وصل منذ قليل جثمان الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، إلى مطار القاهرة قادما من جنيف، حيث وافته المنية صباح أمس الخميس بعد صراع مع المرض، وستقام الجنازة صلاة الجنازة ظهر غد السبت بمسجد الحصرى بمدينة السادس من أكتوبر على أن يقام العزاء الاثنين المقبل بمسجد عمر مكرم، حسبما أكد مقربون لـ"اليوم السابع".
وكانت المؤسسة العالمية للإنترنت والأرقام والأسماء المخصصة "آيكان" قامت بنعى الدكتور طارق كامل عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، وصفته "آيكان" بالصديق والزميل ومستشار رئيس الشركة، مؤكدة أن الراحل كان يحظى بالإحترام من كل من تعامل معه.
وولد الدكتور طارق كامل بالقاهرة فى 8 مايو 1962، ودرس الهندسة الكهربائية بجامعة القاهرة التى حصل منها على شهادة البكالوريوس عام 1985، ثم الماجستير عام 1988، ثم تابع دراسته الأكاديمية بالجامعة التقنية بميونيخ -ألمانيا، خلال الفترة من 1989 إلى 1992 حيث حصل على درجة الدكتوراه فى الهندسة الكهربائية وتكنولوجيا المعلومات.
وبدأ كامل مسيرته المهنية بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، كما عمل بمعهد بحوث الإلكترونيات، وبين عامى 1992 و 1999 شغل منصب مدير إدارة الاتصالات والشبكات بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، حيث أشرف على دخول شبكة الانترنت إلى مصر عام 1993، وقاد عملية نمو الشبكة وتطوير خدماتها إلى المجتمع المصرى لتلبية احتياجات مؤسسات الدولة منها وكذلك الجامعات والمراكز العلمية والبحثية، إضافة الى الاحتياجات التجارية.
ومع تأسيس وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى عام 1999 عُين طارق كامل مستشاراً أول للوزير الدكتور أحمد نظيف وقتئذ اعترافاً بدوره وجهوده، فأشرف على وضع مخطط بعيد المدى لتطوير وتحديث منظومة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مصر، حيث جرى وضع حجر الأساس لإنشاء القرية الذكية لتكون الحاضنة الوطنية لكافة المؤسسات والشركات العاملة فى هذا المجال إضافة الى اشرافه على العديد من المبادرات الأخرى.
فى الفترة من 1999 إلى 2002 عمل طارق كامل كعضو فى مجلس أمناء جمعية الإنترنت العالمية وكان أيضاً عضواً مؤسساً فى مجلس إدارة مركز معلومات الشبكة الأفريقى المعنى بتوزيع عناوين الإنترنت فى القارة الأفريقية.
وتقديراً لدوره القيادى فى قطاع تكنولوجيا المعلومات، اختارته وزارة الاتصالات فى جنوب إفريقيا فى عام 2005 "الوزير الأول" لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات " فى أفريقيا.
فى عام 2004 عُين دكتور طارق كامل فى منصب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فقاد عملية إصلاح وتحرير قطاع والاتصالات فى مصر وأطلق العديد من المبادرات والمشروعات الوطنية لزيادة انتشار خدمات الاتصالات والإنترنت على مستوى الجمهورى، وتبنى فى ذلك مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص بغية خلق وتعزيز البيئة المواتية لتطوير تلك الصناعة فى مصر.
وشهدت مصر خلال فترة توليه الوزارة طفرة هائلة فى الخدمات وإنشاء حاضنات الأعمال ومراكز الاتصال، فضلاً عن تطوير البيئة اللازمة لريادة الأعمال وجذب شركاء عالميين للاستثمار فى مصر، أسهم ذلك فى تعزيز انفتاح مصر على العالم من جهة، وفى تطوير قدرات مؤسسات الدولة والشركات التجارية والأفراد من جهة أخرى.
وانعكست جهوده فى زيادة مساهمة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى معدل النمو خلال تلك الفترة، وفى زيادة معدلات التشغيل بهذا القطاع لا سيما من قبل الشباب حديثى التخرج، وفى رفع مستوى الخدمات المقدمة من هذا القطاع الحيوى للمواطن.
كان الدكتور طارق كامل أحد الرواد فى مجال الاتصالات والتكنولوجيا بوجه عام، وفى مجال حوكمة الانترنت بوجه خاص، وإيماناً منه بأهمية توفير حاضنة وطنية للكفاءات المصرية فى هذا المجال قام بتأسيس جمعية الإنترنت المصرية، وكان أول سكرتير عام لها، وقام بتسخير قدراته ومكانته لوضع مصر فى المكان اللائق بها على الصعيد الدولى فى عالم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكان حاضراً بقوة بعلمه وخبرته فى المؤتمرات والمحافل الدولية ذات الصلة منذ تسعينيات القرن الماضى، ومشاركاً فى صناعة القرارات الدولية فى هذا الشأن على الصعيدين الإقليمى والدولي.
فى عام 2012 وقع عليه الاختيار ليصبح النائب الأول للرئيس التنفيذى لهيئة الانترنت لأسماء والأرقام المخصصة أيكان - المؤسسة الدولية المختصة بإدارة الانترنت على مستوى العالم- ليكون أول شخص من المنطقة العربية وأفريقيا ودول العالم النامى يتولى مثل هذا المنصب منذ انشاء هيئة الأيكان عام 1998، وقد لاقى ذلك الاختيار ترحيباً واسع النطاق من مجتمع الاتصالات والانترنت العالمي.
وقام كامل من موقعه الجديد بلعب دور كبير فى تطوير قواعد حوكمة الانترنت على المستوى الدولى وأسهم فى تحقيق توافقات هامة بين مصالح مختلف أطراف صناعة التكنولوجيا ومستخدميها عبر العالم حيث قاد اعتباراً من عام 2014 عملية ممتدة ومعقدة من المشاورات والمفاوضات اشتركت فيها منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة فى جنيف ذات الصلة بالاتصالات والتكنولوجيا مع ممثلى الحكومات والشركات الدولية الكبرى ومؤسسات المجتمع المدنى المعنية بالإنترنت، وحرص على أن يوفر لمصر مقعداً على المائدة الدولية فى كل ذلك، واستطاع بثقله ومكانته ايجاد مساحة توافق جديدة حول مستقبل الانترنت حفظ حقوق الدول ومختلف الأطراف المعنية بالشبكة من الشركات ومؤسسات المجتمع المدنى والجهات الأكاديمية وكذلك المنظمات الدولية .
كان الدكتور طارق كامل رائداً فى مسيرته الوطنية داخل مصر، وهكذا كان فى مساره الوظيفى الدولى حظى باحترام وتقدير كل من عمل معه وكل من عرفه، ويُنسب إليه الفضل فى عدد لا يُحصى من الإنجازات التى حققتها مصر فى مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، وكذلك يشهد المجتمع الدولى لشخصه بالتميز العلمى والريادة والإنجاز.