أصدرت لجنة شئون الأديرة والرهبنة قرارًا يقضى بإيقاف الراهب القس يوئيل المقارى عامًا عن إقامة الصلوات والقداسات، وذلك فى أعقاب شكوى تقدم بها الأنبا سرابيون مطران لوس أنجلوس ضده تتهمه فيها بالإساءة للبابا شنودة فى أعقاب تسجيل صوتى انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى أكد فيه الراهب الموقوف، على أن البابا شنودة ارتكب أخطاءا إدارية تسببت فى تسيب وخلل بالحياة الرهبانية بالدير وذلك عقب وفاة القمص متى المسكين عام 2006 وخضوع الدير لإشراف الكنيسة القبطية والبابا شنودة الذى كان بطريرك الكرازة المرقسية آنذاك.
لماذا عاقبت الكنيسة يوئيل المقارى بعد تسريبه الصوتى؟
عوقب القس يوئيل المقارى، بناءً على القرارات الإثنى عشر التى أصدرها المجمع المقدس للكنيسة المعروفة باسم قرارات ضبط الرهبنة القبطية، والتى تمنع أى راهب بالحديث لوسائل الإعلام أو استخدام مواقع التواصل الاجتماعى ومن يخالف ذلك يتعرض لعقوبة التجريد من الرهبنة أو الشلح، لم ينجو القس يوئيل من العقاب رغم إصداره اعتذارا مكتوبًا للبابا شنودة وصفه فيه بأبو الكنيسة القبطية حيث لاقت تصريحاته غضبا كبيرا من قطاعات واسعة من الأقباط تحب البابا شنودة.
التصريحات التى أطلقها يوئيل المقارى ولاقت هجومًا واسعًا من قبل محبى البابا شنودة، صاحبها بعد ذلك نشر مستندات بمخالفات للراهب يوئيل تتهمه برسامة رهبان فى دير الأنبا مكاريوس بوادى الريان، وهو أمر مخالف لقرارات المجمع المقدس.
صفحات أخرى مؤيدة لمدرسة القمص متى المسكين، نشرت فى المقابل رسائل للقمص كيرلس المقارى وكيل دير أبو مقار الراحل وأحد أشهر رهبان دير الأنبا مقار، وأحد أقرب تلاميذ متى المسكين الذين شاركوه تجربته الروحية وحياته الرهبانية.
ماذا قال وكيل دير أبو مقار فى رسالته للبابا شنودة عن الحياة فى الدير؟
فى رسالة مؤرخة بيوم 2 أكتوبر عام 2009، كتب القمص كيرلس المقارى للبابا شنودة،حيث كان وقتها يشغل منصب وكيل الدير يقول له: "وصلتنا أخبار أزعجت نفوسنا أن قداستكم قررت تغيير شكل وحياة الرهبنة فى دير الأنبا مقار وكنا نتمنى أن قدومك إلينا سيثبت حياتنا الرهبانية التى استلمناها من أبينا القمص متى المسكين لمدة خمسين سنة، وعرف فى العالم المسيحى أن هذا الدير صار منارة للحياة الرهبانية الآبائية الأصيلة وفخرا للكنيسة القبطية العريقة ولكل بلادنا المصرية".
وتابعت الرسالة: "لقد تحول الدير الآن إلى ملعب لعمل الشياطين وفقدنا السلام، وفى كل مرة تأتى إلينا، نسمع شائعات أن غبطتكم سوف تختار أسماء من رهبان مرفوضين شكلا وموضوعا فالبعض يحتاج لعلاج نفسى والبعض الأخر يسعى ليصل إلى رئاسة الدير وغبطتكم تعلمون جيدا أن الذى يريد أن يكون الأول يجب أن يكون الأخير فما بال قداستكم فى الحياة الرهبانية وفى دير شبه مغلق، كيف يحتملون بعضهم بعضا حيث الجهاد الداخلى مطلوب مع التواضع الشديد وإنكار الذات حسب الوصية علما بأن النظام الرهبانى فى دير القديس الأنبا مقار يعتمد على المواهب فالذين يعملون فى الزراعة يديرون أعمالهم بالاستعانة بدكاترة الأبحاث الزراعية والذين فى الإنشاءات وأعمال الصيانة يهتمون بالأعمال المطلوبة لخدمة الدير وهكذا فى حظيرة البقر ومزرعة الدواجن فلهم دكتور خبير من الآباء".
ما هى نبؤة كيرلس المقارى بشأن دير أبو مقار؟
واستكمل القمص كيرلس المقارى: "نتوسل إليك يا سيدنا أن تنقذنا من الخراب الآتى علينا، وماذا يكون الأمر هل يترأس الأب الجاهل فى أى موقع على المتخصص؟ هل تريدهم يا سيدنا أن يحتكوا ببعضهم البعض؟ أليس هذا هدم للحياة الرهبانية؟ هل ترضى لدير الأنبا مقار مكان الصلاة الدائم أن ينهار فى عهدكم؟ وهل توافق على رسامة رهبان الدير كلهم كهنة؟ رغم أن هذا لا يوافق سلوكك الأول فى حياتك الرهبانية إذ كنت تغضب جدا حين يعرضون الكهنوت على أحد الآباء؟ علما بأن المرسومين كهنة كانوا مطلوبين بالاسم من الأساقفة الأفاضل للخدمة معهم، فقد طلب الأنبا ميخائيل مطران أسيوط اثنين من الرهبان ليخدموا معه وأنبا ارسانيوس مطران المنيا طلب اثنين ليخدموا معه وانبا انطونيوس مرقس طلب لأفريقيا أربعة رهبان ورسم اثنين للخدمة فكانت رسامة الكهنوت لهم للخدمة خارج الدير وليس لإغاظة وإثارة الحسد داخل الدير".
وتابع فى رسالته: "أما زيارة الزوار فقد كانت فى حدود هدوء الدير وسلامته هل ترضى يا سيدنا أن يتحول الدير من مكان صلاة وعمل إلى مكان من أجل النزهة؟، فنصف الزوار تقريبا أطفال يصرخون، غير السيدات اللاتى يجرين وراء الرهبان للاعترافات حيث كان ذلك ممنوعا حتى يحتفظ الدير الراهب بسلامة ضميره داخل قلايته، أما الجرائد فكان يتصفحها المكلفون بتشهيل أعمال الدير وينزلون إلى العالم".
وناشد القمص المقارى البابا شنودة قائلًا: "أنقذ يا سيدنا الحياة الرهبانية الفاضلة البعيدة عن المشاكل، الراهب إذا نزل إلى العالم ينزل لتدبير أمر هام ويرجع مسرعا إلى قلايته حتى لا تبرد محبته لله وتفسد رهبانيته"، متسائلا: "هل يرضيك يا سيدنا أن يغيب الراهب يوم واثنين وثلاثة وأربعة ولا نعرف أين ذهب؟، نحن لسنا فى سجن نحن نحمل محبة هذا الدير ومن لا يتحمله نوصله للدير الذى يحبه ويشتاقه بسيارة الدير ونعطيه المال اللازم حتى لا تتولد أية كراهية أو نفور بين الرهبان".
وواصل رسالته: "الذين يأتون للحياة الرهبانية يعرفون إنهم أمام طريق مغلق أمام الشهوات ومراكز الكنيسة وأراحوا انفسهم من حروب قاتلة، ولماذا يا سيدنا تريد أن تجعل كل الأديرة نظاما واحدا مع أنه على مدى العصور كان كل دير يأخذ شكلا خاصا به فرهبنة دير المحرق غير رهبنة القديس مكاريوس، غير رهبنة مارمينا، الحياة الرهبانية غير ملتزمة إلا بالمحبة".
واختتم رسالته: "نرجوك يا سيدنا أن توقف تلك الشائعات المزعجة فنحن مازلنا نصلى من أعماق قلوبنا لكى يعطيك الرب حكمة سليمان وأن يكون حضورك للدير عيد روحانى نفرح به، انقذ يا سيدنا رهبانية هذا الدير العظيم، ولا تسمح بتخريب هذه الحياة لئلا يكون غضب الله علينا جميعًا".
ماذا فعل البابا شنودة بعد رسالة كيرلس المقارى؟
رسالة القمص كيرلس المقارى، جاءت بعد شهور من زيارة البابا شنودة التاريخية للدير عام 2009 والتى عمد فيها إلى تغيير شكل الحياة الرهبانية فى الدير، بالإضافة إلى الشكل الرهبانى حيث حمل معه فى سيارته 120 قلنسوة مشقوقة المعروفة باسم القلنسوة السريانية والتى كان يرتديها كافة رهبان الأديرة فيما عدا رهبان دير أبو مقار الذين يرتدون القلنسوة القبطية القديمة التى ارتداها الآباء الرهبان الأوائل بينما ارتدى الأنبا أنطونيوس أبو الرهبان تلك القلنسوة المشقوقة.
بعد شهور من تلك الرسالة زار البابا شنودة دير أبو مقار مرة أخرى، ورسم (عين) دفعة جديدة من الرهبان تبلغ 10 رهبان كان من بينها الراهبين المتهمين بقتل الأنبا أبيفانيوس، إشعياء المقارى وفلتاؤس المقارى، تلاها دفعة ثانية بلغت 10 رهبان أيضا، وبدأت الخلافات تدب فى الدير مثلما كشف وكيل الدير القمص كيرلس المقارى فى رسالته.
كان الدير قد شهد حادثة مروعة نهاية يوليو الماضى، حيث قتل الأنبا أبيفانيوس اسقف ورئيس دير ابو مقار العامر وأحد تلاميذ متى المسكين، ووجهت النيابة التهم لاثنين من الرهبان فى الدير هما فلتاؤس المقارى وإشعياء المقارى الذى اعترف فى بداية التحقيقات ثم عاد ونفى أقواله مرة أخرى على أن تبدأ فى الـ23 من سبتمبر أولى جلسات محاكمتهما فى القضية التى هزت الرأى العام المصرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة