تصدر اليوم فى المكتبات ومنافذ البيع فى الولايات المتحدة، مذكرات وزير الخارجية الأمريكى السابق جون كيرى، التى يكشف فيها الكثير من التفاصيل الخاصة بإسرائيل ودول المنطقة، فضلا عن جوانب من حياته المهنية وعمله فى المنصب الدبلوماسى الأعلى فى الولايات المتحدة.
فى مذكراته المنشورة بعنوان "Every day is Extra" يخصص كيرى فصلا عن سوريا، التى يصفها بأنها "جرح مفتوح" خلفته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما وقضية يفكر فيها "كل يوم". كما يكشف عن إرسال الرئيس السورى بشار الأسد، خطاب سرى لنظيره الأمريكى باراك أوباما، آنذاك، يطرح فيه مقترح للسلام مع إسرائيل.
وبحسب مقتطفات عرضتها صحيفة هآرتس الإسرائيلية، من مذكرات كيرى، فإن وزير الخارجية الأمريكى السابق كتب: "سألنى الأسد ما الذى يتطلبه الدخول فى مفاوضات سلام جادة أملا فى ضمان عودة مرتفعات الجولان".ووفقا لكيرى فإن الخطاب، الذى تمت مشاركته مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، أثار دهشه الأخير، لأنه أظهر أن الأسد مستعد لتقديم تنازلات أكثر من المفاوضات السابقة.
الرسالة كتبها الأسد قبل عام من اندلاع الحرب الأهلية فى سوريا. وكانت سوريا وإسرائيل منخرطتان فى مفاوضات بوساطة أمريكية، حتى أوائل عام 2011 ، لكنهما لم يتوصلا فى النهاية إلى أى اتفاقات أو تفاهمات.
ووفقا لكيرى، فإنه عندما كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ عام 2009، زار دمشق فى إطار جولة فى الشرق الأوسط وعقد أول اجتماع طويل مع الأسد، الذى كان فى ذلك الوقت فى السلطة منذ عقد من الزمان. ويقول "فى اجتماعنا الأول واجهته بشأن محطة للطاقة النووية السورية كانت إسرائيل قد قصفتها"، فى إشارة إلى المفاعل النووى السورى المزعوم الذى دمرته إسرائيل عام 2007.
نفى الأسد، بحسب كيرى، أن يكون ما قصفته إسرائيل مفاعل نووى، ويقول "نظر الأسد إلى فى عينى وأخبرنى أنه ليس منشأة نووية، بنفس التأثير والتنغيم اللذين قال بهما كل شىء آخر. لقد كانت كذبة غبية، غير قابلة للإثبات تماما، لكنه كذب من دون أى تردد".
ووأثناء حديثهم التالى، يقول كيرى إنه مارس ضغطا على الأسد بدعمه جماعة حزب الله اللبنانية الشيعية، التى تصنفها واشنطن ضمن المنظمات الإرهابية، وأجاب الرئيس السورى بأن "كل شىء يجب التفاوض عليه"، ملمحًا إلى أن هذه السياسة يمكن أن تتغير نتيجة للمفاوضات مع إسرائيل.
ويشير كيرى إلى أن المحاولات السابقة للتوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وسورية تحت حكومة إسحاق رابين وشمعون بيريز وإيهود باراك وأولمرت ونتنياهو، خلال فترة ولايته الأولى فى التسعينيات، قد انتهت جميعها بالفشل، لكن الأسد كان لا يزال مهتمًا بنوع من التعامل مع إسرائيل.
ويقول "سألنى الأسد ما الذى قد يتطلبه الدخول فى مفاوضات سلام جدية، أملاً فى ضمان عودة مرتفعات الجولان التى خسرتها سوريا لإسرائيل عام 1967" ويضيف "أخبرته أنه إذا كان جادا، فعليه تقديم اقتراح خاص. سأل كيف سيبدو وشاركت أفكارى معه. وأصدر تعليمات إلى كبير مساعديه بتوجيه رسالة من الأسد إلى الرئيس أوباما ".
فى الرسالة، كما كتب كيرى، طلب الأسد من أوباما دعم محادثات سلام متجددة مع إسرائيل وأشار إلى "استعداد سوريا لاتخاذ عدد من الخطوات مقابل إعادة الجولان من إسرائيل". ويقول كيرى إن الأسد الأب (حافظ الأسد) حاول إستعادة الجولان ولم ينتج لذا كان ابنه على إستعداد للقيام بالكثير فى المقابل.
ووفقا لكيرى، فإنه سافر إسرائيل مباشرة بعد الاجتماع مع الأسد وشارك المعلومات مع نتنياهو، الذى عاد للتو إلى السلطة بعد 10 سنوات إما خارج السياسة أو فى المعارضة. ويقول "في اليوم التالى، طرت إلى إسرائيل، حيث جلست مع رئيس الوزراء بيبى نتانياهو وأظهرت له رسالة الأسد. لقد فوجئ بأن الأسد على استعداد للذهاب إلى هذا الحد، أكثر كثيرا مما كان قبلا".
ويقول وزير الخارجية الأمريكى إن إدارة أوباما حاولت اختبار مدى جدية الأسد من خلال مطالبته باتخاذ "إجراءات لبناء الثقة" تجاه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، بما فى ذلك وقف بعض شحنات الأسلحة إلى حزب الله. لكن الأسد خيب آمال الإدارة بفشله فى الوفاء بوعوده.
ويصف كيرى الأسد بعبارات سلبية للغاية كما تحدث بإسهاب عن المداولات داخل الإدارة الأمريكية حول كيفية الرد على استخدام الأسد، المزعوم، للأسلحة الكيميائية ضد المعارضة فى أغسطس 2013. وأشار إلى أن أوباما تردد بشان توجيه ضربة عسكرية ضد الأسد، خاصة بعد أن أصبح من الواضح أنه لن يحصل على دعم ساحق من الكونجرس بشأن الأمر.
وفى جزء آخر من الكتاب وجه كيرى تهاما لرئيس وزراء إسرائيل بتسريب وثيقة سرية تتعلق بإتفاق مع حماس لوقف إطلاق النار. وقال أبلغته فى إتصال هاتفى "كنا فى خضم المفاوضات التى ترتكز على ما قدمته. الآن أرى الأمر فى الصحافة؟ إنه أمر شائن". وأضاف "كان وقف إطلاق النار لإغراض إنسانية هو فكرتك. والآن قمت بتسريب هذه الوثيقة لجعل الامر يبدو وكأننى أحاول تعزيز موقف حماس؟ لقد ضاع عنصر الثقة الشخصية".
وبشأن الإتفاق النووى الإيرانى كتب كيرى "طالما حافظنا على قدرتنا لقصف إيران حال لم تلتزم". ويشير إلى أنه خلال المفاوضات وقع توتر بشأن هذا وهم وزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف للمغادرة قائلا "هذا أمر مهين. أنت تحول تهديدى!"، ثم نظر إليه قائلا "لا تهدد إيرانى قط". وبعد برهة صمت أراد نظيرهما الروسى سيرجى لافروف كسر التوتر قائلا "أو الروسى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة