شارع ملئ بالضجيج.. منزل يكتسى بالحزن.. آثار دماء أغرقتها دموع الحزن.. رائحة الموت تخيم على المكان.. وأصوات البكاء تكتسى المنزل بأكمله.. فالحدث الجلل هو أن أما فقدت نور فؤادها.
"أبويا بينادينى يا أمى، عايزنى أروح معاه، متزعليش لو مت"، كلمات أخيرة كانت لضحية جديدة للانتحار داخل مدينة السلام، فى واقعة هزت المدينة بأكملها نظرا لصغر عمر المتوفى، فلم يبلغ الطفل الضحية 16 عام بعد.
تعود القصة التى أثارت حفيظة الجميع فى حى السلام، إلى إنفصال والد الطفل محمود عن والدته منذ 5 سنوات، لتتزوج والدته من آخر ليعيش معها الطفل، فصل جديد عاشه "محمود" رغم صغر سنه بوفاة والده.
عاشت الأم مع زوجها بصحبة 5 فتيات ومحمود الشاب الوحيد للأسرة، بعد أعوام عديدة تمنت الأم أن ترزق فيها الولد بعد إنجاب 5 فتيات، لتحاول الأم بذل قصارى جهدها لتلبية احتياجات ومتطلبات نجللها التى طالما حلمت بإنجابه يوما.
عاش "محمود" حياة الرفاهية إلى حد ما مع والدته وزوجها، نظرا لأنه الولد الوحيد بين 5 فتيات، وبالرغم من أنه كثير افتعال المشاكل، إلا أنه كان محبوبا من الجميع على حد قول أصدقائه وأقاربه، لم يرتاد "محمود" أى من المدارس، مفضلا المهن الحرة وعدم سلك طريق التعليم.
حاول "محمود" الانتحار أكثر من مرة دون سبب أو دافع، فتارة يرمى نفسه من أعلى منزله، وأخرى يحاول قتل نفسه، إلا أن العناية الإلهية دائما ما كانت بجواره لتنقذه.
قبل الواقعة بـ40 يوما تغير حال "محمود" من طفل متوهج عاشق لافتعال المشاكل، لآخر هادىء اعتاد الصلاة فى المسجد، ينقل بعض المتعلقات والملابس ليبيت بداخله، لا يفوت فرضا إلا وقام بصلاته فى المسجد، يعامل الجميع برحمة وسلاسة غير معتادة، يخبر والدته دائما "أبويا بيجيلى فى الحلم وعايز ياخدنى معاه يا أمى، متزعليش لو مت يا أمى".
وفى يوم الحادث، أخبر محمود والدته قائلا: "هو أنا لو مت يا أمى هتزعلى عليا"، فردت الأم "طبعا أمال مين هيقف فى جنازتى غيرك"، حوار مؤلم لم تصدقه الأم فأخبرت نجلها بأنها ستغادر المنزل للحصول على العشاء، لتعود وقد ذهب نجلها، ذهب نور القلب الذى لم تر قبله شىء، ذهب هذه المرة دون عودة.
من جانبه يقول محمد خال، الطفل المنتحر، "محمود كان كويس آخر 40 يوم، ومبيفوتش صلاة فى المسجد، جوز أمه كان خلاص هيخطبله بنت عمته لما شافه ملتزم وهيبداء يشتغل، خلى أمه تنزل تجيب العشا، وربط نفسه فى الستارة جنب الكهربا، ولَما فشل فى أن يموت خنقا، مسك الكهربا فأثرت عليه ومات على طول".
وأضاف "محمد": "أخت محمود الصغيرة 4 سنين هى اللى شافته وقعدت تعيط جامد، لحد ما الناس سمعت وطلعنا شوفناه مشنوق. وأثار الكهربا فى رقبته".
فيما تقول جدة الطفل المنتحر، إن حفيدها التزم فى الصلاة مؤخرا وكان يعامل معاملة مدللة من الأم وزوجها، نظرا لأنه الولد الوحيد على 5 فتيات، مؤكدة أنه لا أحد يعلم سبب انتحاره حتى الآن.
من جانبها، صرحت نيابة السلام، بدفن الطفل الذى لقى مصرعه فى الساعات الأولى من صباح اليوم، بعد انتحاره فى منزله بمدينة السلام. وانتقل فريق من نيابة السلام لمعاينة موقع انتحار طفل بمدينة السلام لبيان سبب الوفاة، والتأكد من وجود شبهة جنائية من عدمه.
وتلقى قسم السلام بلاغا من الأهالى يفيد بانتحار "م.ا" 16 عاما من أعلى منزله بمدينة السلام، وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية لموقع الحادث، وتم تحرير المحضر اللازم وإخطار النيابة التى توالت التحقيق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة