توترت العلاقات العسكرية بين روسيا وإسرائيل سريعا، بعد تعمد جيش الاحتلال إسقاط طائرة عسكرية روسية من طراز "ايل 20" بتخفى 4 مقاتلات تابعة له خلفها أثناء تحليقها فوق الأراضى السورية نهاية الاسبوع الماضى مما أدى إلى ضربها من جانب النيران السورية.
وأبلغ الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، مساء اليوم الإثنين، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه يرفض الرواية الإسرائيلية حول حادث إسقاط الطائرة الروسية فى سوريا، مركزا "تحديدا على ما قام به" الجيش الإسرائيلى، بحسب بيان للكرملين.
وشدد بوتين خلال اتصال هاتفى مع نتنياهو على أن قرار موسكو بتعزيز منظومة الدفاع الجوية السورية هو "فى محله بالنظر إلى الوضع ويهدف قبل كل شىء إلى تجنب أى تهديد محتمل لحياة الجنود الروس".
من جهة أخرى، أفادت مصادر لقناة I24news الإخبارية الإسرائيلة، أن نتنياهو طلب من بوتين عقد لقاء قمّة ثنائى على خلفية التطورات الأخيرة بين البلدين، وتشير المصادر إلى أن بوتين لم يردّ بعد على هذا الطلب.
وقال بيان صادر عن الكرملين بعد المحادثة، إن "موسكو وتل أبيب واصلتا مناقشة ملابسات حادث إسقاط الطائرة الروسية، آخذا بعين الاعتبار أن المعلومات التي قدمها العسكريون الإسرائيليون عن عمليات سلاح الجو الإسرائيلى فوق الأراضى السورية تتناقض مع استنتاجات وزارة الدفاع الروسية".
ووفق بيان الكرملين، فإن بوتين أكد لنتنياهو أن "الجانب الروسى ينطلق من أن تصرفات الطيران الإسرائيلي بالذات أصبحت السبب الرئيسى للمأساة"، ووصف بوتين توريد منظومة إس 300 الى سوريا "بأنها تهدف إلى حماية العسكريين الروس الذين يحاربون الإرهاب الدولى".
وكان قد أكد سيرج شويجو، وزير الدفاع الروسى، اليوم الإثنين، أن موسكو ستسلم منظومة "إس 300" إلى سوريا خلال أسبوعين، وذلك على خلفية حادث إسقاط الطائرة فى اللاذقية، مضيفا أن هذه الحادثة أجبرت روسيا على اتخاذ خطوات بهدف تعزيز أمن قواتها فى سوريا.
وتابع بالقول، "إنه وبإيعاز من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ستتخذ موسكو ثلاث خطوات أولها تسليم منظومة إس 300. وبين أن الخطوة الثانية تتمثل فى تجهيز المراكز القيادية لقوات الدفاع الجوى السورية بنظام آلى للتحكم موجود حصريا لدى الجيش الروسى، مما سيضمن الإدارة المركزية على جميع الدفاعات الجوية السورية، وتحديد جميع الطائرات الروسية فى الأجواء، أما الخطوة الثالثة فهى إطلاق الجيش الروسى تشويشًا كهرومغناطيسيًا بمناطق البحر المتوسط المحاذية لسواحل سوريا بهدف منع عمل رادارات واتصالات الأقمار الصناعية والطائرات أثناء أى هجوم مستقبلى على سوريا".
ويأتى هذا الإعلان بعد أسبوع من توجيه الوزارة الاتهام لإسرائيل بالتسبب بشكل غير مباشر فى إسقاط طائرة عسكرية روسية فى سوريا، ما أدى إلى مقتل 15 عسكريا روسيا.
وقال شويجو، إن "إس-300" قادرة على اعتراض وسائل الهجوم الجوى على بعد أكثر من 250 كم، كما تتمكن من إصابة عدة أهداف جوية فى آن واحد، مؤكدا أن تغير وضع "إس-300" لم يكن ذنب روسيا، منوها إلى أن روسيا اضطرت إلى اتخاذ الرد المناسب، من أجل حماية قواتها فى سوريا.
