جاء المسيح بالحق مخلصا للعالم من الخطيئة، هكذا تؤمن المسيحية، وتبشر اليهودية، عن "الماشيح"، الذى جاء مبشرا ونذيرا بحسب الإيمان الإسلامى.
ولد المسيح فى بيت لحم، وبشر من الناصرة، جاء برسالة الخلاص الأخيرة للبشر من خطيئة الإنسان الأول ليفدى البشر أجمعين بروحه الطاهرة، ليصلب على الصليب، قبل أن يقوم ويصعد إلى السماء، هكذا هو المعتقد المسيحى حول يسوع المسيح، وهو ما يختلف فى رؤيته مع كل من اليهودية والإسلام. لكن قبل ظهور المسيح كانت هناك عدة محاولات لأشخاص ليدعوا بأنهم "المسياء" المنتظر، ولم يكن ظهور المسيح بن مريم آخر المطاف فمحاولات عدة ظهرت من بعض اليهود ليزعموا بأنهم المسيح المنتظر.
الدكتور يوسف زيدان فى كتابه "كتاب اللاهوت العربى وأصول العنف الدينى" يوضح أن قبل يسوع المسيح الذى نعرفه وتؤامن به المسيحية والإسلام، ظهر كثيرون من المتحمسين اليهود، بل المغامرين وقطاع الطرق الذين ادعى كل واحد منهم أنه المسيح، فكان أحبار اليهود وعلماؤهم، الكبار منهم والصغار، يختبرون من يظهر دعواه من هولاء، وينظرون فى علامات صدقه، فيرونه فى كل مرة كاذبا، وعندئد يصرفونه عن دعواه بالسحنى وبالازدراء، أو يروعونه تهديدا بالويل والثبور وعظائم الأمور، أو يسلمونه إذا لم ينصرف ولم يرتدع إلى السلطة الرومانية لتقرر العقاب المناسب له، وهو عقاب كان عادة الإعدام صبرا على خشبة عالية، بحيث يراه الآخرون من اليهود الحالمين أو المتحمسين أو المغامرين، فينصرفون عن التفكير فى الأمر، ويصرفون عن خيالهم أمنياتهم بالمستحيلة بالخلاص.
واستشهد الكتاب بأحد النصوص الدينية فى سفر "ميخا" أحد الأنبياء المتأخرين المعروفين بالأنبياء الصغار الاثنى عشر، حيث يقول: "ويل للمفتكرين بالبطل، والصانعين على مضاجعهم، فى نور الصباح يفعلون لأنه فى قدرة أيديهم، فإنهم يشتهون الحقول ويعتصبونها، والبيوت يأخذونها، ويظلمون الرجل وبيته والإنسان وميراثه".
وبعدما جاء المسيح يسوع ابن مريم بعدما طال زمان الانتظار اليهودى، لكنه من بعده جاء أيضا آخرون من اليهود والمتهودين، الذين زعم كل واحد منهم أنه الماشيح، فما كان من اليهود إلا ما اعتادوا القيام به مع أمثاله، ويروى الكتاب، ما حكى به أشهر مؤرخى الكنسية القدماء يوسابيوس القيصرى، حول بعض المحاولات اليهودية المتوالية، التى نادت، من بعد يسوع المسيح، بمخلصين كذبة لم ينقطع ظهورهم إلا بعد انهدام الهيكل، منهم ثوداس المختال، الذى قام مفتخرا بنفسه وكأنه شىء، وقتل، وجميع الذين انقادوا إليه تبددوا، ونفس الشخص يروى عنه المؤرخ اليهودى الشهير يوسيفوس، أنه لما كان فادوس واليا على اليهودية فى حدود سنة 44 ميلادية، قام شخص محتال يدعى ثوداس، وأقنع جمهورا كبيرا جدا بأن يأخذوا ممتلكاتهم ويتبعوه إلى نهر الأردن لأنه قال إنه نبى وأن النهر سينشق بناء على أمره، ويمهد لهم معبرا سهلا، وبهذه الكلمات خدع الكثيرين، غير أن فادوس لم يسمح بالتمادى فى حماقاتهم، بل أرسل فرقة من الخيالة ضدهم، فوقعوا بهم على غير انتظار وقتلوا منهم كثيرين، وألقوا القبض كثيرين منهم أحياء، بينما أخذوا ثوداس نفسه أسيرا، وقطعوا رأسه وحملوه إلى أورشليم.
وعلى المنوال نفسه ظهر المتنبى اليهودى المسمى عندهم "النبى المصرى الكذاب" الذى جمع أتباعه على جبل الزيتون ليشهدوا وقوع نبوءته بسقوط أسوار أورشليم ودخولهم إليها بسلام آمنين، ويقول "يوسابيوس" عنه: "ظهر فى الأرض محتال أوحى إلى الناس أن يؤمنوا به كنبى، وجمع نحو 30 ألفا ممن خدعهم واقتادهم إلى البرية، إلى جبل الزيتون، ولكن فيلكس "الحاكم" سبق فعلهم بهجومه وخرج لملاقاته بالفياليق الرومانية، حتى أن المصرى هرب مع قليل من أتباعه لما نشبت المعركة، لكن الأغلبية هلكت أو أخذت أسرى".
نبى آخر كاذب ظهر هو "السامرى" سيمون الساخر وتلميذه "ميناندر العراف: الذى كان سامريا أيضا، وأذاع أضاليله إلى مدى لا يقل عن معلمه سيمون، وعربد فى طياشات أعجب منه، لأنه قال إنه هو نفسه المخلص الذى أرسل من الدهور غير المنظورة لخلاص البشر، أتى إلى أنطاكية وأضل الكثيرين بسحره، وأقنع أتباعه بأنهم لن يموتوا، وعلى أن الذين اختاروا هولاء الناس كمخلصين لهم، سقطوا من الرجاء الحقيقى.
ويوضح موقع الأنبا تكلا هيمانوت، أحد أشهر المراجع المسيحية على الإنترنت، أن المسيح تنبأ بمجيء مسحاء كذبة (مت 24: 24)، وقد ظهر بين اليهود أربعة وعشرون مسيحيًا كاذبًا، وأشهرهم بار كوكبة الذى عاش فى أول القرن الثانى وادعى ذلك الدجال بأنه رئيس الأمة اليهودية وملكهم فانحازوا إليه ضد المملكة الرومانية، فمات منهم فى الحرب التى نتجت عن ذلك بين 500000 و600000 نسمة، وفى القرن الثانى عشر بعد المسيح ظهر نحو عشرة مسحاء كذبة التصق بهم عدد غفير من اليهود، فمات منهم خلق كثير من جرّاء الاضطهادات الصارمة التى نتجت عن ذلك.
ويبدو أن هدم المعبد لم يكن نهاية المطاف لتلك الأكاذيب كما قال يوسف زيدان، فأوضح الموقع أن آخر المسحاء الكذبة الذين اشتهروا بكثرة تابعيهم: مردخاى رجل ألمانى ظهر سنة 1682م، ولما اشتد الاضطهاد هرب بسببه فلم يعثر له على خبر، وقد عاش فى القرن التاسع عشر فى باريس رجل فرنسى ادعى بأنه المسيح غير أنه لم ينحز إليه إلا أنفار قليلون ولم يضطهد. وفى أمريكا هناك جيم جونز الذى ادعى أنه تناسخ للمسيح "تناسخ أرواح"، إلى أن انتحر هو وجماعته سنة 1978، وحاليًا يوجد خوزيه لويس ميراندا الذى يدّعى بأنه هو المسيح، ثم أعاد وأضاف أنه هو ضد المسيح كذلك!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة