تتصاعد حدة التوتر فى فنزويلا بعد إعلان رئيس الجمعية الوطنية خوان جوايدو نفسه رئيسا للبلاد، حيث أصبحت فنزويلا على صفيح ساخن ولديها رئيسين، وقد وصلت الأزمة إلى ذروتها بعد إصرار نيكولاس مادورو على أنه الحاكم الوحيد والشرعى للبلاد.
وقالت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإسبانية إن عدد القتلى فى المصادمات بين المتظاهرين وقوات الأمن فى فنزويلا وصل إلى 16 شخص و200 مصاب.
وقالت لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان عبر حسابها على تويتر إن "اللجنة تراقب عن كثب أعمال العنف الخطيرة فى فنزويلا فى سياق استمرار المظاهرات، والتى خلفت حتى الآن 16 حالة وفاة على الأقل وعشرات الجرحى والاعتقالات".
ودعت اللجنة الدولة الفنزويلية إلى احترام حرية وحياة وسلامة المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع خلال المظاهرات المؤيدة والمعارضة للرئيس نيكولاس مادورو.
وخرج مئات الآلاف من الفنزويليين إلى الشوارع فى أنحاء البلاد للاحتجاج على رئيس الدولة نيكولاس مادورو الذى يعتبرونه "مغتصبا" بعد حصوله على إعادة انتخابه فى انتخابات وصفتها بأنها احتيالية وغير معترف بها من قبل العديد من الدول.
فنزويلا (1)
من ناحية آخرى ، أعرب رئيس الجمعية الوطنية ، خوان جوايدو، الذى أعلن نفسه رئيسا للبلاد، عن أسفه على حسابه على تويتر "ليس لدى كلمات للتعبير عن الألم الذى أشعر به لأننى أعرف أن الفنزويليين قتلوا خلال الاحتجاجات فى الساعات الأخيرة".
ونزل آلاف المتظاهرين إلى الشوراع فى مدن فنزويلا، مطالبين بإقالة مادورو ، بعد الانهيار الاقتصادى الذى دمر البلاد.
وأعلنت الولايات المتحدة تضامنها مع مطالب الشعب الفنزويلى، واعترفت بزعيم الجمعية الوطنية جوايدو رئيسا مؤقتا للبلاد، وتبعها فى ذلك العديد من دول الأميريكتين.
وكشفت منظمة "NetBlocks Group" غير الحكومية، عن انقطاع الإنترنت فى فنزويلا مما يؤثر على اليوتيوب وجوجل والشبكات الاجتماعية، فى الوقت التى تشهد شوارع فنزويلا احتجاجات واسعة.
ووفقا للمنظمة التى تراقب جودة الاتصالات وحرية تصفح الإنترنت، فإن سبب الانقطاع غير معروف، وتستمر الاحتجاجات الضخمة فى فنزويلا، ضد الرئيس نيكولاس مادورو.
ولم يكن إعلان جوايدو مفاجئ إذ كشف قبل أيام عن خطته لتسلم السلطة فى البلاد، وكان يتوقع أن يستلم الرئاسة معتمدًا على دعم الجيش والمجتمع الدولى.
وقال جوايدو فى اجتماع حاشد فى كاراكاس قبل أيام: "يجب أن يكون شعب فنزويلا والقوات المسلحة والمجتمع الدولى هم الذين يقودونا إلى تفويض للسلطة لن نتجنبه بل سننفذه"، معلنًا عن تنظيم احتجاجات جماعية فى 23 يناير الجارى فى يوم سقوط ديكتاتورية ماركوس بيريز جيمينيز ( كان رئيس فنزويلا، اعتبارا من 1953، وفى يناير 1958 تمت الإطاحة به بانتفاضة شعبية دعمها الجيش الفنزويلى).
فنزويلا (3)
وقالت صحيفة "النويبو دياريو" الإسبانية إنه على الرغم من شعبية جوايدو الكبيرة والتأييد الذى حظى به بسبب الازمة الاقتصادية والاجتماعية التى تسبب بها الرئيس مادورو ، حيث أنه معروف ب"أوباما" الفنزويلى، فى إشارة إلى الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، ، إلا أن هناك خبراء ومراقبون دوليون يرجحون أن مادورو سوف يحفظ بالسلطة لأنها لا يزال المسيطر الفعلى على المؤسسات الرئيسية فى البلاد، محذرين من اتجاه كاراكاس إلى مواجهة سياسية خطيرة.
وأوضحت أن ملايين الفنزويليين فروا من بلادهم فى السنوات الأخيرة الماضية بسبب الركود الاقتصادى، وارتفاع معدل التضخم فى البلاد، ما تسبب فى نقص بعض البضائع والمنتجات الغذائية الرئيسية، وانتشار الجوع والأمراض وحدوث أزمة صحية، ومادورو لم يفعل أى شىء لاحتواء الأزمة، ما أدى إلى انخفاض شعبيته بشكل ملحوظ، ولكنه قام ببعض القرارات التى كانت مستفزة للشعب الفنزويلى.
ووفقا للمحلل السياسى لويس سالامنكا فإن "جوايدو زعيم صغير جدا، تجرأ على تحدى مادورو، وفى الواقع هو أهم شخصية معارضة فى فنزويلا، موضحًا أنه مع التحدى الذى تم شنه ضد النظام حقق جوايدو أكثر مما حققه الرؤساء الآخرون فى الجمعية الوطنية المعارضة، مثل هنرى راموس وخوليو بورخيس.
وأضاف الخبير السياسى أن ما يجعل جوايدو "زعيم" هو أنه تجرأ على اتخاذ خطوة لا يمكن تصورها نسبيا وغير متوقعة، وحتى الآن لا أحد تجرأ على اتخاذها".
أما كارلوس راؤول هيرنانديز، خبير فى العلوم السياسية، فقال إن "القائد هو الذى يخرج من الاضطهاد الذى يقره نيكولاس مادورو، حيث إن الرئيس مادورو قام بحبس لوبيز 9 أشهر، وذلك رغم الاحتجاجات التى خرجت فى عام 2017".
فنزويلا (6)
من هو خوان جوايدو؟
وينتمى جوايدو إلى حزب الإرادة الشعبية المتشدد المعارض ، وانتخب رئيسا للجمعية الوطنية فى 5 يناير .
جوايدو من ولاية فارجاس ، وهو أصغر رئيس برلمان فنزويلى ، حيث تولى هذا المنصب فى 2015 بدعم 97 ألف صوت وذلك بعد أن قاد اضرابا عن الطعام للمطالبة بأن يحدد المجلس الانتخابى الوطنى موعد الانتخابات البرلمانية.
وتخرج رئيس الجمعية الوطنية الذى يبلغ 35 عاما، من جامعة أندريس بيلو الكاثوليكية Ucab) فى 2007 ، وهو مهندس صناعى، وبدأ مسيرته المهنية فى عام 2001، وكان طالبا رائدا فى هذا المجال من الدراسات، وهو معروف بكونه جزءا من جيل 2007 المكون من قادة جامعيين شباب دفعوا بالهزيمة الوحيدة التى حققها هوجو تشافيز خلال فترة رئاسته بفقدان الاتستفتاء لإصلاح دستورى فى 1999، أى قبل 12 عاما تقريبا.
إلى جانب تولى جوايدو منصب نائب رئيس لجنة السياسة الداخلية فى عام 2016 وكان أحد المروجين الرئيسين لقانون العفو الذى وافق عليه البرلمان فى بداية الادراة، وفى عام 2017 ترأس لجنة المفوضين فى تحقيقات الفساد بشركة النفط الفنزويلية الوطنية PDVSA ، وقضية شركة البناء البرازيلية اودبريشت.
وجوايدو ليس من المتحدثين المهرة ، على العكس من ذلك ، فهو يكره التحدث ويحتاج الى التأكيد على الجمل لتدوير أفكاره.
وبعد يوم واحد من اداء مادورو اليمين، أعلن جوايدو أنه وفقا للمواد 333 و350 من الدستور فإنه لابد من استعادة النظام الدستورى الذى لم يلتزم به مادورو خاصة فى اداء اليمين الرئاسى، ووفقا للمادة 233 من الدستور فإن الدعوة للانتخابات فى 30 يوما، ولكنه ناشد مرة آخرى الجيش والمواطنين بدعمه حتى تحمل صلاحيات رئاسة الجمهورية.
وأضاف فى كلمة أمام أنصاره خارج مكتب برنامج الأمم المتحدة فى كراكاس "الشعب والقوات المسلحة الفنزويلية والمجتمع الدولى هم من يجب أن يعطونا تفويضا واضحا لتولى الرئاسة.
وبالنسبة لمادورو والمتحدثين السياسين المختلفين عن التشافيزية فإن جوايدو شخص غريب لا يعرفه أحد فى الشارع، ويسخر ديوسدادو كابيلو منه ويتهمه بأشياء مجنونة.
وأعيد انتخاب مادورو العام الماضى فى انتخابات رفضت على نطاق واسع باعتبارها مزورة ووصفت دول من شتى أنحاء العالم استمرار مادورو فى الرئاسة بأنه غير شرعى، ووصف زعماء الحزب الاشتراكى الحاكم هذا الانتقاد بأنه تدخل استعمارى بقيادة الولايات المتحدة.
وأشعل جوايدو ، الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية ، وروسيا ، حيث دعمت الأولى رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية، بينما انتقدت روسيا الموقف الأمريكى من أزمة فنزيلا ، وفتحت النار على واشنطن ، بعد إعلان الأخيرة دعمها لرئيس برلمان فنزويلا خوان جوايدو.