يتنافس المقرئون للقرآن وأصحاب فراشات المآتم والأفراح فيما بينهم على تقاضى أجر القراءة أو فرش وتجهيز العرس أو المآتم، وتختلف من مكان لآخر، ومن عائلة لأخرى، حسب طبيعة المكان ومقدرة الأشخاص والعائلات، والمستوى الاجتماعى لأهل المتوفى.
تنافس الأفراح فى التكاليف
وفى الآونة الأخيرة زادت أسعار سرادقات العزاء وأصبحت تنافس الأفراح فى تكاليفها من حيث التجهيز والفرش والإضاءة فضلا عن أجور المقرئين فى سرادقات العزاء فتكون متفاوتة بحسب شهرة المُقرئ وقدراته والوقت الذى يقضيه فى التلاوة خلال العزاء.
وقال الشيخ علاء عبدالرحيم سيد، مدرس بالأزهر الشريف وعضو نقابة القراء، لـ"اليوم السابع": إن قارئ القرآن الكريم فى "المآتِم" أو المناسبات، يحصل على أجر مقابل الجهد والاحتباسٍ لوقت معين وانقطاعه للقراءة، وانشغاله بها عن مصالحة ومعيشته، وليس أجرًا على قراءة القرآن، مشيرا إلى أن أجور القراء زادت كغيرها من الزيادات التى حصلت ولكننى لا أحب المغالاة فى الأجر، وأطالب الأهالى أن يكون هناك تقدير لتعب القارئ كما يقدرون أصحاب الفراشات الخاصة بسرادقات العزاء".
وأضاف عضو نقابة القراء، ": أن القراءة فى سرادق العزاء يختلف من مكان لأخر ومن دار مناسبات لغيرها على حسب القرى والمراكز والمدينة نفسها، كما أن هناك بعض العائلات بأسيوط يأتون ببعض القراء المشاهير من القاهرة ويتقاضون آلاف الجنيهات، وعندما يأتون بقارئ من أسيوط لا يعطونه نفس الأجر ولكن بضع من مئات الجنيهات، ومع ذلك أنا أرفض المغالاة فى الأجر لأن تقدير القارئ لأجره يكون على حسب الوقت الذى مكثه فى قراءة القران فقد تمتد القراءة من ساعتين لأربع ساعات".
مراعاة ظروف الناس
وتابع:" أوجه رسالة للقراء بأن يراعوا اوضاع وظروف الناس الاقتصادية لأنها تختلف من منطقة لأخرى و سرادق العزاء فى المدينة يختلف عن القرية، وأيضا قد تحدث مشادات بين اصحاب العزاء والقارئ؛ مشيرا إلى أنه يفضل قراءة القران الكريم فى الجنائز أكثر من الأفراح لأنها تكون أكثر خشوعا، أما الأفراح فيكون الحضور مشغولين بأعداد الأكل والمشروبات وتوزيع السجائر وغيرها".
واستطرد الشيخ أحمد محمد ضاحي، قارئ ومبتهل بمحافظة أسيوط، قائلا:" هناك بعض الناس يسرفون آلاف الجنيهات فى تجهيز سرادق العزاء، ولا يعطون القارئ الأجر المتفق عليه، كما أنه يوجد بعض المشايخ الكبار عندما يكون معهم مشايخ صغار فى السن لا يتقاسمون الأجر، ولكن يعطون القارئ جزء منه ويكون اقل بكثير من الأجر، علما بأن القراءة فى سرادق العزاء تكون مناصفة بينهما ".
وقال محمود سيد، مالك أحد محال الفراشة بأسيوط، تتفاوت أجور المقرئين بأسيوط من مكان لآخر وعلى حسب شهرة القارئ، حيث يكون أقل أجر 200 و 300 جنيه، و ترتفع من ألف وحتى 5 و 7 آلاف جنيها على حسب شهرة القارئ، كما تتفاوت أسعار فراشات الجنائز على حسب المنطقة وعلى حسب أعداد المعزين والأضواء والكراسى والسماعات فتبدأ تكلفة تجهيز السرادق من 2000 جنيه وقد تصل تكلفتها إلى 25 ألف جنيه، فيما تختلف عن اسعارها بالقرى عن المدينة نظرا للظروف الاقتصادية لأهالى الأرياف فقد تبدأ من 1000 جنيه لـ 5 آلاف".
جائز ولا شيء فيه
من جانبه، قال الدكتور محمد عبدالمالك مصطفي، عميد كلية أصول الدين والدعوة بأسيوط، لـ"اليوم السابع": إن إحضار القُرَّاء لقراءة القرآن الكريم فى "المآتِم" وغيرها من المناسبات، جائزٌ ولا شيء فيه، وأن أجرُ القارئ جائزٌ ولا شيء فيه، لأننا نُعطِى القارئَ أجرًا مقابل الجهد والاحتباسٍ لوقت معين وانقطاعه للقراءة وانشغاله بها عن مصالحة ومعيشته، وليس أجرًا على محض قراءة القرآن".
وأضاف عميد أصول الدين،": نقول لبعض القراء الذين يبالغون فى أجرة القراءة فى المآتم، أن القرآن الكريم هو كتاب الله و أسمى من أن نجعله كالسلعة التى يعرضها الناس ويبالغون فيها، وربما قد تحدث مشاجرة بين القارئ وأهل المتوفي؛ فكتاب الله هو فى الأصل منهج حياة ودستور للأمة، ويا لَيْتَ القراء تكون لديهم قناعة فى أخذ الأجر نظير جهده واحتباسه لوقت معين، كما كان يفعل الشيوخ الكبار القدامى كانوا لا يشترطون أجرة بل كانوا لا يعلمون أى مبلغ وضع لهم فى جيبهم".
وأوضح الدكتور محمد عبدالمالك، أن الناس قد اعتادوا أمورًا كثيرة فى "المآتم" وغيرها، وذلك على حسب أعرافهم وتقاليدهم وإمكانياتهم، فقد نجد بعضهم قد وسع الله عليهم فى الأرزاق ويبغون من وراء التعزية وإقامة السرادقات لمدة 3 أيام لتلقى العزاء ولكن يجب عليهم أن لا تخصم تكاليف السرادقات العزاء من تَرِكة المتوفَّى، كما أنه يوجد بعض الناس يكتفون بالتعزية على المقابر وهذا لا بأس به، لان تلك هذه الافعال أمور دنيوية، ولكننا نرى الوسطية فى الأمر.