سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 سبتمبر 1901.. عرابى يبيت فى منزل الشيخ النجارى بعد عودته من المنفى.. ومحافظ السويس يتجاهله بعد أن كان فى صفوف ثورته

الأحد، 30 سبتمبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 سبتمبر 1901.. عرابى يبيت فى منزل الشيخ النجارى بعد عودته من المنفى.. ومحافظ السويس يتجاهله بعد أن كان فى صفوف ثورته أحمد عرابى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دخلت السفينة إلى ميناء السويس فى غروب يوم 29 سبتمبر 1901 وعليها الزعيم أحمد عرابى وحاشيته البالغ عددها 21 شخصا.. بات الجميع ليلتهم فى السفينة، ثم قضوا يوم 30 سبتمبر «مثل هذا اليوم 1901» فى بيت أحد الشيوخ، وفى يوم 1 أكتوبر غادر عرابى ومن معه السويس ووصلوا إلى القاهرة قبل الغروب، حسبما يؤكد فى مذكراته «كشف الستار عن سر الأسرار فى النهضة المصرية المشهورة بالثورة العرابية- دراسة وتحقيق الدكتور عبدالمنعم إبراهيم الجميعى».
عاد عرابى من منفاه بجزيرة سيلان بعفو أصدره الخديو «عباس الثانى» فى مايو 1901، وبلغت فترة المنفى تسعة عشر عاما إلا شهرين كانت هى الأطول بين زملائه قادة الثورة المنفيين معه منذ 28 ديسمبر 1882، بعد محاكمتهم على أثر فشل الثورة بالهزيمة العسكرية التى تكبدها الجيش على أيدى القوات الإنجليزية فى التل الكبير يوم 13 سبتمبر 1882، وأدت إلى احتلال مصر حتى عام 1954.
عاد «عرابى» بعد أن عانى من وجع الغربة، وأمراض الجسد، وألم البعاد عن بلده الذى حلم له بالحرية والاستقلال.. كان فى المنفى يتذكر أيامه فى مصر، تلك الأيام التى كان فيها صاحب القول والفصل، وبلغ درجة تأثير يصفها «محمود الخفيف» فى كتابه «أحمد عرابى- الزعيم المفترى عليه» قائلا: «مصر التى كانت كلها فى قبضته، والذى خلعت الأمة طاعة الخديو توفيق لتطيعه فى الدفاع عن وطنه، والذى أيده السلطان العثمانى وراسله، والذى لم تجد إنجلترا بدا من إعداد حملة تحاربه وتحارب مصر المتوثبة فى شخصه».
كان الاحتلال الإنجليزى هو وجع مصر المتواصل منذ نفى عرابى، وتجسد هذا الوجع فى إجراءات ومظاهر يوضحها الخفيف قائلا: «عمل الاحتلال فى هذه السنين الطويلة على مد جذوره وبسط فروعه، على الرغم من وعوده المتكررة بالجلاء، بل يفضل هذه الوعود التى لم يكن يقصد بها إلا خدعة المسؤولين.. لم تكد تمضى خمسة أشهر على دخول الإنجليز مصر حتى تمت لهم السيطرة على الجيش والشرطة.. أما جيش الثورة فقد حله توفيق بجرة قلم بتهمة العصيان، وأحل الاحتلال محله جيشا جديدا هزيلا فى قبضة سرادار، وأما الشرطة، فقد عين رئيس عام لهم من البريطانيين كان له سلطة الإشراف التام عليهم، وسيطر الإنجليز على الشؤون المالية، وذلك بأن ألغوا الرقابة الثنائية، وعينوا مستشارا عاما ماليا إنجليزيا فى أوائل سنة 1883 لا يبرم أمرا من الأمور يتصل بالمال إلا بإذنه، وقبض الإنجليز على ناصية الحكم والإدارة، فكان لكبار موظفيهم وصغارهم فى الدواويين الكلمة العليا، والجاه والهيبة، تكفى كلمة من أحدهم لنقض أى أمر لأى وزير إنجليزى».
يؤكد «الخفيف»: «قضى الاحتلال على كل شىء، وجعل همه بث هيبة إنجلترا فى نفوس المصرييين، والقضاء فى عنف على أى محاولة لبعث الروح الوطنية مهما كان من ضآلتها، وألقيت مقاليد الأمور إلى كرومر «المعتمد البريطانى فى مصر»، أحد بناة الإمبراطورية وأحد أساطين الاستعمار.. كان دعاة الاحتلال وألسنته يلقون فى روع الناس أن حركة عرابى لم تكن إلا عصيانا أهوج بعثه الطمع الشخصى.. وأنه لولا أن تداركت إنجلترا البلاد من فوضى هذا العصيان الأحمق للحق بها الهلاك».
يضيف «الخفيف»: «ثبت فى أذهان ناشئة الجيل الذى أعقب الاحتلال أن عرابى هو سبب النكبة، وأن «هوجة» عرابى هى التى جلبت الاحتلال، ومما يؤسف له حقا أشد الأسف أن بعض المصريين لايزالون حتى الآن يرددون هذا الكلام».. يوضح الخفيف: «فى هذا الجو الكئيب وصل أحمد عرابى باشا زعيم الثورة القومية إلى مصر، فلم يجد أحدا من الجيل الناشئ يذكره، ويذكر ثورته إلا بالسوء من القول، ولولا بقية ممن شهدوا الثورة وعرفوا حقيقة أمرها، ما لقيه فى مصر أحد».
امتد تغير الأحوال إلى من كانوا بجوار عرابى أثناء ثورته، ويكشف ذلك وصفه لطريقة استقباله بميناء السويس: «بتنا تلك الليلة «29 سبتمبر» فى السفينة، وفى الصباح «30 سبتمبر- مثل هذا اليوم 1901»، ودعنا من فيها وخرجنا إلى البر، ونحن نتنفس الصعداء، ونلهج بأنواع الدعاء لله سبحانه وتعالى لوصولنا إلى بلادنا سالمين بعد مرور 19 عاما ذقنا فيها وتحملنا مكرهين.. وهناك نزلنا فى بيت الشيخ النجارى بعد أن كتبنا إلى محافظ المدينة مصطفى بك ماهر الذى كان من تلاميذ عبدالله نديم «خطيب الثورة العرابية»، وكان «ماهر» معروفا بحب الحرية والوطنية، فأنكرنا وأعرض عنا ولم يتنازل إلى الرد علينا، فأرسلنا برقية إلى قائمقام الحضرة الخديوية فخرى باشا، فكتب إلى مصلحة السكك الحديدية بحجز صالون لنزولنا وعائلتنا ومن معنا من السويس على نفقة الحكومة».
وتواصلت دراما الحدث فى اليوم التالى..









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة