أن تكتشف أسرة إدمان أحد أفرادها هو فى حد ذاته خبر قد يكون بالنسبة إليها أصعب من نبأ وفاة هذا الشخص، لأن الإدمان هو البوابة الصغيرة لأكبر وأخطر المشاكل سواء الصحية أو النفسية أو الاجتماعية، ولكن يبقى السؤال هل من سبيل لعلاج المدمن؟، وما هى الطريقة المثلى للتعامل مع هذا الشخص، وكيف يمكن للأسرة أن تخوض رحلة التعافى كاملة مع هذا الشخص حتى لا يعود مرة أخرى لطريق الإدمان، وما هى أفضل النصائح المتعلقة باختيار مصحة العلاج المناسبة؟ كل هذه التساؤلات يجيب عنها الدكتور عبد الرحمن حماد، مدير مركز إنسايت للصحة النفسية وطب الإدمان، والمدير السابق لوحدة الإدمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، فى التقرير التالى:
إدمان المخدرات ومخاطره
فى البداية يؤكد الدكتور عبد الرحمن حماد أن إدمان المخدرات له العديد من المخاطر والأضرار النفسية والصحية على المدمن بشكل خاص، وعلى أسرته والمجتمع بشكل عام.
وأشار حماد إلى أن ما لا يدركه الشخص أن إدمان أى أنواع من المخدرات أو الكحوليات له تأثيره السلبى على الصحة بشكل عام، بداية من الإصابة بأمراض الكبد والرئة والقلب، وانتهاءً بالأضرار بالبصر، والعصب البصرى ومركز البصر فى الدماغ.
إنفوجراف دكتور عبد الرحمن حماد يكشف أمراض تصيب عين مدمن المخدرات
وتابع الدكتور عبد الرحمن حماد، فى تصريحات لـ"اليوم السابع": "مخاطر الإدمان على الفرد لا يمكن فصلها عن أسرته مجتمعه، حيث تنتقل الاضرار بالتبعية من المدمن لأسرته ولعمله ومجتمعه، حيث تصاب الأسرة بحالات نفسية سيئة جدًا بسبب إدمان أحد أفرادها، كما أن إدمان الفرد يؤثر على إنتاجيته فى العمل وبالتالى يؤثر على المجتمع حيث يصبح عالة عليه، بالإضافة إلى احتمالية ارتكاب المدمن لحوادث وجرائم مختلفة".
عوامل بيئية تدفع الشخص لتعاطى المخدرات
وأكد مدير مركز إنسايت للصحة النفسية وطب الإدمان المدير السابق لوحدة الإدمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، وجود عوامل بيئية تتسبب فى الإدمان وهى:
1- الضغوط المختلفة مثل الضغوط المعيشية، وضغوط العمل والدراسة.
2- الاعتداءات الجسدية أو الجنسية المبكرة.
3- تعاطى الأقران أو الأصدقاء للمخدرات.
4- توفر وإتاحة وسهولة الوصول للمخدراتdrug availability.
5- رؤية أو مشاهدة مشاهد العنف.
ويوضح الدكتور عبد الرحمن حماد تعريف الإدمان، بأنه فقد السيطرة بمعنى أن المدمن فقد السيطرة على المادة المخدرة، وأصبحت المادة المخدرة محور حياته وتتحكم فى سلوكه وتصرفاته ولا يستطع الاستغناء عنها، ووفقًا لتقرير المخدرات عام 2014، فإن فقد الإنتاجية عام 2014 نتيجة تعاطى المخدرات بلغ 120 مليار دولار، وفقد الإنتاجية هو أن المدمن لا يستطيع العمل وبالتالى يؤثر على الإنتاج بشكل سلبى، بالإضافة إلى أن وجود مدمن نشط فى المنزل يتعاطى المخدرات كارثة بكل المقاييس، وبالتالى لا بد من الإسراع فى علاجه، لأنه تحت تأثير الرغبة الملحة والعنيفة فى تعاطى المخدرات قد يفعل المدمن أى شىء، وقد يؤذى نفسه وأسرته.
كيف تتعامل الأسرة فى حال اكتشاف إدمان أحد أفرادها:
وفقا لما أكده الدكتور عبد الرحمن حماد فإن الأسرة عليها دور أساسى فى علاج الإدمان، لافتا إلى أنه فى حال اكتشاف إدمان احد أفراد الاسرة يجب الإسراع فى علاجه عند الطبيب المختص الذى تثق فيه، ويتم وضع خطة العلاج بعد فحص المريض بين الطبيب والأسرة والمدمن، وبناء على الفحص يحدد الطبيب خطة علاج خارجية من خلال المتابعة مع الطبيب داخل المركز الخاص به مع ضمان عدم تعاطى المدمن للمواد المخدرة أو خطة داخلية من خلال الحجز دخل مركز صحى لعلاج الإدمان يوفر له العلاج اللازم.
ويحدد الدكتور عبد الرحمن حماد 5 خطوات لأى أسرة ترغب فى علاج ابنها الذى وقع فريسة للإدمان كتالى:
1- مشاركة الأسرة فى العلاج تعطى ضمانة لنجاح العلاج وتقليل الانتكاسة، يجب على الأسرة أن تعلم أن دورها لا يتوقف عند تقديم ابنها للعلاج، ولكن لها دور أكبر فى مساعدته على استكمال العلاج للنهاية، والهدف هنا يكون زيادة الرغبة بشكل دائم لديه فى العلاج والتعافى.
2- نسبة الانتكاسة من مرض الادمان تتراوح بين 40 إلى 60 %، ومشاركة الأسرة فى مراحل العلاج تقلل من احتمالية حدوث الانتكاسة.
3- لضمان نجاح العلاج على الأسرة أن تحفز ابنها المتعافى من الإدمان، فى اكتساب مهارات جديدة فى حياته مثل حل المشكلات والتكيف مع الضغوط وممارسة الرياضة وغيرها من الأنشطة ومتابعته خلال عودته للدراسة أو العمل.
4- على الأسرة ألا تفرط فى مكافأة وتدليل ابنها بعد التعافى والإدمان وألا تلبى له احتياجاته، فربما كان هذا التدليل هو السبب فى تعاطيه للمخدرات، ويجب أن يفهم الشاب الذى تعافى من المخدرات أنه علاجه من الإدمان كان مشكلته الخاصة، وعندما حل هذه المشكلة فعل ما ينبغى أن يفعله أى إنسان.
5- وجود الأسرة داخل تفاصيل ابنها المتعافى ومشاركته فى الاهتمامات وخلق جو من التآلف والمشاركة بين أفراد الأسرة يعد نمط حياة صحى يساعد على التعافى الدائم من المخدرات وعدم العودة مرة أخرى.
نصائح للاسرة للتعامل مع ابنها المدمن
كيف تحمى ابنك من الوقوع فى مصيدة الإدمان؟
لأن الوقاية خير من العلاج، فهناك مجموعة من النصائح يمكن الاعتماد عليها لحماية أبنائك من الوصول لطريق الإدمان، وفقا لما أوضحه الدكتور عبد الرحمن حماد.
وحدد الدكتور عبد الرحمن حماد، مدير مركز انسايت للصحة النفسية، ومدير وحدة طب الإدمان بمستشفى العباسية سابقا، 5 نصائح سحرية تساعد أى أسرة على حماية أبنائها من الإدمان.
1- من الضرورى جدا متابعة الطفل مبكرًا، وهو فى سن ما قبل المدرسة، للتعرف على أى سلوكيات ملفتة للانتباه ومن أخطرها السلوك العدوانى المبكر "مثل عض زملائه، أخذ سندوتشاتهم"، لأن اكتشاف هذا السلوك مبكرًا سوف يساهم فى حماية ابنك من المخدرات، حيث إن وجود هذا السلوك العدوانى المبكر يجعل الطفل تعرض دائما للعقاب والرفض من أقرانه، مما يجعل له مردود نفسى سلبى، وإذا استمر هذا السلوك ولم يتم اكتشافه سيكون أكثر عرضة للتسرب من التعليم والتعرف على أصدقاء السوء وتدخين السجائر مبكرا ومن ثم تعاطى المخدرات.
2- تحدث لأبنائك عن المخدرات، حيث تؤكد الدراسات العلمية أنه إذا تحدثت الأسرة لأبنائها عن المخدرات بنسبة 70% لن يتعاطوا المخدرات.
3- أفضل طرق لتحدث الأسرة مع أبنائها عن المخدرات مثلا إدارة حوار بناء معهم، وتعلم فن التفاوض، المشاركة فى المسئوليات، معرفة أصدقائهم، ومشاركتهم الاهتمام فى هواياتهم، واهتمامتهم.
معلومة طبية
4- يجب رفع شعار "الإنصات أولا"، وهو الشعار الذى اتخذه اليوم العالمى لمكافحة المخدرات ومنع تعاطيها عام 2018، ويكون الإنصات إنصاتا فعالاً، مع إظهار الاهتمام والتقدير.
5- يكون تأثير الأسرة كبيرا على الصغار، فى حين يكون تأثير الرفاق أو الأقران أكثر على المراهقين، لذلك وجود الأسرة داخل حياة أطفالها مبكرا ومتابعتهم والإنشغال بتفاصيلهم أكبر ضمانا لمنع أبنائهم من الوقوع فى أى من السلوكيات الخطرة "تدخين السجائر، تعاطى المخدرات، الجنس المبكر".
من الحشيش للترامادول والخمور.. حقائق تحتاج لمعرفتها عن مخاطر الإدمان
يقول الدكتور عبد الرحمن حماد إن خطورة الحشيش الأساسية تكمن فى كونه البوابة الرئيسية لتعاطى المخدرات الأخرى، لافتا إلى أن معظم الأشخاص يلجأون لتعاطى الحشيش باعتباره الأقل ضررًا، ولكن لا ما لا يدركونه هو أنه الأقوى والأشد تاثيرًا لأن يؤثر بشكل مباشر على مخ الإنسان.
وأوضح عبد الرحمن حماد أنه يوجد فى المخ مركز اسمه "مركز التثبيط"، له قدرة على التحكم فى الاستجابات المندفعة والسلوكيات غير المنضبطة، فمثلا إذا أتت للشخص فكرة مندفعة يقف هذا المركز حائلًا ومتحكمًا فى هذا التصرف، والحشيش يعمل على إحداث خلل مباشر فى هذا المركز وبالتالى يفقد السيطرة على نفسه وانفعالاته وسلوكياته المندفعة.
ويضيف الدكتور عبد الرحمن حماد أنه عادة يتعاطى الناس مخدر الحشيش فى فترة المراهقة، وحتى سن 22 عامًا، فإذا تخطى الإنسان هذا السن فإنه يكون أقل عرضة لتعاطى هذا المخدر.
اضرار الحشيش
ووفقا لأحدث الدراسات عن الحشيش، فإنها تكشف أن مقياس الذكاء لدى المراهقين الذين تعاطوا الحشيش فى سن مبكرة يقل 10 درجات عن أمثالهم ممن لم يتعاطوا الحشيش، وبالتالى سيكونون عرضة للتأخر الدراسى والتسرب من التعليم، وصعوبات التعلم، ومما يجعلهم أكثر عرضة للانضمام لأصدقاء السوء.
ويعد الحشيش من أكثر المخدرات المسئولة عن الأمراض النفسية، خاصة الاكتئاب والانفصام خاصة بين أسر الأشخاص الذين لديهم مشاكل نفسية، حيث يكون أفراد هذه الأسر أكثر عرضة للأمراض النفسية فى حال تعاطيهم الحشيش.
وأكد مدير مركز إنسايت أن المشكلة الأكبر أن مخدر الحشيش يؤثر على تقدير الزمان والمكان عند الإنسان، فمثلا قد يتعاطى الشخص الحشيش للتغلب على سرعة القذف خلال المعاشرة الجنسية لديه ويتملكه الوهم بأنه بالفعل تغلب على المشكلة وقضى وقتا أطول فى العلاقة، فى حين أنه قضى نفس المدة فى علاقته الجنسية التى كان يقضيها أثناء عدم تعاطيه الحشيش.
مخاطر الخمور
أما بالنسبة لمخاطر إدمان الخمور فيقول الدكتور عبد الرحمن حماد، مدير مركز إنسايت للصحة النفسية وطب الإدمان المدير السابق لوحدة الإدمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، إن لتعاطى الكحول بمشتقاته مخاطر صحية جسيمة على صحة الإنسان وعلى المجتمع كما للمخدرات، حيث إن تناول الكحول يتسبب فى الكثير من حوادث الطرق وبالتالى تعريض حياة الآخرين للخطر، مشيرًا إلى أن تقرير الحالة العالمى عن الكحول والصحة لعام 2018، الذى صدر مؤخرًا، وأكد أن عدد الوفيات سنويًا بسبب التعاطى الضار للكحول بلغ نحو 3 ملايين، فيما يموت تقريبًا 6 أشخاص كل دقيقة بسبب استخدام الكحول.
ووفقًا لتقرير الحالة العالمى عن الكحول، فإن هناك عدة مخاطر صحية تسببها الكحوليات لمتعاطيها وعلى المجتمع، والتى تنعكس فى الأرقام التالية:
1- 18 % من حالات الانتحار.
2- 18 % من العنف بين الأشخاص.
3- 27 % من إصابات حوادث الطرق.
4- 13 % من حالات الصرع.
