قالت الدكتورة داليا زيادة، مدير المركز المصرى للدراسات الديمقراطية الحرة، إن الاعتداء العسكري التركي على الأراضي السورية في المنطقة الشمالية الشرقية هو اعتداء على سيادة دولة ،وانتهاك للمواثيق الدولية التي تجرّم انتهاك سيادة الدول الوطنية وتنص على حسن الجوار، مؤكدة أن نظام إردوغان، يسعى لإنقاذ تنظيم داعش المحتضر بسبب ما تعرض له من هزائم متلاحقة خلال الأشهر الماضية على يد قوات التحالف، أدت إلى قتل وسجن الآلاف من عناصره، وهروب ما تبقى منهم إلى خارج سوريا.
واضافت داليا زيادة ، أن هذه الحرب المنفردة التي تقودها تركيا الآن على الأكراد في شمال سوريا، لن تخدم سوى نظام أردوغان وحليفه الإرهابي المفضل، تنظيم داعش، حيث أن هذه البقعة الواقعة على الحدود بين سوريا التي تعاني من ويلات الحروب الداخلية والإقليمية منذ ثمانية سنوات، والعراق التي تعاني من اضطرابات سياسية خطيرة وحالة من الفوضى التي خرجت عن حدود السيطرة في الأيام الماضية، ربما أغرت نظام إردوغان باغتنام الفرصة لإعادة توطين وتمكين تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة الشمالية الشرقية، وهي نفس المنطقة التي تضم حالياً الآلاف من عناصر التنظيم المحتجزين في سجون كانت تشرف عليها قوات التحالف، التي انسحب جزء كبير منها الآن تاركاً الساحة خالية أمام القوات التركية لتعيث فساداً في الأراضي السورية.
وأوضحت في بيان لها أن نظام أردوغان في تركيا هو الراعي الرئيسي للتنظيمات الإرهابية، التي تعيث فساداً في منطقة الشرق الأوسط، على اختلاف ألوانها، بدءاً من جماعة الإخوان والميليشيات المنبثقة منها في سيناء وغزة، وهي الجماعة التي ينتمي لها أردوغان وحزبه، وصولاً إلى تنظيم داعش، الذي كان يعتمد عليه نظام أردوغان لسنوات في تقوية حزبه وتسيير الحالة الاقتصادية المتعثرة داخل تركيا، وذلك من خلال الحصول على الثروات النفطية التي يقوم تنظيم داعش بنهبها من سوريا والعراق وبيعها لنظام إردوغان.
وتابعت أن نظام أردوغان يعمل على توفير الغطاء العسكري والسياسي الذي مكّن تنظيم داعش من مواصلة انتشاره بمنطقة الشرق الأوسط ومواصلة تهديده واستهدافه لأمن واستقرار الدول الوطنية بالمنطقة، وهو ما يصب أيضاً في تجسيد هلاوس تاريخية لدى أردوغان، والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي ينتمي له، تنطوي على تدمير الدول الوطنية بالشرق الأوسط وإعادة رسم خريطة المنطقة تحت لواء الخلافة العثمانية والحكم الإسلامي.
وأكدت أن علاقة أردوغان بالتنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط ودعمه المطلق لهذه التنظيمات ليس سراً، يجعلنا نقف طويلاً أمام صمت المجتمع الدولي على هذه المهزلة، خصوصاً مع وجود وثائق تثبت ذلك، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الوثائق التي قام “مركز ستوكهولم للحريات” بنشرها، الشهر الماضي، لدى الأمم المتحدة، أثناء زيارة إردوغان لمدينة نيويورك الأمريكية لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث نشر سلسلة من الوثائق التي تثبت العلاقة المجرمة بين تنظيم داعش ونظام إردوغان، كان أخطرها هو سلسلة من التحقيقات التي أجراها باحثون متخصصون من مركز ستوكهولم، بالتعاون مع “مركز روجافا للدراسات الاستراتيجية” في شمال شرق سوريا حول الروابط الاقتصادية والسياسية والعسكرية بين نظام أردوغان وتنظيم داعش، على مدار الخمس سنوات الماضية، والتي شكلت تهديد ليس فقط على أمن دول الشرق الأوسط، ولكن أيضاً على أمن دول أوروبا، وشمل التحقيق اعترافات موثقة من قيادات تنظيم داعش، الذين تم أسرهم مؤخراً، تثبت التعاون المباشر مع نظام إردوغان وتلقي الدعم المالي منه، فضلاً على توفير الغطاء السياسي لأنشطة التنظيم.
واختتمت قائلة :"لقد آن الأوان أن ينتفض المجتمع الدولي لمواجهة أردوغان ونظامه، فهو نظام يدعم الإرهاب علناً، ولن تفيد معه لغة الإدانة والشجب. إن ما قام به أردوغان أكبر بكثير من مجرد اعتداء عسكري على دولة جوار أو انتهاك لسيادة هذه الدولة على أراضيها، بل هو تمكين لتنظيم داعش الإرهابي، وإجهاض لكل المحاولات الدولية والإقليمية التي تسعى للقضاء على الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات.