مشروع مميز بدء على أراضى محافظة الأقصر منذ أكثر من عامين وهو "الهوية البصرية" (Branding Egypt)، والذى يهدف لتقديم صورة قوية لذاكرة السائحين وضيوف جمهورية مصر العربية تتماشى مع العصر الحديث وتطور التكنولوجيا حول العالم، فهو يناسب ما قاله الأديب العالمى نجيب محفوظ "إن الزاوية هى التى يلتقط منها الكاتب شيئاً يتعلق بإحساسه الشخصى، وكثيرا ما يسترجع المبدع أثناء الكتابة فضاء المكان والناس والأشياء داخل ذاكرة مشدودة إلى صور ماضيات أو أجواء تلاشت"، فالمشروع أرتبط بصورة كبيرة بقوة بالذاكرة لكافة المعابد الفرعونية والمزارات السياحية المميزة بالأقصر.
وبدأت فكرة مشروع "الهوية البصرية" فى محافظة الأقصر بتعاون مشترك مع الجامعة الألمانية والمحافظ السابق محمد بدر، والذى كرس كافة المجهودات وخدمات طلبة الجامعة فى رصد مختلف مواقع المحافظة بزيارات متكررة على مدار العامين الماضيين، وتم البدء بإجراء تصميمات حديثة تناسب مع الأقصر والتراث الداخلى بها والحرف للمواطنين المختلفة من زراعة وتجارة وغيرها، للقيام بأعمال الدعاية لمصر والترويج السياحى للمحافظة بشكل مختلف وعصري.
وفى 28 يوليو العام الماضى بالمؤتمر الوطنى السادس للشباب بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية تم إعتماد أعمال تنفيذ "مشروع الهوية البصرية" لمصر بأكملها، حيث كلف الرئيس رجال القوات المسلحة بتبنى مشروع الهوية البصرية لمصر بعد أن عرضت الشابتين ياسمين والى وغادة والى هذا المشروع على الرئيس فى جلسة "بناء الإنسان"، واللتين عرضتا دراسات مختلفة لنجاحات الدول الأوروبية فى التفوق والحصول على خطوات جادة فى السياحة بإستغلال الهوية البصرية أفضل إستغلال، بجانب تعزيز الهوية لبلادهم وترسيخ قيمها وتاريخها فى قلوب وأذهان الجميع.
وفى هذا الصدد يقول محمد عثمان عضو لجنة التسويق السياحى بالأقصر، أن مشروع الهوية البصرية وعمله رسمياً بصورة مميزة وإنتشار الإعلانات للأقصر فى مختلف دول العالم باللوجو الجديد والرسومات المختلفة التى رصدت فى فترة دعم المشروع، أدى لتفوق كبير ونجاح فى جذب السائحين من مختلف دول العالم، حيث يلاحظ أن أغلب الضيوف للأقصر بالموسم الشتوى من الشباب الذين يزورون المحافظة ومصر لأول مرة فى حياتهم بعد تلك الخطوات الجادة من الدولة فى تطوير مفهوم الهوية البصرية حول العالم.
ويضيف محمد عثمان لـ"اليوم السابع"، أن الدول الأوروبية إستخدمت خلال السنوات الماضية تلك الفكرة ودعموا الهوية البصرية لبلادهم فى مختلف أنحاء العالم ونجحوا فى التفوق وجذب المزيد من السياحة والإقتصاد لبلادهم، فتأتى دول فرنسا وألمانيا وبريطانيا فى مقدمة تلك الدولة التى تفوقت أكثر بفضل تلك الأفكار المختلفة، موضحاً أن تلك الفكرة رائعة ومبتكرة وإنطلاقها من محافظة الأقصر يأتى تكليلاً لتاريخها وما تشكله الأقصر من تاريخ آثرى عالمي، حيث تم إختيار الأقصر عاصمة للسياحة العالمية وعاصمة للثقافة العربية وهو ما دعمها بصورة كبيرة فى حركة السياحة بالموسم الشتوى الحالي.
وفى إطار خطط تطبيق الهوية البصرية الفكرة المبتكرة فى محافظة الأقصر، يقول العميد صلاح المندوه المتحدث الإعلامى لمحافظة الأقصر، أنه إنطلق عدد من أصحاب المحلات والكافيهات والمطاعم بالمحافظة والتى تستقبل السائحين يومياً وعلى مدار الساعة فى وضع اللوجو الخاص بالمشروع الجديد على منتجاتها فى خطوة تساهم فى دعم وتعزيز الهوية البصرية للأقصر بمختلف الأشكال، وكذلك تم تطبيق المشروع ووضع شعار الأقصر الجديد بالمبانى الحكومية، وبعد الانتهاء من إنشاء مبنى السجل المدنى الجديد بالأقصر بمساهمة من المحافظة لحل أزمة مبنى السجل المدنى التابع لوزارة الداخلية بالأقصر، وتم تنفيذ أول تطبيق على مبنى حكومى لمفهوم الهوية البصرية ووضع الشعار الجديد على واجهة المبنى.
ويضيف المتحدث الإعلامى لمحافظة الأقصر لـ"اليوم السابع"، أن تطبيق مشروع الهوية البصرية بالأقصر يدعمها بصورة أكبر أمام العالم أجمع فهى عاصمة الدولة الفرعونية ودخلتها الحضارة منذ آلاف السنين بأيادى القدماء المصريين وسجلوا داخلها واحدة من أعظم الحضارات الإنسانية والتاريخية فى العالم أجمع، وتفعيل تلك الأفكار الحديثة فيها يساهم فى إنطلاقها أكثر فى سماء العالم أجمع، مؤكداً أن الأقصر تضم تراث ثقافى و تاريخى عظيم من عشرات المعابد والمقابر الفرعونية شرقاً وغرباً، وتستضيف بصورة سنوية المئات من الفعاليات والمؤتمرات الدولية منها الثقافية والعلمية والطبية والمهرجانات الفنية والبطولات الرياضية والمعارض والندوات والمهرجانات شعرية والعروض المميزة لفرق الفنون الشعبية والتراثية وورش عمل وملتقيات لفنون الجرافيك، وهو مايسهم فى دعمها أكثر وأكثر خلال الفترة المقبلة.
وأوضح العميد صلاح المندوه، أن أكثر من 500 طالب بالجامعة الألمانية وعدد من فريق هيئة التدريس قاموا بالعمل على مدار الشهور الماضية فى هذا المشروع، وتم عمل رسومات بالحروف للهوية البصرية للأقصر لها دلالات معينة، حيث يرمز الحرف L للزاوية القائمة والغالبة على الهندسة المعمارية لمدينة الأقصر، أما حرف U مستوحى من ممرات المعابد ورمز لمعتقدات الفراعنة فى الحياة الأبدية وممثلًا لكل ما يفوق التوقعات، والحرف X يمثل يربط ما بين الغربين البرى والشرقى والتقائهما عند النيل، وحرف O هو رمز يمثل الشمس والنيل كمصدر للحياة، والحرف R يمثل عين حورس التى تعكس الرؤية الثاقبة والحكمة لمصر الفرعونية.
وحول معنى "الهوية البصرية" قالت ياسمين والى إستشارى إدارة الأعمال، أنها تعتبر أداة تعريفية تعلم الناس عن طابع المدينة، كما تعد رؤية استراتيجية تهدف إلى البعد عن أى صور نمطية وغير مستحبة عن شكل الدولة، وتخلق رؤية مستقبلية ترسخ دائما فى العقول "المصرية" كما تعزز الوعى المحلى والعالمى عن مصر ومحافظاتها وتاريخها وحضارتها، وذلك خلال عرض المشروع على الرئيس عبد الفتاح السيسى فى فعاليات المؤتمر الوطنى السادس للشباب بجامعة القاهرة، وعرضت دراسات عن بعض الدول التى طرحت هويتها البصرية، مثل البرتغال التى استخدمت الألوان وطريقة فى الرسم فى سرد حكاية الدولة، ونيويورك التى استخدم شعارات أثرت كثيرا فى العالم، وهوية نيويورك أثرت على السياحة بشكل كبير وزادت نسبة الإشغالات إلى 90% بعد تطبيقها.
وطالبت ياسمين والى، بوضع مصر وهويتها البصرية على الخريطة العالمية، وقالت: "إحنا بنطلق مبادرة من قبلنا وحلمنا إننا عاوزين نخلق العلامة التجارية والهوية البصرية لمصر وكل محافظاتها لكل شبابنا فى مختلف مجالاتهم علشان نشتغل على الهوية البصرية، وبنستهدف المبدعين والكتاب والفنانين والمهندسين المعماريين وغيرهم من كافة المبدعين علشان نشتغل مع بعض علشان نقدر نطلع مصر بالصورة اللى كلنا عاوزين نشوفها".
ومن الجدير بالذكر أن مشروع "الهوية البصرية" بالأقصر كان قد تم تنفيذه بين الجامعة الألمانية بالقاهرة ومحافظة الأقصر على مدار سنتين وذلك بداية من نوفمبر 2016، وفى إطار بروتوكولات التعاون بين الدكتور أشرف منصور رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية بالقاهرة و الدكتور محمد بدر محافظ الأقصر السابق، والتى نتج عنها مشروعات أخرى بناءة فى مجال التطوير الحضرى والتطبيقات الإلكترونية والتنمية البشرية والتدريب، كما قدمت الجامعة منحا للمتفوقين فى المحافظات المختلفة فى إطار اهتمامها المتواصل بالتنمية المجتمعية ووصولها لجميع أبناء مصر فى جميع ربوعها و محافظاتها، فضلا عن برنامج المنح لأوائل الثانوية العامة لتمكين الشباب وتحفيزهم على تنمية محافظاتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة