أحيى محمد الناصر رئيس جمهورية تونس المؤقت، الذكرى 56 لعيد الجلاء، رفقة يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسى، وعبد الفتاح مورو رئيس مجلس نواب الشعب بالنيابة، والذين أدوا تحية العلم وسط عرض من تشكيلة الجيوش الثلاثة.
كما وضع رئيس الجمهورية إكليلا من الزهور أمام النصب التذكارى للشهداء، ثم تلا رفقة الحاضرين فاتحة الكتاب ترحما على أرواحهم الزكية، حسب ما أفادت وكالة الأنباء التونسية.
كما افتتح الناصر معرض وثائقى خاص بمعركة بنزرت "ذاكرة معركة الجلاء"، التى دارت رحاها من 19 إلى 22 يوليو1961، وتوجت بجلاء آخر جندى أجنبى عن الأرض التونسية فى 15 أكتوبر 1963.
وتم تنظيم هذا المعرض بمبادرة من ولاية بنزرت هي الأولى من نوعها، بالتعاون مع المركز الوطني للتوثيق وإدارة التوثيق بوزارة الدفاع الوطني، وقد تضمن بيانات دقيقة حول المعركة فضلا عن الظروف والملابسات السياسية والعسكرية والشعبية التي حفت بها.
وتضمن المعرض حوالى 100 وثيقة منتقاة من الرصيد الوثائقى للمركز الوطنى للتوثيق، تضمنت صورا فوتوجرافية ونظائر منسوخة من الجرائد التونسية والأجنبية الصادرة في تلك الحقبة الزمنية حسب تسلسل الاحداث، وتم تقسيم مكونات المعرض إلى ستة محاور أساسية ذات دلالة، وهى "التعبئة" و"المعركة" و"الشهداء" و"الثبات" و"التدويل" و"الجلاء".
ويتيح هذا المعرض للمواطن، متابعة كل الأحداث التى حفت بهذا الحدث التاريخى الوطنى بكل سلاسة، واستيعاب حقائق معركة بنزرت التى جاءت ردا على تعنت الاستعمار الفرنسى وإصراره على استدامة الاحتلال، وحقق من خلالها الشعب التونسي بقيادة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة إرادته في التحرر والانعتاق واستكمال السيادة الوطنية، بإجلاء آخر جندي ببنزرت يوم 15 أكتوبر 1963.
كما زار رئيس الجمهورية التونسى منزل الشهيد الرائد فوزي الهويملي، رئيس مركز الأمن الوطني بمحكمة الاستئناف ببنزرت، الذي اغتالته يد الغدر الارهابية يوم 23 سبتمبر الماضى، لتقديم واجب العزاء والعرفان لأسرة الشهيد، ومن خلاله لكل شهداء البلاد، في تأكيد على أن تونس لا تنسى أبناءها الذين نذروا أنفسهم فداء لعزتها ومناعتها.
ويوافق اليوم الثلاثاء 15 أكتوبر الذكرى 56 لاحتفالات عيد الجلاء، وهو تاريخ جلاء آخر جندى فرنسى عن الأراضى التونسية تحديدا من بنزرت فى 15 أكتوبر 1963 .
وتعتبر ذكرى الجلاء محطة هامة فى تاريخ تونس، استرجعت بموجبها تونس سيادتها الكاملة على أرضيها، حيث لم يتوقف النضال عند اعتراف فرنسا باستقلال البلاد فى 20 مارس 1956 بل تواصل النداء من أجل الحصول على السيادة التامة، خاصة بعد تمسك فرنسا بحضور عسكري في عدة مناطق من البلاد من اهمها مدينة بنزرت التي تتميز بموقعها الاستراتيجي بجنوب مضيق مسينا الفاصل بين حوض المتوسط علاوة على تمسكها بالمحافظة على اراضي المعمرين الزراعية بأخصب الارياف التونسية.
وكانت معركة الجلاء قد انطلقت فعلياً يوم 8 فبراير بعد العدوان الفرنسي على منطقة ساقية سيدي يوسف بالكاف في الحدود مع الجزائر والتي استهدفت عدداً من المؤسسات المحلية ونتج عنها سقوط عشرات الشهداء الجزائريين والتونسيين، حيث دامت سنوات من يوم الاستقلال الى إجلاء آخر جندي فرنسي عن تراب الوطن يوم 15 أكتوبر 1963.
وفى 17 يونيو بالعام ذاته قررت الحكومة التونسية العمل على إجلاء بقايا الجيوش الفرنسية عن قاعدة بنزرت بالوسائل الدبلوماسية، إلا أن الأوضاع عادت للتأزم فى شهر مايو من العام 1961م، وفي يوم 4 يونيه من العام ذاته دعا المكتب السياسى للحزب الحر الدستورى الحاكم إلى خوض معركة الجلاء.
وقد أرسل الرئيس السابق الحبيب بورقيبة بعد يومين موفداً خاصاً منه إلى الرئيس الفرنسي شارل ديغول محملًا برسالة يدعوه فيها لمفاوضات جدية.
وفى 23 يوليه تم الإعلان عن وقف إطلاق النار لترك الفرصة أمام المفاوضات التي انتهت بإعلان فرنسا إجلاء قواتها من مدينة بنزرت وإخلاء القاعدة البحرية فيهانم ، وفي يوم 15 أكتوبر 1963م، غادر الأدميرال الفرنسي فيفياي ميناد المدينة إعلاناً عن نهاية مرحلة الاستعمار الفرنسي لتونس والتي بدأت يوم 12 مايو 1881.