صدرت حديثا طبعة ثالثة لكتاب مهم هو "الفتوحات العربية فى رواية المغلوبين" لـ حسام عيتانى عن دار الساقى، والذى ينطلق زاوية مغايرة تختلف عما تعودنا قراءته فى كتب التاريخ.
يقول الكتاب إن الفتوحات العربية حدث تأسيسى للتاريخ العربى والإسلامى، لكن أصوات الشعوب المغلوبة غابت عن المدوّنة العربية غياباً كانت له تبعات سلبية على تشكيل صورة العرب والمسلمين عن أنفسهم.
لذا فإن الكتاب يقدّم الروايات التى سجّلتها الشعوب المغلوبة عن الفتوحات، بالاستناد إلى المصادر الأصلية، ومن الإخباريين البيزنطيين إلى القساوسة الأقباط ورجال الدين الزرادشتيين والمؤرّخين الصينيين، إلى المدوّنين اليهود والرهبان الأسبان، وذلك يرسم صورة مختلفة وجديدة للفتوحات العربية بصفتها حدثاً عالمياً.
والفتوحات، بخروجها من أراضى الجزيرة العربية، تحوّلت إلى حدث متعدّد الأطراف، خصوصاً أن أعداداً كبيرة من سكان البلاد التى قصدتها الفتوحات ظلّت على دياناتها واعتقاداتها الاجتماعية، كما احتفظت ببناها السياسية والاقتصادية فى العديد من الأماكن التى وصلت جيوش الفتح إليها، وظهر بعد انحسار موجة الفتوحات من قدّم روايته للأحداث.
ويدعو الكتاب إلى إعادة تقييم الرواية التقليدية العربية للفتوحات، وللتاريخ العربى-الإسلامى برمّته، وعرضها على النقد والبحث العلمى، كمقدّمة لازمة لإنتاج فهم حديث يساهم فى التقدّم الحضارى وكسر القوالب الجامدة التى سجن العرب أنفسهم فيها، من جهة، وتلك التى دفعتهم إليها بعض مدارس الاسشتراق العنصرية، من جهة أخرى.
والكتاب يطرح عبر استعراضه لتواريخ المغلوبين ودخولهم التدريجى والبطىء تحت جناح الثقافة الغازية الجديدة (العربية/الإسلامية)، تساؤلات حادة حول مفاهيم العروبة وحول ماهية الثقافة التى صارت عربية إسلامية فى حين أسهمت فيها ومنذ البدء عناصر استعصت بل ورفضت جوهر العروبة والإسلام وإن خضعت لها بفعل الأمر الواقع، هذا الإسهام وصل لحد المشاركة فى الجيوش الإسلامية قهراً أو طمعاً فى المغانم بالرغم من أن أولئك المشاركين لم يكونوا عرباً ولا حتى مسلمين بالضرورة.