منظومة صواريخ روسية
وقال: "الطواقم الإسرائيلية كانت على علم بالوضع الجوى وقد استخدمت الطائرة الروسية كغطاء، ما أدى إلى مقتل 15 عسكريا"، مضيفًا: "أجبرنا ذلك على اتخاذ الإجراءات الجوابية المناسبة من أجل تعزيز أمن العسكريين الروس، الذين يؤدون مهام مكافحة الإرهاب الدولي فى سوريا".
وأشار شويجو إلى أن روسيا كانت قد أوقفت تسليم سوريا منظومات "إس-300" فى عام 2013، بطلب من إسرائيل، بعد أن كانت جاهزة للتصدير، وقد اجتاز العسكريون السوريون التدريبات، مشددًا أن روسيا ستضطر للرد المناسب للوضع، حال لم تهدئ التدابير الروسية بعد تحطم "إيل-20" من "الرؤوس الساخنة"، فى إشارة إلى منظومة الصواريخ اللمتطورة.
فيما قال سفير سوريا فى موسكو رياض حداد، إن بلاده فى حاجة إلى المنظومة لحماية أراضيها من الهجمات الإسرائيلية، وأضاف فى سياق حديث لموقع سبوتنيك إن سوريا تملك حق حماية أراضيها واستخدام كافة الوسائل الممكنة لتحقيق ذلك.
ودخلت الولايات المتحدة الأمريكية على خط الأزمة فى محاولة منها لحماية إسرائيل حليفها التاريخى من غضب الروس، حيث حمّل جون بولتون، مستشار الأمن القومى الأمريكى، اليوم الإثنين، إيران مسؤولية الهجمات على سوريا ولبنان وإسقاط الطائرة الروسية فى سوريا، زاعما بأن خطط روسيا إمداد سوريا بنظام إس-300 الصاروخى، سيمثل تصعيدا خطيرا من موسكو، وتابع قائلاً: "نأمل أن تعيد روسيا النظر فى بيع الصواريخ لسوريا".
فيما قالت مصادر عسكرية إسرائيلية، إن إسرائيل لم تفاجأ من تحميلها المسؤولية الكاملة عن إسقاط الطائرة، لافتة إلى أن هذه الخطوة تندرج فى إطار إعطاء القياديين الميدانيين الروس فرصة للتعبير عن غضبهم وحفظ ماء الوجه.
وفى المقابل، رفض جيش الاحتلال الإسرائيلى الاتهامات التى نشرتها وزارة الدفاع الروسية أمس الأحد، فى موسكو بشأن إسقاط الطائرة الروسية بسماء اللاذقية الأسبوع الماضى.
وجاء فى بيان عسكرى أن التقرير الذى أعده الجيش الإسرائيلى وتم عرضه على قيادة الجيش الروسى، كان مهنيا ومفصلا، على حد قوله.
وبحسب البيان الذى نشرته هيئة البث الإسرائيلى "مكان"، فان التفاصيل الكاملة والدقيقة والواقعية معروفة للمسؤولين فى الجيش الروسى.
وقال مراسل هيئة البث الإسرائيلى، إن هذه التفاصيل تدل بوضوح على أن آلية منع الاحتكاك عملت وفى الوقت، وان مقاتلات سلاح الجو لم تحتم خلف اية طائرة، على حد زعمه.
وزعم جيش الاحتلال، أن المقاتلات كانت فى الأجواء الإسرائيلية حينما أصابت نيران المضادات السورية الطائرة الروسية.
وشدد البيان على أن التنسيق مع الجيش الروسى أثبت نفسه مرات كثيرة خلال السنوات الأخيرة، وأن استمرار التنسيق يصب فى مصلحة الجانبين، لافتًا إلى أنه سيواصل العمل بموجب توجيهات المستوى السياسى، حيال محاولات إيران المستمرة للتموضع عسكريا فى سوريا، وتسليح حزب الله بوسائل قتالية متطورة، على حد قوله.