5- 48 % من تليف الكبد.
6- 26 % من سرطان الفم.
7- 26 % من التهاب البنكرياس.
8- 20 % من السل.
9- 5 % من سرطان الثدى.
10- 7 % من أمراض القلب نتيجة ارتفاع ضغط الدم.
11- 11 % من سرطان القولون والمستقيم.
انفو جراف يوضح مخاطر تناول الكحول
آليات الحد من تناول الكحول
وأكد المدير السابق لوحدة الإدمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، أن هناك عدة مقترحات قدمها التقرير للحد من الاستخدام الضار للكحول، وهى كالتالى:
1- فرض ضوابط وقيود على توافر الكحول.
2- الحد من الطلب على الكحول من خلال آليات فرض الضرائب والتسعير.
3- توفير علاجات يمكن لمن يعانون من اضطرابات تعاطى الكحول الحصول عليها بأسعار مخفضة.
4- وضع ضوابط صارمة للقيادة تحت تاثير الكحول.
انفو جراف يوضح آليات القضاء على تعاطى الكحول
إدمان الترامادول
وفيما يتعلق بإدمان مخدر الترامادول أكد حماد أن الترامادول مصنف من بين المواد متوسطة الإدمانية، على عكس الهيروين والكوكايين من أشد المواد الإدمانية أى أنه من جرعات قليلة يمكن إدمانها، والكحول لكى يتم إدمانه يجب تعاطيه 5 سنوات، والترامادول يجب أن يتعاطاه يوميًا لأسابيع، والهيروين مثلا يكفى تعاطيه أكثر من مرة للإدمان.
وهناك سمات شخصية تجعل استعداد الشخص للتعاطى أكبر، وخطورة ذلك أنه فى حال أن أحد الأشخاص مصاب بالتوتر الدائم ولا يتسطيع التكيف مع هذا التوتر أو حل مشاكله فيلجأ مباشرة للإدمان، وكارثة الترامادول أنه رخيص الثمن، وهناك كارثة أكبر وهى وجود ترامادول مغشوش يحتوى على مواد كثيرة تضر بصحة الانسان بشكل كبير.
علاج إدمان الترامادول
الترامادول أحد أنواع المخدرات التى ترتفع نسب تعاطيها فى مصر، وكذلك اصعب انواع المخدرات فى التعافى منها أيضا وفقا لما أكده الدكتور عبد الرحمن حماد.
وأكد حماد أن الترامادول يصعب معه العلاج خارج المستشفى لأنه وارد جدا خلال أعراض الانسحاب يحدث للمدمن تشنجات، وبالتالى أعراض الانسحاب صعبة جدا لأن أعارضها نفسية وجسدية وهنا نعطى مسكنات للألم ومضادات للتشنجات، وأحيانا نعطيه مضادات للاكتئاب، ونهتم جدا بمرحلة ما بعد التعافى حرصا على عدم الوقوع فى فخ الانتكاسة، حيث يعود المريض بعد التعافى للمخدرات وهنا لابد من اكتسابه مهارات جديده ودمجه فى المجتمع.
إنفوجراف دكتور عبد الرحمن حماد يوضح حقائق صادمة عن الترامادول
ويشدد الدكتور عبد الرحمن حماد على الرفض التام لإعطاء المدمن أى جرعات أو العلاج بتقليل الجرعات لأنه فى هذه الحالة قد ينسحب المدمن من العلاج حينما يصل للمرحلة الأولية لإدمانه فمثلا لو أن شخص يدمن ترامادول وكان فى البداية يتعاطى نصف قرص وأصبح الآن يتعاطى أكثر من قرص فلو عالجناه بطريقة تقليل العلاج، ووصل لمرحلة تعاطى نصف قرص ربما ينسحب من العلاج ويكمل حياته بتعاطى نصف قرص.
كما يؤكد الدكتور عبد الرحمن حماد أن العلاج من الترامادول ضرورى جدا لأنه بعد فترة من الإدمان، يدخل المدمن فى دوامة من المشاكل لا تنتهى وتتزايد يوم بعد يوم.
ولمزيد من المعلومات والنصائح الطبية فى مجال طب الإدمان والصحة النفسية يمكنك الإطلاع على صفحة مركز انسايت عبر "فيس بوك"
https://www.facebook.com/InsightMHAM
للتواصل مع الفريق الصحفى المسئول عن إعداد المحتوى الطبى بخدمة دكتور "اليوم السابع" يرجى التواصل من خلال:
الواتس آب على الهاتف رقم: 01288830677
البريد الإلكترونى : doctor@youm7.com