيداتها ورجالها، مهنة صناعة العجوة فى شمال سيناء، كما يقول الباحث السيناوى محمود الشوربجى أحد أبناء العائلة، موضحًا أن منطقة غرب العريش تعتبر حوض زراعة نخيل منذ القدم، ومنطقة المساعيد من أحد أهم مناطق زراعته.
وأضاف أن الأهالى اعتادوا فى مثل هذا العام حيث موسم جنى البلح، القيام بصناعته بطرق تقليدية لا تزال متوارثة، تتمثل فى جمع البلح من أعالى النخيل، والبدء فى التقاط حبات الرطب، ثم قطع قنو البلح، ويجمع فى مكان مخصص لصناعة العجوة يسمى مشرة وهى عبارة عن ساتر من جريد النخيل مربع، وداخلة فرش من جريد النخل، وعليه تتم عملية شق البلح وتجفيفه، ثم عجنه ليصبح مكون عجوة تترك لعدة أيام تحت حرارة الشمس حتى تجف، وتعبأ فى عبوات زنة كيلو جرام .
ومن بين السيدات البدويات القائمات على صناعة العجوة فى مدينة العريش، "أم سليمان"، وهى سيدة سبعينية، تبدو فى كامل نشاطها، وهى تلتقط حبات الرطب من بين كومة بلح، وتضعها فى وعاء تسكب عليه الماء ثم تبدأ فى عجنها بين يديها بمهارة.
وتقول "أم سليمان"، إنها تمارس مهنة صناعة العجوة منذ أن كانت فى سن العاشرة من عمرها وتوارثتها عن جدتها.
وأردفت أنها من عائلة تملك حوض نخيل فى منطقة غرب العريش، ويحضرون خلال شهر أغسطس لبناء مكان تجميع البلح وصناعته، ويبدأون العمل نهاية أغسطس حتى منتصف أكتوبر، ويعودون بكميات من العجوة، يحتفظون بجزء منها لمعيشتهم وآخر للبيع فى السوق.
وأردفت أن الصناعة تغيرت حيث كانوا قبل عشرات السنين لا يهتمون بتحديد وزن الكميات وحاليًا يحرصون على التصنيع بكمية محددة واحد كيلو لكل عبوة، فضلاً عن إدخال إضافات على العجوة مثل السمسم والمكسرات وغيرها من مقبلات الطعم.
وأوضح المهندس عاطف مطر وكيل وزارة الزراعة بشمال سيناء، أن أراضى شمال سيناء غنية بثروة محصول النخيل ويزرع فى مناطق المحاذية لساحل البحر المتوسط من رفح شرقًا مرورًا بمناطق الشيخ زويد والعريش وبئر العبد.
وقال إن الصناعات القائمة على إنتاج النخيل، العجوة والتمور وإعلاف الحيوانات من البلح المجفف.
وقال المهندس سامى الهوارى، رئيس جمعية خاصة بتنمية المجتمع، بمنطقة بئر العبد، إنهم عن طريق جمعيات داعمة وكليات زراعية متخصصة نفذوا خلال الفترة الأخيرة برامج تدريبية لعدد كبير من سيدات قرى بئر العبد على إنتاج البلح وفق طرق حديثة، وطرق التغليف والتسويق وهذا ساهم فى فتح باب رزق ودخل جديد أمام كثير من الأسر التى لم تكن تستفيد من ثروتها فى زراعة النخيل بشكل جيد.
وقال حسن سلامة، أحد المهتمين وأصحاب مزارع نخيل فى منطقة بئر العبد، إنهم يعتبرون أن حظهم فى التسويق لا يزال متعثرًا، حيث لا يوجد تصريف مثلا لبيع إنتاج النخيل من البلح والتمور والعجوة، ولا يزال مزارع النخيل السيناوى ضحية استغلال التجار، رغم تحمله أعباء كثيرة فى الزراعة وتوفير السماد وخدمة النخيل .
أضاف أنه وكل المزارعين يأملون فتح مصنع متخصص للاستفادة من إنتاج النخيل وإعادة تهيئة إنتاج السيدات فى المزارع من عجوة البلح السيناوى المميزة.