أودعت محكمة النقض أسباب حكمها الصادر فى مارس الماضى، برفض طعن النيابة العامة وتأييد حكم محكمة جنايات الجيزة بتبرئة وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، ليصبح الحكم نهائيا وباتا، وذلك فى القضية التى اتهم فيها بتحقيق كسب غير مشروع قيمته 9 ملايين و813 ألف جنيه.
وصدر الحكم برئاسة المستشار نبيل الكشكى نائب رئيس محكمة النقض، وعضوية المستشارين حسام خليل ومحمد عبده صالح، وعلى سليمان ومحمد أباظه نواب رئيس محكمة النقض.
واستعرضت المحكمة ما جاء بحكم الجنايات المطعون فيه، والذى استند إلى أصل البراءة وفقا لأحكام الدستور، وخلو أوراق القضية من دليل على استغلال فاروق حسنى صفته الوظيفية فى تحقيق كسب غير المشروع، فضلا عما شهد به عضو هيئة الرقابة الإدارية من أن "حسني" كون ثروته من بيع لوحاته ومن عمله وزيرا للثقافة ومديرا للأكاديمية الفنية بروما وملحقا ثقافيا بفرنسا، وما شهد به مفتش جرائم الأموال العامة من أن تحرياته لم تتوصل إلى أن ممتلكات الوزير الأسبق ناشئة عن كسب غير مشروع.
وقالت المحكمة، فى أسباب حكمها، "إن قانون الكسب غير المشروع نص فى الفقرة الثانية من المادة الثانية على أن "تعتبر بسبب استغلال الخدمة أو الصفة أو السلوك المخالف، كل زيادة فى الثروة تطرأ بعد تولى الخدمة أو قيام الصفة على الخاضع لهذا القانون أو على زوجه أو أولاده القصر، متى كانت لا تتناسب مع مواردهم وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها".
وأشارت محكمة النقض إلى أن هذا النص أقام قرينة مبناها افتراض حصول الكسب غير المشروع بسبب استغلال الخدمة إذا طرأت زيادة فى ثروة الخاضع لا تتناسب مع موارده، ومتى عجز عن إثبات مصدر مشروع لها، ونقل إلى المتهم عبء إثبات براءته، وكلاهما أمر لا يجوز مخالفته للمبادىء الأساسية المقررة فى الدستور، وأحكام المحكمة الدستورية العليا، وأحكام محكمة النقض.
وأوضحت المحكمة أن الدستور أكد أن الأصل فى المتهم البراءة، وأن إثبات التهمة بحقه يقع على عاتق النيابة العامة، والتى عليها وحدها عبء تقديم الدليل، ولا يلزم المتهم تقديم الدليل على براءته، كما لا يملك المشرع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو ينقل عبء الإثبات إلى عاتق المتهم.
وأكدت محكمة النقض أنها انتهت فى أحكام سابقة لها إلى إهمال وعدم إعمال النصوص التشريعية المشابهة، لمخالفتها للدستور.. كما انتهت المحكمة الدستورية العليا إلى القضاء بعدم دستورية مثل تلك النصوص لمخالفتها أيضا للدستور.
وأضافت المحكمة أن التزام حكم محكمة الجنايات المطعون فيه، هذه الرؤية على نحو ما أورده الحكم، أصاب صحيح القانون، ومن ثم يكون ما تثيره النيابة العامة، فى طعنها على حكم البراءة، غير مقبول.
واستعرضت محكمة النقض، فى حكمها، مجموعة من الأحكام الصادرة عنها وعن المحكمة الدستورية العليا، والتى صدرت فى شأن نصوص تشريعية مشابهة تحمل مخالفة لقاعدة (أصل البراءة) المنصوص عليها فى الدستور ونقلت عبء الإثبات إلى المتهم.
وذكرت محكمة النقض، ردا على ما ورد بطعن النيابة العامة من أسانيد على حكم الجنايات بالبراءة، أن العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع المحكمة بالأدلة المطروحة عليها، ولا يصح مطالبتها بالأخذ بدليل معين، وأن لها أن تجزم بما لم يجزم به الخبير الفنى فى تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك وأكدتها لديها، على النحو الوارد بهذه القضية.
وأشارت إلى أنه لا يعيب الحكم أن تكون محكمة الموضوع (الجنايات) قد أغفلت الرد على بعض أدلة الاتهام، إذ أنها غير ملزمة فى حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت، ما دام أنها قد رجحت دفاع المتهم أو استشعرت الريبة والشك فى صحة عناصر الإثبات، لأن فى إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمنا أنها طرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المطعون ضد.
وكانت محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمدى قنصوه قد سبق وأصدرت حكما ببراءة فاروق حسنى فى شهر يناير 2013 فى القضية التى اتهم فيها بتحقيق كسب غير مشروع، غير أن النيابة العامة قامت بتقديم طعن أمام محكمة النقض على حكم الجنايات ببراءة فاروق حسنى، لتصدر المحكمة حكمها المتقدم برفض الطعن وتأييد البراءة.