نادين طارق سليم تكتب: عذرا سندريلا

الخميس، 03 يناير 2019 10:00 ص
نادين طارق سليم تكتب: عذرا سندريلا سندريلا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أبحث فى ذاكرتى القديمة عن القصص التى تربينا عليها، على الأفلام الكرتونية التى كنا نعشقها، على الأساطير وحكايات الجنيات الطفولية التى كنا نستمع إليها ونصدق أنها حقيقية تماما.

 

أتذكر أن بطلاتها كانوا فتيات جميلات نشأن فى بيئة يحيط بهن الشر، فلم يكن بوسعهن شيئا إلا أن يضعن أيديهن على خدهن وينتظرن الفرج، فيأتى الفرج على هيئة ذلك الأمير الوسيم الذى يركب حصانه الأبيض ثم يتزوجها لطيبة قلبها وبهذا تكون قد انتهت القصة بانتصار الخير على الشر.

 

وطبعا لا ننسى حكاية سندريلا التى كانت مغلوبة على أمرها وتتعرض للاضطهاد فتستسلم بالكامل لزوجة أبيها وبناتها اللاتى شعرن بالغيرة منها لجمالها دون أن تثور هى أو حتى تتمرد لكنها ظلت تنتظر تلك القوة الخارقة التى سوف تأتى لتخلصها من هذا الظلم والطغيان.

 

الرومانسية فى القصص والأساطير جميلة بالتأكيد وكل منا يرسم قصته الخاصة فى خياله، لكن قصص كهذه أصبحت تؤثر كثيرا على الأطفال، فلم أجد المبرر أبدا أن يكون كل ذلك واقع لمعظم فتيات الوطن العربى يتوقعن أن خلاصهن يأتى على يد من ستحبه ذلك الفارس الذى سيكون منقذ لها من الناس وينهى أسرها بذلك الزفاف السعيد.

 

تنشأ الفتيات منذ صغرهن على أنهن قد خلقن للزواج ومن هنا تكبر الفتاة وعقلها بالكامل مشغول بهذا اليوم، الذى تعتقد أنها ستكون فيه أميرة وكأن فرحة الفتاة فى مجتمعنا ومستقبلها مقتصرة على الزفاف والأمير.

 

فى القصص تكون دائما لقطة النهاية عبارة عن حفل زفاف الأمير والأميرة والفرحة تملأ قلوب الناس والمحيطين بهما، وبعدها كلمة "النهاية".

 

لكن فى الواقع هذه ليست النهاية أبدا بل إنها بداية لحياة جديدة وطريق جديد يرتسم فى الأفق أمام الزوجين، ألم تتأملوا يوميا نسب الطلاق التى ترتفع دائما يوما تلو الآخر، أو كل هذا التفكك والفشل الأسرى الذى بدأ ينتشر بسرعة كالنار فى هشيم المجتمع.

 

أستغرب كثيرا من أن مازال مثل هذا التفكير قائم فى القرن الحادى والعشرين فلماذا يقبلن الانتظار، انتظار قوة خارجية لتغيير الأوضاع الراهنة سواء كانت هذه القوة متمثلة فى الزواج أو مال، وكأن الفتيات خلقن للانتظار والخضوع.

 

لا تكونى تلك الساذجة التى تصبر نفسها بأنها ستكون مستقلة بعد الزواج ولذلك تحللين إلى نفسك انتظار من يكون بطل قصتك، فلما لا تكونى أنت البطلة وتصنعى من ذاتك قصة نجاح يتداول الناس فصولها فى كل محفل وجلسة.

 

لماذا الانتظار وقد يأتى الفارس متأخرا أو قد لا يأتى نهائيا فقومى أنت وابدئى أنت بصعود سلم نجاحك الخاص، عليك أن تصلى إلى تلك المرحلة التى تشعرين بها أنك فخورة بنفسك عندها ستنظرين إلى مرآتك وتشعرين أنك أسطورة.

 

يجب عدم جعل حياتنا تقتصر فقط على جعل الزواج وانتظاره على إنه الهدف الأوحد الذى نسعى إليه، فبالتالى كل ذلك يعمل تماما على تقليل الجانب الاجتماعى والمهنى والمالى لنا كفتيات نريد حياة مستقلة.

 

وعند وصولك إلى تلك المرحلة التى تكونين بها مكتملة وقادرة على خوض حياة جديدة هنا يمكن أن تجعلى قرار الزواج الذى يكون مبنيا على الاحترام كى تستطيعين تكوين عائلة سليمة قائمة على الحب والاتزان.

 

ومع آخر دقة من الساعة الثانية عشر التى تعلن بداية سنة جديدة لست أنتظر من يجعل منى أميرة أو ملكة فبإمكانى أن أكون أنا كذلك بتحقيق أحلامى وطموحاتى التى هى مسئوليتى وحدى، إن لم أحققها أنا لذاتى لن يحققها أحد لى، نعم أحيانا تكون الأحلام عالية وبعيدة المنال لكنها تستحق أن نعمل لأجلها.

 

وأوجه رسالة إلى سمو الأميرة سندريلا: عذرا فالانتظار ليس على مقاسى.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة