الواقع يؤكد أن الحيوانات منذ نشوء الحضارات كان لها مكانة مهمة فى حياة البشر، فقد كانت ترافقهم أينما ذهبوا، ليس ذلك فقط بل إنها كانت مصدراً للرزق وطعاماً رئيساً لهم، وتلك الحيوانات حتى يومنا هذا لها نعم كثيرة على الإنسان، إذ ينتقل ويتنقل من مكان لآخر محمولاً على ظهرها، ويأكل من لحمها، ويشرب من لبنها، ويلبس من صوفها، وتساعده أيضاَ بشكل كبير منذ القدم فى العمل الخاص بالأرض، لذلك وجب على البشرية الرفق بها.
مسألة الرفق بالحيوان
ومسألة الرفق بالحيوان تعتبر صفة من الصفات العظيمة التي يتسم بها الإنسان، كما تعتبر مظهرا من مظاهر الرحمة والإحسان، والتصرفات الإيجابية، قال تعالى: "والأنعامَ خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافعُ ومنها تأكلونَ * ولكم فيها جمالٌ حينَ تريحونَ وحينَ تسرحونَ * وتحملُ أثقالكم إلى بلدٍ لم تكونوا بالغيهِ إلا بشقِّ الأنفسِ إنَّ ربّكم لرءوفٌ رحيمٌ * والخيلَ والبغالَ والحميرَ لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمونَ"، كما أن الأديان السماوية أوصت بمسألة الرفق بالحيوان.
إلا أننا في تلك الأيام لا يمر علينا يوماَ إلا نسمع عن التعدي على حيوان سواء بضربه أو قتله أحياناَ الأمر الذي نشاهده بشكل مستمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي - فيس بوك و تويتر - دون مراعاة لحرمة أو خشية من عقوبة فى الوقت الذى حرم فيه – الشرع الحنيف - مسألة التعدى على الحيوان عن طريق التأصيل الدينى لذلك الأمر ممثلاَ فى تحريم حبس الحيوان وتجويعه، وفى ذلك يقول الرسول: "عذبت امرأة فى هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هى أطعمتها وسقتها إذ حبستها ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض"، وفى حديث سهل ابن الحنظلية قال مر رسول الله ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: "اتقوا الله فى هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة".
فى التقرير التالى "اليوم السابع" يلقى الضوء على دور المُشرع المصرى فى حماية الحيوانات ومدى التصدى للإهمال فى رعايته، حيث إن هناك ثلاثة قوانين فى مصر تجرم قتل الحيوانات وبالأخص التى تخدم الغير كالماشية والدواب، وهي قانون العقوبات، وقانون البيئة، وقانون الزراعة – بحسب الخبير القانوني والمحامي حسام الجعفري.
نصت المادة 45 من الدستور: القائم على أن تلتزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية، ويحظر التعدي عليها، أو تلويثها، أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها، وحق كل مواطن فى التمتع بها مكفول، كما تكفل الدولة حماية وتنمية المساحة الخضراء فى الحضر، والحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية والسمكية، وحماية المعرض منها للانقراض أو الخطر، والرفق بالحيوان، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون - وفقا لـ"الجعفرى".
قانون العقوبات
نصت المادة 355 من قانون العقوبات المصري على أن يعاقب بالحبس مع الشغل أولا: كل من قتل عمدا دون مقتضى حيوانا من دواب الركوب أو الجر أو الحمل أو من أي نوع من أنواع المواشي أو أضر به ضررا كبيرا.
ثانيا: كل من سم حيوانا من الحيوانات المذكورة بالفقرة السابقة، وكل شروع في الجرائم السابقة يعاقب بالحبس مع الشغل مدة لا تزيد عن سنة أو الغرامة.
ونصت المادة رقم 356 من ذات القانون أنه إذا ارتكبت الجرائم المنصوص عليها ليلا تكون العقوبة الأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث إلى سبع سنوات.
بينما نصت المادة رقم 357 من ذات القانون أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو الغرامة كل من قتل عمدا ودون مقتضى أو سم حيوانا من الحيوانات المستأنسة غير المذكورة في المادة 355 أو أضر به ضررا كبيرا.
الرفق_بالحيوان
فيما تم تعديل قانون العقوبات بإضافة المادة 357 والتي جرمت قتل أو الإضرار بالحيوانات المستأنسة التي لم تذكر في المادة السابقة، ونصت على عقوبة الحبس الذى لا يزيد مدته على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه.
2- قانون البيئة
لم يعط قانون البيئة اهتماما يذكر بالحيوانات سوى ما جاء بالمادة 28 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1996 والتي نصت على أنه: "يحظر بأي طريقة صيد أو قتل أو أمساك الطيور الحيوانات البرية التي تحدد أنواعها اللائحة التنفيذية لها القانون ويحظر حيازة هذه الطيور والحيوانات أو التجول بها أو بيعها أو عرضها للبيع حية أو ميتة كما يحظر إتلاف أوكار الطيور المذكورة أو أعدام بيضها وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون المناطق التي تنطبق عليها أحكام هذه المادة وبيان شروط الترخيص بالصيد فيها وكذلك الجهات الإدارية المختصة بتنفيذ هذه المادة".
وجاء بالمادة 84 من ذات القانون في باب العقوبات: "يعاقب كل من خالف أحكام المادة 28 من هذا القانون بغرامة لا تقل عن مائتي جنية ولا تزيد على خمسة ألاف جنية مع مصادرة الطيور والحـيوانات المضبوطة وكذلك الآلات والأدوات التى استخدمت فى المخالف".
3- قانون الزراعة
يحظر صيد الطيور النافعة للزراعة والحيوانات البرية أو قتلـها أو إمساكها بأى طريقة كمـا يحظر حيازتها أو نقلها أو التجول بها أو بيعها أو عرضها للبيع حيه أو ميتة ويحظر إتلاف أوكار الطيور المذكور أو إعدام بعضها ويصدر وزير الزراعة قرارا بتعيين أنواع الطيور والحيوانات البرية والمناطق التى تنطبق عليها أحكام هذه المادة وبيان شروط التـرخيص بصيدها على سبيل الاستثناء للأغراض العلمـية أو السياحية".
لم ينص قانون الزراعة على أي حماية للحيوانات سوى ما جاء بالمادة المذكورة والتي تمنع صيد الطيور والحيوانات البرية، بالإضافة إلى بعض المواد التى تنظم عملية ذبح ذكور العجول والبقر للحفاظ على الثروة الحيوانية، وهو ما لا يمت بصلة للرأفة والرفق بالحيوانات وعلى ذلك لا توجد مادة فى هذا القانون تحمى الحيوانات.
عقوبة إهمال الموظف فى رعاية الحيوان
وأما عن عقوبة تجاوز الموظفون حدود وظائفهم وامتناع الموظف عن تأدية عمله يقول "الجعفرى" – تلك الجريمة يُطلق عليها جنحة الاخلال بسير العمل العام فقد نصت المادة رقم 124 عقوبات على أنه: "إذا ترك ثلاثة على الأقل من الموظفين أو المستحدثين العموميين عملهم ولو فى صورة الاستقالة أو امتنعوا عند عن تأدية واجب من واجبات وظيفتهم متفقين على ذلك، مبتغين منه تحقيق غرض مشترك عوقب كل منهم بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن ألفى جنيه".
"ويضاعف الحد الأقصى لهذه العقوبة إذا كان الترك أو الامتناع من شأنه أن يجعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم فى خطر وكان من شأنه أن يحدث اضطرابات أو فتنه من الناس أو إذا أضر بمصلحة عامة"، "وكل موظف أو مستخدم عمومى ترك عمله أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفته بقصد عرقلة سير العمل أو الإخلال بانتظامه يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة أو بغرامة لا تجاوز 5 آلاف جنيه".
ويضاعف الحد الأٌقصى لهذه العقوبة إذا كان الترك أو الامتناع من شأنه أن يحدث اضطرابا أو فتنه بين الناس أو إذا أضر بمصلحة عامة، فالجريمة هنا لها صورتان اولهما يكون الفاعل متعدد والثانية يكون الفاعل وحيد، ولابد من توافر أركان لتلك الجريمة في صورتيها وهي:
1- عنصر مفترض وهو صفه الموظف او المستخدم العمومي في ثلاثة أو أكثر بالنسبة للصورة الاولي وفاعل واحد بالنسبة للصورة الثانية.
2- ترك هؤلاء عملهم ولو في صوره استقالة او امتناعهم عمدا عن تأدية واجب من واجبات وظيفتهم حالة كونهم متفقين علي ذلك، ونصت المادة 124 أ من قانون العقوبات علي عقوبة التحريض علي : "يعاقب بضعف العقوبات المقررة بالمادة السابقة، كل من اشترك بطريق التحريض في ارتكاب جريمة من الجرائم المبينة بها.
ويعاقب بالعقوبات المقررة بالفقرة الأولى من المادة المذكورة كل من حرض أو شجع موظفاً أو مستخدماً عمومياً أو موظفين أو مستخدمين عموميين بأية طريقة كانت على ترك العمل أو الامتناع عن تأدية واجب من واجبات الوظيفة إذا لم يترتب على تحريضه أو تشجيعه أية نتيجة، وفضلاً عن العقوبات المتقدم ذكرها يحكم بالعزل إذا كان مرتكب الجريمة من الموظفين أو المستخدمين العموميين.