بدأت حكومات اليمين الأوروبى تعد صفوفها وتحشد قواها لانتخابات البرلمان الأوروبى هذا العام فى مواجهة المعسكر التقليدى، الذى ربما بات الأضعف جراء الكثير من العواصف السياسية التى ضربت باريس وبرلين منذ عام 2018، فضلا عن البريكست.
ومن المتوقع أن يحقق اليمين المتطرف مكاسب كبيرة عبر القارة فى انتخابات البرلمان الأوروبى، ليعزز من تلك التى حققها على المستوى الوطنى منذ الجولة الأخيرة عام 2014.
وفى سبيل ذلك، أطلق اليمأين الأوروبى، تتزعمه إيطاليا وبولندا، استراتيجيته للسيطرة على المؤسسات الأوروبية معلنا إنشاء ما يسمى "محور" مناهضة الهجرة.
ورحب رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، بإنشاء "محور" مناهض للهجرة فى أوروبا حيث يمكن لزعماء الاتحاد الأوروبى اليمينيين المتشددين ذوى التوجهات المتقاربة أن يوحدون صفوفهم لإدارة الاتحاد.
وبحسب صحيفة الإندبندنت، البريطانية، أمس الجمعة، قال أوربان إنه يريد أن يرى أغلبية مناهضة للهجرة فى مؤسسات الاتحاد الأوروبى وأنه سيجتمع مع دول مثل إيطاليا وبولندا لتغيير اتجاه الكتلة.
وقال الزعيم اليمينى أنه لا يمكن أن يكون هناك "حل وسط" بشأن قضية الهجرة وأنه سيتعين عليه "محاربة" زعماء مثل الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، "لاحترام قرار المجريين بعدم التحول إلى دولة مهاجرة، معربا، فى خطاب مساء الخميس الماضى، عن دعمه الكامل لمبادرة إيطالية بولندية لتشكيل تحالف يمينى من أجل انتخابات البرلمان الأوروبى المقررة فى مايو المقبل، والتى يريد أن تحصل فيها الأحزاب المناهضة للهجرة على أغلبية.
وقال: "أتمنى لأوروبا أن يكون لها تلك القوة السياسية التى يتمتع بها حزب الشعب الأوروبى (حزب يمين الوسط العابر للحدود الذى يهيمن على المفوضية الأوروبية)، محور روما - وارسو، القادر على الحكم، القادر على تحمل المسؤولية والمعارضة".
كما دعا ماتيو سالفينى، وزير الداخلية اليمينى فى الحكومة الإيطالية، إلى دعم محور روما-وارسو لبناء "أوروبا جديدة" ضد الهجرة. وقال: "أود إنشاء اتفاقية، تحالف لكل من يريد إنقاذ أوروبا". وقال رئيس الوزراء اليمينى الشعبوى فى بولندا، ماتيوس موراويكى، فى وقت سابق من هذا الأسبوع "مع السيد سالفينى نحن فى نفس الصفحة فيما يتعلق بالعديد من المسائل الأوروبية". وأشار إلى "التمييز" ضد بولندا من قبل بروكسل.
ودعا المستشار اليمينى فى النمسا، سيباستيان كورتز، العام الماضى، إلى تشكيل "محور" مناهض للهجرة مستخدما نفس اللغة. وتحدث إلى جانب حزب الاتحاد المسيحى الديمقراطى البافارى اليمينى، مشيرا إلى إيطاليا وألمانيا كحليفين محتملين.
وتقرر الانتخابات البرلمانية الأوروبية فى جزء منها رئيس المفوضية الأوروبية، فضلا عن البرلمان والمجلس. تشير استطلاعات الرأى إلى أن جماعة يمينية متطرفة يمكن أن تصبح ثانى أكبر تجمع فى البرلمان العابر للحدود، على الرغم من أن الانقسامات بين الأحزاب المختلفة في البلدان المختلفة يمكن أن تمنعهم من الالتفاف حول راية واحدة.
تأتى هذه التطورات فى المشهد الأوروبى فى الوقت الذى يشهد فيه الاتحاد الأوروبى مغادرة بريطانيا كقوة فاعلة وأفول نجم المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل، وحتى ذلك الرئيس الشاب الفرنسى، الذى كان يعول عليه الغرب لقيادة الكتلة نحو الإصلاحات وقيادة أوروبا فى كفاحها ضد الشعبوية والقومية التى أطلق لها العنان، إذ يواجه ماكرون أزمة سياسية بالداخل فى ظل استمرار احتجاجات حركة السترات الصفراء ضد سياساته الاقتصادية، ما يجعل مهمة السيطرة على الأتحاد الاوروبى أسهل.
و حققت الأحزاب والحكومات المناهضة هجرة بعض النجاحات بالفعل فى الاتحاد الأوروبى حيث وضعوا القضية على رأس جدول الأعمال. وفى الصيف الماضى، غير المجلس الأوروبى سياساته الخاصة بإنقاذ المهاجرين فى البحر المتوسط تحت ضغط من إيطاليا، مستبعدا قوارب الإنقاذ التى تديرها المنظمات غير الحكومية.