زيارة تاريخية أجراها قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لجامعة حلوان بحضور وزير التعليم العالى، مؤكدا أنه لديه ثقة كاملة فى شباب مصر وأنهم الأمل للنهوض بمصر الجديدة.
وأضاف قداسة البابا تواضروس، أن هناك 4 محركات تحرك حياة الإنسان ولاسيما الشباب وأولهم المعرفة، قائلا: "ربما تكون المعرفة هى التى تحركك فى هذه الحياة والمقصود بها العلم والبحث عن العلم وتقود حياة كثيرين وأنتم منهم جميعا تتحركون للبحث عن المعرفة فى كل المجالات العلمية، ومنذ بداية تاريخ الإنسان بحث الإنسان عن العلم وصنع المنتجات والحضارات وكان العلم سببا فى أن تكون حياة الإنسان أكثر راحة".
وأضاف قداسة البابا تواضروس، بمحاضرته تحت عنوان "فى حب مصر" بجامعة حلوان اليوم الثلاثاء، أن الإنسان أساء فى بعض الأحيان لهذه المعرفة، قائلا: "امتلأت البشرية بالمخترعات النافعة والضارة فحركت بحوث العلم لصنع آلات الحرب التى هدمت حياة البشر بدلا من أن تبينها ووجدنا العلم الذى يجعل الحياة أكثر فائدة والعلم الذى يضر كما أجبرتنا الأجهزة الإلكترونية الحديثة على الكسل فالمثل الشعبى المصرى القديم "الحركة بركة" والكسل الذى أصابنا تسبب فى العديد من الأمراض بالجلوس بالساعات أمام الأجهزة".
وأضح البابا تواضروس، أن الثروة الحقيقية للشاب هى ثروة الوقت، وأنه لابد أن يتحركوا من محرك الحكمة لا الجهل فالحكمة تختار ما يبنى وترفع من قدر الشعوب والأفراد، مؤكدا أن المحرك الثانى هو البحث عن الذات أو النفس، مشيرا إلى أنه من أشهر أقوال السيد المسيح "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟" وهذا سؤال وجودى يحمل على أهمية البحث عن النفس الإنسانية، موضحا أنه منذ فجر التاريخ تساءل الإنسان عن خالقه وتأمل الطبيعة ليجد إجابات وأنشأ الأفكار وناقش الأقدار وصنع فن الحوار فحاور نفسه وآخرين.
وأوضح قداسة البابا تواضروس، أن هذا المحرك هو محرك علوم الفلسفة والمنطق والنفس البشرية وما زال الفلاسفة يبحثون عن اكتشاف الذات وهنا ذهب بعضهم لتعظيم الذات وتعميق المخلوق على الخالق وأنتج هذا التوجه موجات الإلحاد التى تنتشر فى العالم حتى اعتقد الإنسان أنه الكائن الأسمى الذى يحرك الكون، فيما قام البعض الآخر بتحقير النفس الإنسانية وقادت هذه النظرة نفوس البشر للامبالاة والاكتئاب وأشكال من الأذى النفسى وانتشار حالات الإدمان والشذوذ على مستوى العالم وصار الإنسان يحتقر ذاته البشرية، قائلا للطلاب: "يجب أن تبنى نفسك وذاتك بناء صحيحا بالبحث المعتدل".
واستكمل قداسة البابا تواضروس: "الله لم يخلق أحدا فينا بلاد هدف أو معنى ودراستك فى الجامعة ومع الأساتذة الذين يبنون شخصيتك ويشاركون فى بناء هذه الشخصية لتتعرف على الهدف الذى خلقك الله من أجله والله لم يخلق إنسانا بلا فائدة ولكن بقصد ومعنى فابحث عن معنى وقصد الله من وجودك وعملك ولا تسمع لأصوات القائلين بأن حياتك ليس لها معنى وكل الدعاوى التى تحقر من الذات البشرية اتركها خلف ظهرك".
وقال قداسة البابا تواضروس، إن المحرك الثالث هو محرك البحث عن الجمال فى كل الفنون وكل تعبير جمالى فنى يعبر عن حالات النفس البشرية ويرقى بالمشاعر الإنسانية، قائلا: "بحث الإنسان القديم عن الجمال وكان أجدادنا المصريون من رواد الفنون والجمال، والفن بكل أنواعه يحول الفراغ لكل ما هو جميل ومقدس ومن هنا جاءت قيمة الجمال والفن فى النفس البشرية والفنانون والأدباء حركتهم المشاعر للبحث عن الجمال فالجمال خلق حولنا وعلينا أن نكتشفه ونحافظ عليه".
وأشار إلى أن آخرون تحركوا فى اتجاهات مدمرة للعلاقات الإنسانية فالموسيقى تؤثر على الإنسان والشباب بصفة خاصة وفى العقدين الأخيرين استخدمت سماعات الأذن الضارة بالأذن وأصبح هناك أنواع من الموسيقى أصابت الشباب بالإدمان، قائلا للطلاب: "ابحث عن الجمال الحقيقى فى هذه الطبيعة وفى الأرض والحياة والبحث عن الجمال يمكن أن يكون فى كل العلوم الفنون والآداب التى تقدمها الجامعة وتبحث عنها أنت أيها الإنسان فى التخصص فيجب الإنسان أن يبحث عن الجمال فى حياته"، مؤكدا أن المحرك الرابع لحياة الإنسان هو المحبة.
وأكد قداسة البابا تواضروس الثانى، أن المحرك الأقوى لحياة الإنسان هو محرك المحبة فهى المفقود أو النادر الوجود فخلق الله الكون والكائنات من المحبة فأحب الإنسان قبل أن يخلقه وكانت الإرادة البشرية أن نعيش فى المحبة لكن الإنسان بحث عن الغلبة والقوة والمشاعر السلبية فى الحقد والغيرة جعل الأخ يقتل أخيه وصارت كل المحركات بعيدا عن القصد الإلهى.
وأضاف، أن الإنسان يعتدى على الطبيعة والمناخ وحرارة الأرض تزداد، مؤكدا أنه يجب أن يحب الإنسان باقى البشر والطبيعة، موضحا أن المحبة محرك يمكن أن يحرك الإنسان فى كل اتجاه وخاصة اتجاه البشر فالإنسان خليفة الله فى الأرض".
وتابع قداسة البابا: "عليك أن تسعى لأن تبتعد عن كل المشاعر السلبية وأن تهتم بمساعدة الآخر ودعمه والستر على أخطائه ويمكن أن تكتبوا صفحة جديدة فى تاريخ حياتكم والوطن عند الإعلاء من شأن المحبة وعندما يمتلأ الإنسان بالمحبة الحقيقة يسعى ويفرح، قائلا: "عندما نقف أمام الله سيسألنا عن مقدار المحبة التى تم تحصيلها فالمحبة التى يسعى وراءها الإنسان على الأرض هى الرصيد الباقى له فى السماء".
وقال قداسة البابا تواضروس: "أنا واثق أن شباب مصر هم أصحاب إرداة ومحبة للوطن والأقدر على تحمل المسئولية والنهوض بمصر، وأغير فى قصيدة أبى القاسم الشابى لأقول إذا الشباب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر، ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر فى جوها واندثر، إليك الجمال الذى لا يبيد إليك الوجود الرحيب النضر.
وقال الدكتور ماجد نجم، رئيس جامعة حلوان، إنه يرحب بقداسة البابا تواضروس الثانى بطريرك الكرازة المرقسية وبابا الإسكندرية، الذى يحظى بالاحترام ليس فى مصر فقط وإنما فى مختلف بلدان العالم، موضحا أنه شخصية يميزها الصبر والحكمة والمعرفة عابرة الحدود الذى يتعامل مع المواقف المختلفة بوطنية خالصة وقناعة تامة أن المصريين جميعا على قلب رجل واحد"
وأضاف نجم، أنه يقدر اختيار جامعة حلوان واختصاصها بأول زيارة رسمية لجامعة حكومية وتوقيع بروتوكول مع الكنيسة فى مجال الخدمة العامة، موضحا أن هذه الاتفاقية تتسق مع جهود المؤسسة التعليم بدعم من التعليم العالى على التعاون والتنسيق وعقد الشرااكات متعددة الأطراف مع دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى للتنمية مشيرا إلى التقدم فى العديد من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية.
وأشار الدكتور ماجد نجم أن هذه الندوة تتزامن مع بداية شهر أكتوبر العظيم وهو شهر الانتصار، مؤكدا أن رمال سيناء ارتوت بدماء أبناء مصر من المسلمين والمسيحيين معا لأن تبقى مصر شامخة بين الأمم بعزم ومحبة أبنائها.
وقال وزير التعليم العالى والبحث العلمى، أن اليوم يوما سعيدا على كل أعضاء المجتمع الأكاديمى لتشريف قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لجامعة حلوان، مضيفا: "أرحب بقداسة البابا باسمى واسم كل العاملين بوزارة التعليم العالى والجامعات المصرية فهذا الرجل إنسان حكيم عاشق ومحب لمصر وشعبها وسمائها وأرضها وكان له القدوة والأثر فى العديد من المواقف التى مرت بمصر هو والأزهر الشريف".
وأضاف وزير التعليم العالى: "أقتبس من كلمات قداسة البابا مع مجلس الجامعة الذى أكد أن بناء الإنسان يأتى بالتعاون بين مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسات التعليمية والدينية والشباب والرياضة والأحزاب السياسية والمجتمع المدنى"، مشيرا إلى أن الوزارة وكل قيادات الجامعات على مستوى الجمهورية يعملون على وجود شاب مصرى قادر على العطاء.
وأشار وزير التعليم العالى، إلى أن التعاون بين الجامعة والكتيسة المصرية يأتى فى إطار الشراكات متعددة الأطراف وينتج عنها بعض العمل المجتمعى الهام للغاية من خلال الكنيسة المصرية والجامعات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لتنمية المجتمع وهذا شئ مهم للغاية، قائلا: "حرصنا أن تكون مؤسسات التعليم فى كل ربوع الوطن فى مطروح والوادى الجديد وقريبا فى الغردقة لإتاحة التلعيم فى كل ربوع الوطن ومهتمين بتنويع مصادر التعليم فى الكليات التكنولوجية والتعليم الفنى ودعم الجامعات والتعاون بين الجامعات والبحث العلمى ودعم جامعتى زويل والمصرية اليابانية التى تعد جامعات بحثية فى المقام الأول.
من جانبه، قال الطالب مصطفى صقر، رئيس اتحاد طلاب جامعة حلوان، أن مصر أرض السلام وتتميز بنشر السلام والمحبة بين الناس، قائلا: "يشرفنى بالأصالة عن نفسى وطلاب الجامعة أن نرحب بقداسة البابا فى زيارة غالية على قلوبنا وهى الأولى من نوعها، وأعضاء هيئة التدريس ووزير التعليم العالى والدكتور ماجد نجم رئيس جامعة حلوان".
يذكر أن قداسة البابا يرافقه وفد كنسى يتكون: نيافة الأنبا دانيال أسقف المعادى وسكرتير المجمع المقدس والأنبا ميخائيل الأسقف العام لكنائس قطاع حدائق والقس كيرلس بشرى سكرتير قداسة البابا والقس بولس حليم المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والدكتور إسحق عجبان عميد معهد الدراسات القبطية ووكيل المعهد الدكتور عادل فخرى والسيدة بربارة سليمان مدير المكتب البابوى للمشروعات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة