ذات ليلة صيفية وأنت طفل عندما استلقيت فوق سريرك سارحا فى سقف الغرفة وتلك المروحة التى تدور وتدور فى سرعة ورتابة، ينتابك شعور غريب مرعب يجعل جلدك يقشعر، حيث تظن أن بين لحظة وأخرى ستنفصل المروحة من السقف وتنقض بسرعتها مطيحة برأسك، محدثة إصابات فى الموجودين فى الغرفة، تفننت أنت بمخزونك من أفلام الرعب أن تجعلها إصابات مبتكرة وفادحة.. وكلما أمعنت التحديق هٌيئ لك أن المروحة تترنح وعلى وشك الانفصال.
ذلك المشهد الدموى الذى تضحك منه الآن ومن سذاجة تفكيرك ما زلت تمارسه حتى اليوم! وينغص عليك حياتك، حيث تضع سيناريوهات غير محتملة الحدوث تقض مضجعك وتؤرق ليلك.. رغم أنها غير قابلة للحدوث، وضعتها كلها نتيجة موروثك الثقافى وطريقة تربيتك، والأخطر (كلام وتوقعات الآخرين لردود فعلك).
فانت فى المشهد السابق غرقت فى أوهام ليس لها أساس أثرت على حالتك النفسية.. نفس الشىء ما زلت مستمرا فى فعله يا عزيزى عندما اخترت أن تستجيب لما يحدث حولك ويحدد كثيرا من شخصيتك.. ويفرض عليك تصرفاتك. وردود فعلك.
فأنت يا عزيزى لست توقع الناس لك.. ولست ما يقوله الناس عنك.. ولست ما تتمنى فعله.. ولست ما تريد أن تقوله.. ولست أوهامك أو أحلامك.. ولست ما تريد أن تفعله..
أنما أنت الآن الكتب التى تقرأها، والأفلام التى تشاهدها، والموسيقى التى تستمع إليها.. وأنت كلماتك التى خرجت من فمك ولست ما تقصده من ورائها.. وأنت الأشخاص الذين تقضى وقتك معهم، وأنت المحادثات والأفكار التى تتبادلها مع الآخرين.
أنت رائع يا عزيزى.. قوى ومرح وتتمتع بالثقة ويمكن الاعتماد عليك لا تسمح لأحد أبدا أن يغذى عقلك بعكس ذلك.. لا تدع موروثك الثقافى والبيئى يفرض عليك ما تفعله وما لا تفعله.. دعهم يقولون واستمر أنت فى العمل.
وتأكد أن الشخص الوحيد الذى لن يخذلك ولن يتركك وسيساعدك بكل ما أوتى من قوة وسيستمر معك حتى النهاية هو أنت، لذلك عزيزى لا تتوقف عن النمو.. عن التعلم.. عن اكتساب الخبرات.. لذلك صديقى عندما تنظر لا تنظر إلى السقف ولكن انظر إلى السماء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة