كانت الأمور هادئة داخل شارع خليل الحوتي بمنطقة صفط اللبن، الحياة تسير بشكل طبيعي، لا شىء يعكر صفو الهدوء الذي تنعم به، ولكن فى لحظة انقلب كل شىء رأسًا على عقب، فقد تملك الشيطان من عقل شاب فى أوائل العقد الرابع من عمره، فاستل سكينًا وسدد عدة طعنات نافذة لوالده فأسقطه غارقًا فى دمائه، وقرر أن يتبنى خطة "ريا وسكينة" فى إخفاء الجثة؛ فرفع بلاط حجرة النوم وحفر أسفله، ودفن جثة والده، دون أن يهتز له جفن، وخرج ليمارس حياته الطبيعية وسط الأهالى.
احد شهود العيان
قبل أيام من واقعة قتل "محمد" الشهير فى منطقته بـ"حمادة النقاش" أو "الطيب" لوالده البالغ من العمر 74 عامًا، اشتعلت مشاجرة عنيفة بينهما، بعدما انتهت الأموال التى حفظها محمد من أخر مقاولة، ولم يعد يملك المال الكافي، لشراء الحبوب المخدرة، فما كان من الشاب صاحب الـ31 عامًا إلا اللجوء إلى والده، ليقتطع جزء من معاشه الشهري، ويعطيه إليه ليرضى به كيفه، ولكن الأب رفض رفض المحب لابنه الخائف عليه، ولكن الابن وجد فى ذلك الرفض، الشحنة اللازمة، للتشاجر مع والده والتخلص منه.
أدوات الأجهزة المعاونة
فى لحظة غضب سيطر فيها الشيطان على عقل "حمادة الطيب" بفعل المخدرات، وحول طيبته التى تغنى بها أهالى منطقته _وفق روايتهم لـ"اليوم السابع"_إلى شراسة؛ جعلته وحش كاسر افترس أقرب الناس إليه، استل الشاب الثلاثيني سكينًا وخلال تشاجره مع والده، سدد له عدة طعنات نافذة اسقطته فى الحال غارقًا فى دمائه صريعًا، ليبدأ الشاب الجانى فى البحث عن خطة إخفاء معالم جريمته، وفى مقدمتها كيفية إخفاء جثة والده.
الأدوات التى استخدمتها الأجهزة المعاونة أثناء عمليها على القضية
قرر "حمادة النقاش"، أن يتبنى خطة "ريا وسكينة"، فرفع بلاط حجرة النوم، وحفر أسفله، ودفن جثة والده، دون أن يهتز له جفن، أو أن تسقط دموعه حزنًا على ذلك الرجل الذي أفنى عمره فى بناء سواعد يد ابنه، التى امتدت فى نهاية المطاف لتضع نهاية حياته بطريقة مأسوية، وخرج ليمارس حياته الطبيعية وسط الأهالى، بل ويبحث عن والده، ويبلغ الأمن باختفائه المفاجئ، وعيونه مليئة بـ"دموع التماسيح".
الشارع الذى شهد الجريمة
انتقل "اليوم السابع" إلى المكان الذي شهد الجريمة بشارع خليل الحوتي، وتحدثنا مع عدد من الأهالى عن الجريمة، والذين رووا لنا تفاصيل اكتشاف جثة المجنى عليه، وطبيعة علاقة "حمادة" بوالده وبأهالى منطقته.
المنزل الذى شهد الجريمة
على ناصية الشارع الذى شهد الجريمة يقف وحيد حسانين شاب فى العشرينيات من عمره، ينفث دخان سجائره ليختلط بالهواء الذى تلوث بدماء الضحية قبل أيام، اقتربنا منه وتحدثنا معه، وتبين أنه أحد الشباب الذين كانوا يعملون مع "حمادة" قاتل والده، يقول: " عم حمادة كان جدع وكويس مع الناس كلها، أنا اشتغلت معاه فترة زكنت بطلع معاه فى شغل تبيض محارة ونقاشة، وهو كان بيمسك قرش حلو من الشغلانة، لكنه كان مضيعه على البرشام _الترامادول_، ولما تخلص منه الفلوس يعمل مع أبوه حكاية علشان ياخذ منه فلوس تانى ويجيب برشام، لحد ما تجيله مقاولة يطلع منها قرشين، لو كان ماشى عدل بعيد عن الكيف، كان بقى ملك وعاش مرتاح، لكن منها لله المخدرات".
المنزل الذى وقعت الجريمة بداخله
ويتابع "وحيد" فى حديثه قائلًا: " عم حمادة كانت علاقته حوله بالناس، حتى كانوا مسمينه حمادة الطيب كان فى الراحة والجاية يهزر ويضحك مع الصغير والكبير، لكن منها لله المخدرات، عمري ما كنت اتخيل انه يقتل أبوه الراجل الطيب، إلى عمرنا ما سمعنا منه ولا شوفنا عيبة، لكن كتر تعاطيه المخدرات تقلت دماغه، ده كان بيسفه سف، لحد ما خربت بيته وانفصل عن مرآته من حوالي 3 سنين، وسايب بنت مريضة بالسرطان عندها 14 سنة، ربنا يرحم أبوه ويرحمه هو كمان ويسامحه.
المنزل الذى وقعت فيه الجريمة
كيف انكشف لغز مقتل المسن صاحب الـ74 عامًا، يقول "عثمان.ع" عامل وأحد جيران المجنى عليه: "إنه قبل اكتشاف الواقعة بـ3 أيام أختفى عم "محمود" وأبلغ ابنه "حمادة" الشرطة علشان يبعد الشبهات عن نفسه، وحضر رجال الأمن إلى المكان لكنهم مالقوش حاجة، علشان الجثة ما انفجرتش، ولكن بعد فترة بدأت الريحة تطلع، ولقينا بطاطين فيها دم فى مدخل العقار، وفى الوقت ده اختفى "حمادة" من البيت، وده خلى الأهالى شكوا فى الأمر وأبلغو الأمن.
عقار رقم 7 الذى شهد الجريمة
ويتابع "عثمان"، بعد ما بلغنا الأمن الشرطة جت واكتشفوا أن الجثة موجودة تحت السرير، وأن المتهم شال السيراميك ودفن ابوه وركب السيراميك تانى، وكان ما فيش حاجة، الغريب أن بعد ما أبوه اختفى، كان بيخرج يهزر مع الناس فى الشارع ويضحك وكأن ما فيش حاجة حصلت، وكان بيقولنا "ماحدش شاف أبويا يا جدعان".
محل النقاشة الخاص بالمتهم
أجهزة الأمن تحرت حول الواقعة، وبعد صدور قرار النيابة بضبط وإحضار المتهم، تلقت غرفة النجدة بلاغًا بمقتل شخص أسفل عجلات أحد القطارات فى منطقة إمبابة، وتبين أن الشاب هو ذاته "حمادة النقاش" الذى قتل والده، وقرر بعد أن افتضح أمره وعلم أنه مقبوض عليه لا محالة الانتحار، ليضع كلمة النهاية فى تلك القصة المأسوية.
مدخل العقار الذى شهد الجريمة
مدخل العقار
هنا دفن المتهم والده المجنى عليه
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة