"نعم، سننسحب ولكن ذلك سيتم خلال فترة من الزمن".. هكذا أكد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قرار انسحاب القوات الأمريكية المكونة من 2000 جندى من سوريا والذى اتخذه فى يوم 19 ديسمبر الماضى، قرار فاجأ حلفاء الولايات المتحدة وعلى رأسهم الاحتلال الإسرائيلى، فى ظل التواجد الإيرانى الكبير فى الميدان السوري، ودفع واشنطن لطمأنة الحلفاء بالتصريحات تارة والتحركات والتشاور معهم تارة آخرى، كان أخرها سفر الصقر الأمريكى ومستشار الأمن القومى، جون بولتون إلى إسرائيل وتركيا لبحث تداعيات القرار، والتأكيد على أن الانسحاب لا يعنى ترك الملعب السورى لأذرع طهران الممتدة.
ونظر إلى الإنسحاب الأمريكى من سوريا بأنه قرار يتعارض مع الإستراتيجية الأمريكية المعلنة ليلة الجمعة 13 أكتوبر 2018، لتقويض سلوك طهران وتقليم أظافرها فى سوريا والعراق ولبنان و..، ودعم حلفاءها الاقليميين فى التصدى للإخطبوط الإيرانى، وجائت تصريحات لبولتون لتؤكد على مواصلة ترامب نهجه حيال إيران فى مناطق نفوذها، وقبل ساعات من بدء جولة شرق أوسطية تشمل إسرائيل وتركيا، وقال مستشار شؤون الأمن القومي الأمريكي، إن بلاده ستقف بقوة مع حلفائها الذين قاتلوا إلى جانبها ضد تنظيم داعش في العراق والشام أو ما يُعرف بـ"داعش"، والتصدي لإيران.
مستشار ترامب
صقور ترامب رسالة إلى طهران
ارسال الإدارة الأمريكية بولتون المعروف بعلاقاته الواسعة مع المعارضة الإيرانية بالخارج وانتهاجه استراتيجية متشددة حيال طهران، رسالة إلى الأخيرة تؤكد على أن الرئيس ترامب أخذ فى عين الاعتبار التصدى لأنشطتها ونفوذها، وأضاف بولتون على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر، "سنغادر إلى إسرائيل وتركيا لمناقشة انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وكيف سنعمل مع الحلفاء والشركاء لمنع عودة داعش.."وتابع قائلا: "سنقف بقوة مع هؤلاء الذين حاربوا معنا ضد داعش والتصدي لسلوك إيران الخبيث في المنطقة"، مضيفا في تغريدة منفصلة أنه سفير أمريكا بتركيا سيكون معه.
وبالنظر إلى الوفد الأمريكى لمرافق لبولتون الذى يضم كلا من رئيس الأركان المشتركة للقوات الأمريكية جوزيف دونفورد، والموفد الخاص لوزير الخارجية الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري المناهض للوجود الإيرانى فى سوريا، فانه أيضا يعد رسالة أخرى إلى إيران تشير إلى أن الإدارة الأمريكية ستبدأ ستفعل أدوات جديدة لإخراج كل القوات التي تعمل بإمرة إيران في سوريا وضمان أمن حلفاءها وعلى رأسهم الدولة العبرية التى ترى فى التواجد الإيرانى بدمشق منذ 8 سنوات مصدر إزعاج له.
مساعى تقويض طهران تزامنت مع تصعيد التوتر بين البلدين، فالعقوبات الأمريكية التى دخلت حيز التنفيذ فى اغسطس ونوفمبر الماضيين جعلت الاقتصاد الإيرانى على المحك وقلصت موازنتها إلى النصف، ودفعت بطهران لإيجاد أدوات بديلة وتوزيع لتهديداتها على واشنطن وحلفاءها، وردا على ارسال واشنطن حاملات طائرتها "جون سي ستينيس" إلى مياه الخليج العربي، في ديسمبر الماضي، والتى اثارت قلقلها، قال قائد إيراني كبير اليوم الجمعة إن البحرية الإيرانية سترسل سفنا حربية لغرب المحيط الأطلسي بدءا من مارس، في وقت تسعى فيه طهران لمد نطاق عمل قواتها البحرية بحيث يصبح على مقربة من الولايات المتحدة.
وقال نائب قائد البحرية الإيرانية إن أسطولا صغيرا سينطلق إلى المحيط الأطلسي في السنة الفارسية الجديدة التي تبدأ في مارس، ونقلت وكالة ايرنا عن الأميرال تورج حَسَني قوله "المحيط الأطلسي بعيد وعملية القافلة البحرية الإيرانية قد تستغرق خمسة شهور".وقال إن المدمرة سهند المشيدة حديثا ستكون واحدة من السفن المتجهة إلى هناك.
مدمرة سهند
والمدمرة سهند مزودة بمنصة لإقلاع طائرات الهليكوبتر وتقول إيران إنها مجهزة بأسلحة مضادة للطائرات والسفن وصواريخ سطح-سطح وسطح-بحر وقدرات للحرب الإلكترونية.
وتقوم طهران بسياسة التعامل بالمثل، وقال مسؤول عسكري إيراني كبير الشهر الماضي إن البحرية قد تبحر في المحيط الأطلسي بالقرب من المياه الأمريكية نظرا لأن حاملات الطائرات الأمريكية يمكنها الإبحار في المياه الدولية بالقرب من إيران.
وقال حسنى "عن طريق الوجود المستمر في المياه الدولية تسعى البحرية الإيرانية إلى تنفيذ أوامر القائد الأعلى للقوات المسلحة (الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي) ورفع علم الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإحباط المخططات المعادية لإيران وتأمين مسارات الشحن".