سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 يناير 1958.. خطة «إجهاض وحدة مصر وسوريا» بأيد عربية يضعها حلف بغداد فى اجتماعه بتركيا

الأربعاء، 30 يناير 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 يناير 1958.. خطة «إجهاض وحدة مصر وسوريا» بأيد عربية يضعها حلف بغداد فى اجتماعه بتركيا سلوين لويد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تواصلت اجتماعات مجلس حلف بغداد فى العاصمة التركية أنقرة ليومها الثالث والأخير، وكان 30 يناير، مثل هذا اليوم 1958، لمناقشة خطط إفشال وحدة مصر وسوريا التى كانت تمضى فى خطوات إنجازها، وتتبع الدكتورة «فادية سراج الدين» وقائع هذه الاجتماعات الخطيرة فى كتابها «الغرب والوحدة المصرية السورية».. «راجع - ذات يوم 29 يناير 2019».
 
تذكر «سراج الدين» أنه ومن واقع محاضر الاجتماعات، قال وزير الخارجية البريطانية «سلوين لويد»، إن هناك ثلاثة بدائل مطروحة أمامهم، أولها - على حد تعبيره - «أن نقبل الوحدة المقترحة، وثانيها، أن نعارضها بضراوة، مستخدمين كل الوسائل المتاحة لنا، ونحاول أن نمزقها على الفور، وثالثها، أن نقبل الوحدة ظاهريا ونعمل على تحطيمها النهائى».
 
وحسب «سراج الدين»، فإن «لويد» شرح تقديره لطرحه، قائلا: «برغم أن البديل الثانى بالتأكيد الحل المثالى الذى ننشده، إلا أن الفشل فى تحقيقه وانعكاسات هذا الفشل المحتمل سيكون نصرا دبلوماسيا للروس.. أما إذا تبنينا البديل الثالث وهو «قبول الوحدة ظاهريا والعمل على تحطيمها» فسيكون أمامنا مجالات عديدة للعمل، منها أننا نستطيع تأييد وحدة عربية بين الأردن والعراق والسعودية، وتشجيع المعارضة داخل سوريا، والقيام بحملة إعلامية لتصوير الوحدة على أنها صفقة خاسرة للشعب السورى، الذى سيفقد بالتأكيد استقلاله بعد الوحدة، نتيجة لما سيترتب عليها من إذابة سوريا فى مصر».
 
بعد أن تحدث  «لويد»، طرح وزير الخارجية الأمريكى «فوستر دالاس» وجهة نظره.. قائلا: «الوحدة سيكون لها آثارا خطيرة على المصالح الغربية والدول العربية الأخرى، والأمر لن يكون مجرد سيطرة عبد الناصر على العالم العربى، بل سيطرة السوفيت، إذ إن هناك احتمالا كبيرا بأن عبدالناصر قد تحرك بتأييد من السوفيت، وأكد دالاس على أنه إذا ما تبنى الغرب موقفا سلبيا إزاء الوحدة المقترحة، فسيكون هناك خطر كبير لابتلاع الأردن ولبنان يليهما العراق والسعودية، وأضاف دالاس قائلا: «من الضرورى مقاومة هذه الوحدة، ولابد أن يتم ذلك بشكل عاجل جدا، وأقر دالاس ما ذكره «سلوين لويد» عن خطورة العداء المكشوف للوحدة، وأنه لا ينبغى الإقدام على تلك الخطوة إلا إذا كانوا على ثقة تامة من قدرتهم على إحباط هذه الوحدة».
 
تعلق «سراج الدين»: «على هذا النحو، كان القلق والخوف والرفض، هو ما ربط بين جميع المتحاورين، وأنشأ فيما بينهم تحالفا قويا على هدف محدد، هو ضرورة مقاومة الوحدة، وكان السؤال هو: كيف؟.. تجيب سراج الدين: «كان هناك ثلاث خصائص أساسية تميز المنهج الذى قررت الولايات المتحدة - حسب ما أعلنه دالاس - أن تتبناه.. الأول: أن الولايات المتحدة لن تتخذ المبادرة فى مواجهة الوحدة.. 2 - أى مبادرة لابد أن تأتى من قبل دولة عربية وليس من جانب دولة غربية.. 3 - الولايات المتحدة ملتزمة بمساندة أى مبادرة عربية فى هذا المجال».
 
تؤكد «سراج الدين»: «أكد دالاس على أن الموقف الأمريكى من هذه الوحدة سيرتهن إلى حد كبير على مواقف الدول العربية منها»، وقال: «إذا لم يكن هناك دولة عربية مستعدة للعمل ضد الوحدة، فلن يكون هناك ما تستطيع الولايات المتحدة القيام به إزاءها»، وتسجل «سراج الدين» ملاحظة تؤكد أنها جديرة بالانتباه وهى: «أن دالاس لم يخف شكوكه فى وجود طرف فى المنطقة تستطيع الولايات المتحدة العمل معه، والاعتماد عليه فى تحقيق أهدافها، بل إنه أعلن ذلك بقوله: «لسنا واثقين من أن هناك دولة عربية مستعدة أن تعمل بتأييد من الولايات المتحدة»، واستطرد قائلا: «فى الواقع، الشخصان الوحيدان اللذان على استعداد للقيام بعمل فعال فى المنطقة هما عبد الناصر، وبن جوريون رئيس وزراء اسرائيل».
 
تذكر «سراج الدين» أن البريطانيين وافقوا على هذه السياسة الأمريكية، التى ترتكز على أصدقاء الغرب فى المنطقة ومساعدتهم، فأقر «لويد» على ما ذكره دالاس بأن عملية إجهاض الوحدة لابد أن تجرى على أيد عربية بدلا من أيد غربية، وأعلن أن موقف بريطانيا يتطابق مع موقف الولايات المتحدة كل التطابق، وقال: «لن نقوم بأى مبادرة، حاولنا ذلك فى العام الماضى ولم ننجح فى تحقيق أى شىء.. وكان من رأى «لويد»: «أن رد الفعل إذا ماجاء من جانب الدول الغربية، فلن يتيح عنه سوى اتهامها بالإمبريالية، ولهذا فإن المطلوب هو رد فعل عربى موحد، يؤدى إلى نموذج جديد للتعاون العربى وإلى تجمع عربى آخر، وأكد سلوين لويد على أنه «إذا حدث هذا فإن بريطانيا سوف تؤيده».
 
تستخلص «سراج الدين» من تلك المناقشات، أن الخطوط الأساسية للمنهج الأمريكى البريطانى قامت على تحميل أصدقاء الغرب فى المنطقة مهمة التصدى للوحدة، والنهوض بمسؤولية مواجهتها، دون أن يكون للغرب دور ظاهر فيها، فاللعبة ستكون مباراة غربية بين مصر والدول العربية الأخرى، والغرب سيكون جزءا غير مرئى من هذه اللعبة، فهو لن يكون جزءا مشاركا بالفعل، وإنما سيكتفى برد الفعل.. وفى ضوء ذلك سعت الأطراف الغربية إلى العراق ليحارب مصر وسوريا ويتصدر هو ترتيب عملية تمزيق الوحدة».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة