مع دقات الثامنة صباح يوم الأحد الماضى، فجر أحد العمال من رجال الحفائر بالبعثة الأثرية المصرية العاملة فى جبانة العساسيف غربى محافظة الأقصر مفاجأة لقيادات البعثة بظهور جزء من تابوت خلال قيامه بالحفر، وهرع الجميع من كل صوب وحدب وتجمعوا حول المنطقة فى ثوانٍ وبدأوا فى العمل بكل حرفية ودقة لإخراج التابوت بالكامل، وفوجئوا بالكنز الكبير والخبيئة العظيمة، حيث أخرجوا أول 7 توابيت خلال 3 ساعات من العمل، ثم واصل العمل ليكتشفوا أن التوابيت تعدت الـ14 تابوتا حتى بعد الظهر، وظلوا يعملون حتى أخرجوا 29 تابوتا كاملا دون خدوش أو كسور فى الجوانب، وجميعها متراصة أعلى بعضها البعض.
جبانة العساسيف الفرعونية تخرج للعالم أضخم كشف آثري لخبيئة توابيت ملونة غربي الأقصر
العنانى ووزيري خلال فحص التوابيت
جانب من فحص قيادات الاثار للتوابيت المكتشفة
وخلال فترة العمل فى يوم الأحد بالكامل ثم يوم الاثنين من الفجر حتى الظهر أخرج عمال الحفائر بالبعثة المصرية بقيادة الريس على فاروق كبير عمال البر الغربى ومشاركة نحو 16 من رجال الآثار والمرممين، وأكثر من 15 عامل حفائر ضمن البعثة، وقرر قيادات وزارة الآثار التحرك صوب الأقصر مساء الاثنين، ووصل الدكتور خالد العنانى وزير الآثار، برفقة الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، وفجر الثلاثاء توجها صوب جبانة العساسيف بالبر الغربى برفقة لجنة من الوزارة لتقوم بفحص كل التوابيت المكتشفة فى واحدة من أعظم الاكتشافات لخبيئة جديدة أحدثت ضجة عالمية جديدة، وهو أول خبيئة ضخمة تحتوى على هذا العدد منذ نهاية القرن الـ19.
نرصد الكواليس الكاملة لإكتشاف أكثر 20 تابوت فرعوني بألوان بديعة
أمين الأعلي للآثار بالإكتشاف التاريخي
وعاين وزير الآثار وعدد من قيادات الوزارة على مدار نهار يوم الثلاثاء التوابيت والخبيئة بالكامل، والتى وجدت متراصة على مستويين بطريقة محددة فوق بعضها البعض بحالة حفظ مميزة للغاية ومحتفظة بكل ألوانها منذ العصور المصرية القديمة، وتم البدء من قبل فريق من المرممين والأثريين المحترفين فى فتح التوابيت واحداً تلو الآخر لمعرفة محتوياتها التى تبين أنها آدمية لعدد من الشخصيات فى الأسر الفرعونية القديمة، والذين تم تجهيز تلك التوابيت لهم لدفنها فى مقابر الطبقة الوسطى فى جبانة العساسيف كما هو الطبيعى فى تلك المنطقة، ومن المرجح أن تكون قد أخرجت فى الفترات الماضية وتم تجميعها بتلك الطريقة ودفنها فى باطن الأرض من جديد إبان فترات إعادة استخدام مقابر جبل القرنة فى العصور المتعاقبة من الدولة المصرية القديمة.
الخبيئة الجديدة ظهرت بجبانة العساسيف في قلب جبل القرنة
اعمال فتح التوابيت بحضور قيادات الآثار
وأعلنت وزارة الآثار بعد الانتهاء من الفحص والمعاينة الشاملة من قيادات الوزارة والمجلس الأعلى للآثار، لكل التوابيت المكتشفة فى الخبيئة الجديدة للقدماء المصريين، عن تنظيم مؤتمر صحفى عالمى يوم السبت المقبل، للإعلان عن تفاصيل العمل فى تلك المنطقة حتى اكتشاف تلك الخبية العظيمة ليعرف العالم أجمع التاريخ الفرعوني وتفاصيل التوابيت المكتشفة وأصحابها من رجال الطبقة الوسطي في العصور الفرعونية المختلفة، ومن المقرر أن يحضر الاحتفالية كل وسائل الإعلام الدولية والمحلية، بجانب قيادات وزارة الآثار والسياحة ورجال مجلس النواب وقيادات الدول الأجنبية المختلفة للإحتفاء بهذا الحدث التاريخي بالأقصر والمساهمة في الترويج للسياحة بمصر عبر تلك الخبيئة الجديدة.
الخبيئة ظهرت للعمال بالمصادفة في صباح يوم الأحد الماضي
وزير الآثار بالإكتشاف الجديد
الوزير يعاين التوابيت من الاسفل
اعمال فحص وفتح التوابيت المكتشفة
جانب من اكتشاف التوابيت متراصة أعلي بعضها البعض
وزير الآثار يفحص الخبيئة المكتشفة بنفسه
وفي هذا الصدد يقول الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن رجال البعثات الآثرية المصرية وصلوا لأعلى مستويات النجاح والتفوق والنضج الأثرى الكبير، وحققوا عدد كبير من النجاحات والاكتشافات العظيمة على مدار السنوات الماضية منذ قرار وزارة الآثار فى نوفمبر 2016 بعودة عمل "البعثة الأثرية المصرية" بعد مرور نحو 5 سنوات ونصف من التوقف لتلك البعثة فى 14 فبراير عام 2012، وإنطلقت منذ 2016 وحتي الآن في الإعلان عن الإكتشافات المتتالية في كل صوب وحدب بالأقصر، وآخرها إخراج مجموعة من التوابيت الملونة من باطن الأرض تعدت الـ20 تابوت ملون ومحفوظة بطريقة مميزة ولم يمسها أحد.
إستمر العمل في كشف عددها من صباح الأحد وحتي مساء الإثنين
الوزير يقرأ الكتابات علي التوابيت المكتشفة
ويضيف الدكتور مصطفى وزيرى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الاكتشاف الجديد الذى ظهر للعالم أجمع يوم الأحد الماضى، هو أكبر وأعظم خبيئة من "التوابيت الملونة" التي لم تمس منذ آلاف السنين، وهو الاكتشاف للخبيئة الأهم بالأقصر، منذ عام 1891 بظهور خبيئة "القساوسة" بالدير البحرى، مؤكداً أن الكشف عن الخبيئة مازال مستمرا حتى الآن وأعمال الفحص والمعاينة من قبل رجال الوزارة لم تنته بعد، موضحاً أنه سيتم فى أيام الأربعاء والخميس والجمعة، القيام بأعمال رفع تلك "التوابيت" المكتشفة فى جبانة العساسيف، وذلك للبدء فى أعمال إجراء "الإسعافات الأولية" لها لحمايتها من المؤثرات الطبيعية بعد خروجها من باطن الأرض.
لجنة تفحص التوابيت بالكامل وتعاين محتوياتها لمعرفة أسماء وهوية أصحابها
قيادات الآثار خلال معاينة التوابيت المكتشفة
جانب من الكشف وقت خروج بالاقصر
وشدد الدكتور مصطفي وزيري أمين المجلس الأعلي للآثار أن تلك الخبيئة هي الأعظم في العصر الحديث وخرجت على أيدى رجال البعثة الآثرية المصرية التى يتشرف برئاستها منذ عام 2016، موضحاً أن خروج هذا الإكتشاف الجديد هو رسالة من الله ودعم كبير لرجال الآثار المصريين للتأكيد أن المصرى قادر على ما كان يقوم به الأجانب والبعثات الأوروبية المختلفة فى كشف كنوز الفراعنة قديماً، حيث أنه منذ عودة عمل البعثة الآثرية المصرية تم تشكيلها بأفضل فريق أثرى يضم أفضل الخبراء والمرممين والمكتشفين والعمال الأقوياء الشجعان، وتم الانطلاق فى الرهان الضخم لحفر أرض جبل ذراع أبو النجا بغربى الأقصر وتحقيق سلسلة من النجاحات المميزة، وهو ما تم بالفعل بإكتشاف عدد من مقابر كبار رجال الدولة داخل ذلك الجبل الذى أصبح عالميا ويذكر اسمه فى كافة وسائل الإعلام الدولية المسموعة والمكتوبة والمقروءة، مؤكداً أن ذلك يعد النجاح القوى لدعم التاريخ الأثرى، حيث تم تشكيل البعثة لتضم فريق من رجال الآثار والمرممين والعمال تتكون من حوالى 78 رجلا مصريا من أقصى جنوب الصعيد، وتم تقسيم عمل البعثة بالعمل فى البر الشرقى داخل تماثيل الملك رمسيس الثانى بمعبد الأقصر والتى شارك فيها أحمد عربى مدير معبد الأقصر ويشاركه العمل 10 رجال أثريين، و10 من فريق الترميم الأثرى المصري، و30 عاملا من معابد الكرنك ومعبد الأقصر بجانب قيادات معبدى الأقصر والكرنك، وفى البر الغربى شارك فى البعثة طلعت عبد العزيز مدير عام آثار القرنة وقتها، وشاركه العمل 7 رجال أثريين، و9 من فريق الترميم الآثرى المصري، و12 عاملا فى مقابر دراع أبو النجا ومنطقة جبانة العساسيف بجبل القرنة بقيادة الريس على فاروق كبير العمال.
أمين الأعلي للآثار عثرنا علي أكبر وأعظم خبيئة توابيت ملونة لم تمس منذ آلاف السنين
وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور مصطفى وزيرى لـ"اليوم السابع"، أنه ولأول مرة فى تاريخ مصر تصل وزارة الآثار لعمل نحو 40 بعثة آثرية مصرية فى مختلف المواقع الآثرية بالمحافظات المختلفة، وذلك بأيادى مصرية خالصة للعمل فى كشف الحضارة المصرية القديمة للعالم أجمع، حيث تضم تلك البعثات المصرية فرق مميزة من العمالة والفنيين والأثريين والمرممين، والذين قرروا خدمة التاريخ المصرى القديم بكل قوة فى الموسم الجديد للحفائر والذى انطلق منذ أيام ومستمر حتي منتصف العام المقبل 2020، موضحاً أنه مع انطلاق موسم الحفائر الشتوي هذا العام في الأقصر بمدينة طيبة عاصمة الحضارة الفرعونية، تم إطلاق شارة البدء في العمل لـ5 بعثات آثرية تضم 3 بعثات مصرية ورابعة أمريكية وخامسة إسبانية، وذلك للبحث وخدمة التاريخ الفرعوني بجبانة طيبة القديمة غربي الأقصر، وأبرز تلك البعثات هى "البعثة الأثرية المصرية" التى يرأسها عالم المصريات المعروف الدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق، والتي تعمل بمنطقة الوادى الغربى المعروف باسم "وادى القرود"، كما تعمل فى منطقة وادى الملوك التى تضم عشرات من مقابر ملوك مصر القديمة، بجانب ترأس وزيري بنفسه للبعثة الأثرية المصرية العاملة بمنطقة ذراع أبو النجا، والبعثة الأثرية المصرية العاملة بمنطقة العساسيف، كما تعمل البعثة الأثرية الإسبانية فى معبد الملك تحتمس الثالث، والبعثة الأثرية الأمريكية التى تعمل فى مقبرة الأمير "آمون ميس" والمقبرة رقم 63 بمنطقة وادى الملوك.
العمال يخرجون التوابيت من باطن جبانة العساسيف
وضع الملابس والمقاطف علي التوابيت لحمايتها من الشمس
أمين الأعلي للآثار رئيس البعثة المصرية خلال معاينة الخبيئة المكتشفة
وعن جبانة العساسيف يقول صلاح الماسخ مفتش آثار بالأقصر وعضو البعثة الآثرية المصرية إن "جبانة العساسيف" التى عثر داخل على الخبيئة الجديدة المكونة من توابيت ملونة بمشهد عالمى، هى عبارة عن جبانة للأسر المصرية القديمة تقع على الضفة الغربية لنهر النيل، فى منطقة الخليج الجاف الذى يؤدى إلى الدير البحرى وإلى الجنوب من جبانة ذراع أبو النجا، موضحاً أنه تضم تلك المنطقة ما يزيد عن 400 مقبرة تم تصويرها وفهرستها، ويرمز في تصنيف تلك المقابر في المصطلحات الإنجليزي برقيم يبدأ دائما بالإختصار (TT)، ويوضع بعده رقم المقبرة والحرفين إختصار لكلمتي (Theban Tomb) أي مقبرة طيبية، وكانت توجد في تلك المقابر العشرات من القطع الفخارية والأقماع والماسكات الجنائزية التي كانت توضع على مدخل حرم المقبرة.
تلك الخبيئة هي الأهم بعد آخر خبيئة بإسم القساوسة في الدير البحري عام 1891م
ويضيف صلاح الماسخ، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن جبانة العساسيف من المعروف أنها تضم مقابر من الأسرات (18 - 25 – 26) والتى تغطى الفترة تقريبا من 525 إلى 1550 قبل الميلاد عبر الأسرات الثلاث، وعثر فى هذه المنطقة على مر العصور على عشرات المقابر التى تخص كبار رجال الدولة خلال عهد الأسرات، ومن أبرزها مقبرة "خيروف" الذي كان يحمل ألقاب عديدة منها (الأمير الوراثي - حامل ختم ملك الوجة البحري - السمير الوحيد - السمير العظيم الحب - مدير بيت الزوجة الملكية العظيمة تيي - المشرف على الخزانة - الحاجب الأول للملك - رئيس أسرار بيت الملك - القاضي الذي في مقدمة رجال البلاط - الحاكم الذي في مقدمة المواطنين) وغيرها من الألقاب، كما تم العثور في العساسيف علي مقبرة "با رن نفر" ساقي الملك وطاهر اليدين ومدير البيت من عهد الملك أمنحتب الرابع، وكذلك مقبرة "منتومحات" أقوى شخصية في عهد الأسرة 25 وعاش في عهود الملوك "طهرقة" و"تانوت آمون" وحتى السنة التاسعة من عهد الملك بسماتيك الأول.
الآثار ستقوم بعمل الإسعافات الأولية للتوابيت خلال الأيام المقبلة
ومن مقابر الأسرة 26 المكتشفة بجبانة العساسيف يقول صلاح الماسخ إنه تضم الجبانة مقابر أيضاً "ششنق" رئيس مديري بيت الأميرة "عنخس نفر إب رع"، ومقبرة "بدي آمون إبت" الكاهن وكبير الكهنة المرتلين، و"إبي" مدير بيت المتعبدة الإلهية، و"حاروا" مدير بيت الزوجة الإلهية، و"باباسا" رئيس مدراء بيت المتعبدة الإلهية لآمون نيتوكريس الأولى، و"باسا" حاجب الإله مين والشعائري وعمدة طيبة، و"موت رديس" رئيس المرافقين (الخدم) للزوجة الإلهية، و"عنخ حور" عمدة ممفيس.
سيتم الإعلان الرسمي عن التفاصيل للإكتشاف الجديد في مؤتمر صحفي السبت المقبل
وكان قد أعلن الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، عن موافقة اللجنة الدائمة بالمجلس الأعلى للآثار، على عمل قرابة 240 بعثة أثرية أجنبية بمختلف المواقع الأثرية خلال الموسم الأثرى الجديد فى البلاد، بجانب 40 بعثة أثرية مصرية، مشيراً إلي أن عدد البعثات الأثرية المصرية التى تقوم بأعمال الحفائر بالمواقع الأثرية فى محافظات مصر ارتفع من خمس بعثات لتصل إلى 40 بعثة أثرية مصرية ستباشر عملها خلال الموسم الأثرى الجديد الذى إنطلق قبل أيام، وذلك بجانب مشاركة الأثريين المصريين فى أعمال 20 بعثة تتشارك فى أعمالها مع وزارة الآثار المصرية، مشدداً علي وزارة الاثار تمكنت من توفير الاعتمادات اللازمة لعمل تلك البعثات وفرق العمل المصرية، عبر إقامة عدد من المعارض الخارجية الناجحة، والتى كان آخرها معرض كنوز الفرعون الذهبى توت عنخ آمون بالعاصمة الفرنسية باريس، مؤكدا على أن تلك المعارض لا يقتصر دورها على توفير مزيد من الأموال لوزارة الآثار، بل تساهم بشكل كبير فى تحقيق مزيد من الترويج السياحى لمصر فى مختلف بلدان العالم، وأن تلك المعارض كان لها بلفعل مردود إيجابى كبير فى جذب مزيد من السياح لمصر.
جبانة العساسيف تضم مقابر الأسرات (18 - 25 – 26) القديمة
وأضاف الدكتور مصطفى وزيرى أن البعثات الأثرية الأجنبية التى تعمل بمصر، تعتمد على الأثريين والمرممين والعمال المصريين بنسبة 90% فى أعمالها، وأن وزارة الآثار نجحت فى النهوض بخبرات العاملين بقطاع الآثار من المصريين عبر ورش العمل والتدريبات داخل مدارس الحفائر والترميم.
الجبانة تغطي الفترة من 525 إلى 1550 قبل الميلاد
تم العثور وتسجيل بجبانة العساسيف أكثر من 400 مقبرة
مقابر العساسيف تعود لكبار رجال الدولة والنبلاء علي مر العصور
أمين الأعلي للآثار يفحص التوابيت المكتشفة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة