عرفت جريمة التزوير ونشأت مع نشأة الكتابة وشيوع استعمالها فى مناحى الحياة المختلفة، إلا أن الكتابة تطورت مع تطور الحضارات ومع زيادة الوعى البشرى برزت الوثائق والمحررات والمستندات ووثائق أثبات الشخصية، التي تعرضت لمختلف أنواع تزوير التوقيعات.
فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على طرق وخطوات تزوير التوقيعات وكيفية اكتشافها والسمات المميزة للتوقيعات المزورة وتقسيم التوقيعات المزورة سواء بطريق التقليد النظرى أو تزوير التوقيعات بطريق النقل المباشر وسمات كل منهما – بحسب الخبير القانونى والمحامى محمد ميزار.
تقسم التوقيعات المزورة بطريق التقليد النظري الآتية:
1- بطء الكتابة وافتقار الجرات القلمية وخاصة ما قرب منها من نهاية التوقيع المزور إلى السرعة والطلاقة، ويمكن إدراك هذه الظاهرة عند فحص جرات التوقيع بالعدسات المكبرة حيث يشاهد بها تماثل السمك على امتداد هذه الجرات وانتهاء المقاطع والأرقام بنهايات سميكة نوعا بصورة بعيدة عن الطبيعة.
2- ما تحفل به جرات التوقيع المزور من وقفات القلم ورفعاته في غير موضعها الطبيعية.
وتبدو هذه الظاهرة في صورة تكسر الجرات خصوصا ما كان منها مقوصا، وأن فحص التوقيع من خلال الضوء النافذ في الورقة تشاهد مواضع التوقف وقد ترسبت فيها المادة الكتابية خصوصا إذا كان سائلة أو لزجة كما تشاهد رفعات القلم على صورة انفصال بين الجرات يسم التوقيع الحقيقي بالتمزق والتفكك.
3-اختلاف التوقيع المزور عن التوقيعات الصحيحة من حيث المميزات الخطية المتمثلة في طريقة كتابة الأحرف واتصالاتها اختلافا جوهريا، فضلا عن وجود بعض تكوينات خطية بالتوقيع المزور تتفق مع نظائرها في خط المزور نفسه وتنم عنه وهي التكوينات التي جرت بها يده ولم يستطع أن يتنصل منها خلال عملية التزوير.
4-إذا تعددت التوقيعات المزورة وكانت مستوحاة من توقيع صحيح واحد فإن هذه التوقيعات جميعها تأخذ مظهرا موحدا في الأبعاد والشكل والرسم لا يتوفر مثيله في التوقيعات الصحيحة التي تخضع في كتابتها لظاهرة التنويع الطبيعي بينها، وكما سبق فإن الكتابة الطبيعية والتوقيعات الصحيحة بعض منها تحوى فيما بينها تنويعا طبيعيا يقع داخل نطاق مجال محدود بالنسبة للشخص الواحد ويعتبر واحد من عناصر صحتها.
5-إذا تعددت التوقيعات المزورة وأعطيت لها تواريخ متفاوتة متباعدة فإن هناك احتمالا كبيرا في عدم إدراك المزور لظاهرة خضوعا لتوقيعات لظاهرة التطور أو التغير في خطها نتيجة مرور الزمن وتبعا لما قد يطرأ على كاتبها من ظروف وعوامل يكون لها تأثير محسوس على خطة، وتكون النتيجة أن التوقيعات المزورة تحمل طابع فترة زمنية واحدة رغم تفاوت وتباعد الفترات والتواريخ التي أعطيت لها.
ثانيا: تزوير التوقيعات بطريق النقل المباشر
وتتم عملية النقل المباشر بوضع التوقيع الصحيح المراد تقليده على سطح شفاف ينفذ الضوء من خلاله مثل لوح زجاجي ثم يضع المزور السند المواد تزويره فوق الورقة المحتوى على التوقيع الصحيح ـ الذي نطلق عليه اسم التوقيع الأم ـ ويسير بقلمه على الآثار الظاهرة خلال الضوء النافذ من التوقيع الصحيح وقد يتطلب الأمر إجراء بعض اللمسات من إضافات واعادات على التوقيع المزور حتى شكله النهائي ويلاحظ أن ورقة المستند الذي يحمل توقيعا مزورا بهذا الأسلوب تكون على درجة من الشفافية تسمح بمرور الضوء خلالها حتى يتمكن المزور من تتبع الحركات الكتابية الظاهرة من جرات التوقيع الأم.
السمات المميزة للتوقيعات المزورة بطريق المباشر:
تقسم التوقيعات المزورة بطريق المباشر بالسمات الآتية:
أ-عدم الطبيعية فى الكتابة بكل مظاهرها التى سبق أن ذكرناها .
ب- سطحية الكتابة وافتقارها إلى الضغط الطبيعي الملازم للكتابة الصحيحة، وتبدو هذه الظاهرة أوضح ما تكون فى حالة كتابة التوقيع المزور بأداة كتابية صلبة تتطلب أعمال الضغط عند الكتابة مثل القلم الكوبيا أو القلم ذى السن القروى.
ج- إذا كانت التوقيعات الأم - الحقيقى - قد نقل معها التوقيعات المزورة المقدمة كنماذج للمضاهاة، فإنه يمكن إظهار التطابق بين التوقيعين بالتصوير الفوتوغرافي باستعمال أجهزة الطبع الفوتوغرافي، وذلك عن طريق وضع الصورة السلبية لأحد التوقيعين على الصورة الايجابية للتوقيع الآخر ثم طبع صورة ثالثة منها بالضوء النافذ، والحكمة المبتغاة من استعمال أجهزة الطبع الفوتوغرافية التي يحصل عليها باستعمال هذه الأجهزة تكون متفقة في أبعادها مع الأصل الذي تؤخذ منه، وبهذا يمكن أن تتفادى الفاحص ما قد يحث بالتصوير الضوئي العادي بالعدسات من تغيير في أبعاد التوقيع تكبيرا أو تصغيرا.
ثالثا: تزوير التوقيعات باستعمال وسيط في عملية النقل :
يلجأ بعض المزورين إلي استعمال وسيط في نقل التوقيعات أو الكتابات المراد تزويرها عندما تصبح عملية النقل المباشر متعذرة لأي سبب من الأسباب أو لرغبتهم في الحصول على نتائج تبدو لهم أو يحسبونها ـ من وجهة نظرهم ـ أفضل من وسائل التزوير الأخرى وأساليبه، والهدف من استعمال الوسيط هو الحصول على تكوين خطى يمثل التوقيع الصحيح أو "التوقيع الأم" من حيث الشكل والأبعاد ثم يقوم المزور بعد ذلك بالإعادة على هذا التكوين الخطي بمادة الكتابة التي يراها مناسبة.
واختبار الوسيط في عملية النقل يتوقف على تفكير المزور وما لديه من إمكانات، وسنتحدث هنا عن ثلاثة أنواع استعمل كلا منها كوسيط في عملية النقل وهي: "جسم صلب مدبب ـ ورق شفاف ـ ورق كرتون".
نقل التوقيعات باستعمال جسم صلب مدبب:
ويستعمل الجسم الصلب المدبب مثل المسمار في إحداث ضغط، مناسب للحركات والتكوينات الخطية بالتوقيع الصحيح أو إحداث ثقوب متجاورة تحاكي في مسارها جرات التوقيع الأم ثم يقوم المزور بالإعادة على آثاره الضغط أو الثقوب، وبذلك يحصل على تكوين خطى يشبه في مظهره الأم الذي نقل منه بل وينطبق عليه.
وتتسم التوقيعات المزورة بهذه الطريقة بالسمات الآتية:
1-الكتابة غير الطبيعية والمقيدة بترسم مسار الضغط أو الثقوب.
2- وجود آثار ضغط غائرة يواجه الورقة يشمل جميع أجزاء التوقيع ويقع بعضها تحت جرات التوقيع المزور، والبعض الآخر مجاور ومواز لهذه الجرات، وذلك تبعا لدقة المزور في عملية الإعادة على آثار الضغط.
3- وجود آثار ضغط بارزة غير طبيعية في ظهر الورقة تقابل الآثار الغائرة الموجودة بوجه الورقة، وقد يظهر أحيانا ازدواج في الضغط إذا كانت الإعادة بمادة كتابية صلبة أو لزجة مثل القلم الكوبيا أو القلم ذي السن القروى "قلم الحبر الجاف".
4- أن آثار الضغط الغائرة بوجه الورقة تكون أقرب من تكويناتها الخطية إلى التوقيع الأم من التوقيع المزور الناتج من عملية الإعادة على الضغط، وذلك لأن آثار الضغط هذه مأخوذة مباشرة من جرات التوقيع الأم أما الإعادة عليها فقد تحتوى على بعض خصائص المزور الكتابية صدرت عن يده خلال عملية الإعادة.
أما في حالة إحداث ضغوط لإظهاره بمظهر التوقيع المزور بطريق النقل بالضغط ـ وقد قمنا بدراسة بعض حالات من هذا القبيل ـ فإن جرات التوقيع ذاته تتمنع به جرات التوقيعات الصحيحة أما آثاره الضغط فتكون ذات صفات مغايرة غير طبيعية، وقد يهمل من أحدث الضغط بعض التكوينات الخطية مثل النقط وشرطة الكاف.
ولذلك فإننا نرى أنه على الخبير الفاحص أن يتتبع في دراساته التي يدريها على التوقيع الذي يحال إليه بفحصه جميع الجرات الكتابية، وكذلك آثار الضغط حتى يصل إلى إبداء الرأي الصائب القاطع فيما إذا كان الضغط هو الذي استحدث أو لا ثم جرت عليه الإعادة أم عكس ذلك هو الذي حدث، ويمكن إظهار آثار الضغط وتتبعها بوجه الورقة وبظهرها ـ الغائرة منها والبارزة ـ وبالاستعانة بالتصوير الفوتوغرافي للضوء المائل الآتي من جانب واحد بزاوية مناسبة.
أما التوقيعات المزورة بطريقة التثقيب فيمكن الكشف عنها وإظهار ما بها من ثقوب على امتداد جرات التوقيع المزور بالتصوير الفوتوغرافي بالضوء النافذ خلال الورقة أي أن يكون الضوء آتيا من أحد جانبي الورقة وآلة التصوير في الجانب الآخر منها وهنا تظهر الثقوب على هيئة نقط قائمة اللون، نظرا لامتلائها بالمادة الكتابية التي حدثت بها الإعادة.
نقل التوقيعات باستعمال ورق شفاف :
وهذه الطريقة تشبه إلى حد كبير الطريقة التي يستعملها تلاميذ المدارس في نقل الخرائط الجغرافية والرسوم من الكتب بواسطة الورق وأقلام الرصاص، وبعد أن يحصل المزور على جرات جرافيتية تحاكي جرات التوقيع الأم يقوم بالإعادة عليها بمداد سائل أو بالمادة الكتابة التي استعملها في كتابة صلب السند ثم يحاول بعد ذلك إزالة أثار مادة الجرافيت الزائدة بمحوها بجسم لين كالممحاة المصنوعة من المطاط.
وتقسم التوقيعات المزورة بهذه الطريقة بالسمات الآتية :
1-الكتابة غير الطبيعية بكل عناصرها على امتداد جرات التوقيع المزور.
2-وجود آثار من مادة الجرافيت المختلفة من استعمال القلم الرصاص تحت جرات التوقيع المزور حينا ومحاذية لها حينا آخر، ويتوقف درجة وضوح هذه الظاهرة على مدى عناية المزور بعملية الإعادة على الجرات الجرافيتية ثم على دقة عملية محو الآثار الظاهرة من هذه الجرات وإزالتها، وتشاهد هذه الآثار بوضوح باستعمال العدسات والأجهزة المكبرة والفحص والتصوير بالأشعة تحت الحمراء.
3-وجود آثار المحو الآلي الذي لجأ إليه المزور لإزالة آثار الجرافيت والتي تقع في المنطقة الموجود بها التوقيع المزور .
4-التطابق بين التوقيع المزور والتوقيع الأم الذي نقل منه.