فى الصعيد يمثل اقتناء العائلات الخيول العربية الأصيلة اهتماما كبيرا، وتتعاهد الأجيال وراء الأجيال على الاهتمام بها وتربيتها فهى ترمز للقوة والتفاخر فيما بينهم، خاصة أثناء الترجل به فى المسابقات التى تنظم بين الحين والآخر والمعروفة بـ"المرماح" أو تربيته بصفة عامة لاستخدامه فى المشى فى القرية أو النجع بين العائلات فى الحصان يعرف صاحبه من الرائحة.
ويعتبر مركز قوص من أشهر المراكز التى تحرص على تربية الخيول، خاصة فى منطقة البطحة، ولا يخلو منزل من كل قبيلة أو عائلة بوجود حصان أو أكثر فى الحظيرة، وأثناء شرائه يجب أن يكون هناك أسرار ومواصفات به، وهو أن يكون الحصان كثيف الشعر، يتميز بالرشاقة، وقدمه الأمامية بنفس لون الجسد، والأرجل الخلفية تتميز باللون الأبيض، وأن يكون عريض الظهر ليس ثمين البطن وهذه المواصفات إذا توافرت تشير إلى أن هذا الحصان يتميز بالقوة.
الحاج عبد الرحيم القوصى 65 عاماً من أقدم الخيالين فى محافظة قنا، يقول: "أعشق الخيول ولم تترك بيتى منذ أن خرجت للدنيا، دائما أحرص على المشاركة فى المرماح الذى ينظم فى مسابقات واحتفالات الأولياء بالمحافظات، وأحرص دائماً على إعداد الحصان جيداً قبل المشاركة، وهذا يتطلب تدريبات له حتى يتقن ذلك الفن منذ شراء الحصان وهو فى مرحلة الصغر".
وأضاف: "تربية وترويض الخيول لدى العائلة أمر موروث، وأخذت بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام (علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل)، تعلقت بها فى سن الطفولة وزاد شغفى للصعود على الحصان والمشاركة فى المرماح فى سن الـ15 عاماً لكن كان جسدى هزيلا ووالدى يخشى علىّ من السقوط من عليه، ولكن إصرارى وحبى للحصان وتربيته فى الأسطبل وحدثنى بعبارة لو (لو حبيت الحصان هو كمان هيحبك)، ومنذ ذلك الوقت وأنا لا أترك مسابقات المرماح للمشاركة فيه".
وأكد القوصى: "مغازلة الحصان أثناء تربيته أسرار لا يعرفها العامة، فهو يعرف صاحبه من الرائحة خاصة أنه يحرص على تقديم الطعام له يوميا، وجدى كان يقوم بتربية حصان عربى أصيل قمنا بشرائه من أسوان، وعند وفاة جدى تأثر الحصان وظل 4 أيام لا يتناول الطعام حزناً على وفاته، وفى تربية الخيول تعلمك الأصالة أنها تمتلك أنسابا مثل العائلات، ولقب خيال أو فارس تطلق على الشخص الذى يجيد أصول التعامل مع الخيول، ولغة الحصان تكون بالنظرات خاصة أثناء المشاركة فى مسابقات المرماح لأنه يشعر مثل الإنسان بالرحمة والدفء فى المعاملة، لذلك تجده يتلقى الأوامر من صاحبه وينفذها".
وقال: "الخيول تسمى بأسماء ترمز للقوة، فالمربى يطلقون عليهم الكثير من الأسماء، وعندى أسماء كثيرة أطلقتها عليهم مثل (عنتر، وذعير، وجعفر والإخطبوط) وغيرها من الأسماء التى تكون من وحى خيال صاحب الحصان، والحصان يفهم الاسم وعند النداء عليه تجده يقوم بحركات برأسه فى إشارة لاستجابته للنداء عليه، وهناك أنواع للأحصنة فهناك من يجيد مهارة التقطيع خاصة فى مسابقة الدوران بالمرماح على نغمات المزمار البلدى، وهناك من يجيد الرقص فقط، وهناك الحصان الرماح وهو ما يستخدم فى مسابقات الجرى والسرعة.
واختتم حديثه: "تختلف فنون تربية الخيول فى المهارات التى يؤديها الحصان، ويشعرك بالغرور أثناء الترجل لأنك تصاحبك الفخر والعزة لأنه رمز للقوة والفروسية، ولا يفهم ذلك المعنى غير الشخص الذى يجيد الصعود على الحصان، كما أن الصعود عليه والمشاركة فى المسابقات يحتاج لسن الشباب خاصة أن تقدم العمر والسن تجد الشخص يترك المجال للشباب، وورثت أولادى وأحفادى وعلمتهم، لأن الفرسان لهم مكانة مرموقة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة