"الرحمة تكون قبل العقاب فى الكثير من الأحيان".. هذه العبارة التى غيرت قانون السجون حينما تسبب فيلم "كلمة شرف" للفنان الراحل فريد شوقى الذى يعد من أهم أفلام السينما المصرية، بعد عرضه فى السينما فى تعديل أحد أهم قوانين السجون، بزيارة استثنائية للسجين بضوابط معينة إلى أهله فى منزلهم، وبعد عرض هذا الفيلم تم تعديل القانون لكى يسمح للسجين بالخروج بضوابط معينة.
فى الفترة الأخيرة، تجلت رحمة قانون مصلحة السجون حينما وافقت الجهات المعنية فى زيارة عدد من السجناء لأهاليهم فى منازلهم أو لحضور أمهاتهم وأباءهم وأبنائهم فى المنازل تارة وفى المستشفيات تارة أخرى، ومؤخراَ سمحت لأحد المتهمين بحضور مراسم دفن ووالده وتلقى العزاء، وهو الأمر الذى يكشف معه مدى قدرة القانون فى التعاطى مع الحالات الإنسانية داخل السجون أو الأقسام.
متى يحق للسجين الخروج؟
فى التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية الحالات التى يسمح فيها للمتهم بالخروج من محبسه تحت حراسة الشرطة، وما هى الدواعى والإجراءات التى تنظم خروج السجين من مقر احتجازه؟ - بحسب الخبير القانونى والمحامى حسام الجعفرى.
فى البداية – يجب أن نعلم أن عملية خروج المتهم من محبسه هو فى الأصل اختصاص أصيل لوزارة الداخلية، لأن المتهم محبوس داخل أحد السجون التى تخضع لوزارة الداخلية، حيث أن هناك حالات محددة تسمح فيها أجهزة الأمن والنيابة العامة للمتهم بالخروج من محبسه، مثل حالات الوفاة لأقاربه من الدرجة الأولى مثل الأب أو الأم أو الأخ أو الأخت أو الزوجة أو الابن أو الابنة، وكذا تعرض أى من أقاربه من الدرجة الأولى أيضا لحالات مرضية طارئة وخضوعهم لعمليات جراحية.
قبل الشروع فى عملية الموافقة على زيارة السجين لأهليته – وفقا لـ"الجعفرى" – هناك العديد من الخطوات والإجراءات القانونية التى يجب اتباعها فعليه أن يرفق المستندات الدالة على صدق حديثه كشهادة الوفاة مثلا، وغيرها مما يدلل على صدق حديثه فى الطلب المقدم منه إلى النيابة العامة أو وزارة الداخلية حيث أن الطلب يقدم لمن يمثل وزير الداخلية أو النائب العام، كأن يقدم لمأمور السجن الذى يقضى به السجين مدة العقوبة، ومن الجائز أن يقدم لرئيس النيابة الذى باشر التحقيق معه فى القضية وأحاله للمحاكمة.
ظروف المتهم والقضية المحبوس فيها
كما أن النيابة العامة أو الجهة التى يقدم إليها الطلب تبحث الحالة الاجتماعية للمتهم وظروف القضية المحبوس فيها ومدة العقوبة التى يقضيها، وتتخذ من التدابير اللازمة ما يؤمن خروج السجين خشية إفلاته أو هروبه من السج، كما أن حالات الوفاة أو حالات الخطر الشديد كخضوع والده أو والدته أو ابنه أو زوجته لعملية جراحية خطرة، من الأمور التى تستجيب فيها النيابة فى بعض الأحيان لخروج المتهم من محبسه – هكذا يقول "الجعفرى".
من المسئول عن تنفيذ خروج السجين؟
وأما عن المسئول عن عملية تنفيذ خروج السجين – يقول المحامى بالنقض محمود البدوى، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، أن النيابة العامة لا تحدد آليات تنفيذ طلب المتهم لكنها تبحثه جيدا وتقدر الظرف الإنسانى وإذا وافقت تخاطب وزارة الداخلية من خلال مندوب من النيابة أو من خلال الفاكس بموافقتها على طلب المتهم وتترك الدواعى والاحتياطات اللازمة لأجهزة الأمن المختصة لتنفيذها.
حراسة أمنية مُحكمة
وبحسب "البدوى" – فى تصريح خاص - من الجائز أن توافق النيابة على طلب السجين وترفض وزارة الداخلية لاعتبارات ودواعٍ أمنية محددة، وفى حال السماح للسجين بالخروج من محبسه يخضع لحراسة مشددة من قبل رجال المباحث وبخطة محكمة تشرف عليها قيادات الأمن خشية هروب المتهم مثلا، وتتخذ من التدابير ما تراه مناسبا لتأمين مأمورية ترحيل المتهم بمنزل أسرته مثلا لقضاء واجب العزاء وتشييع الجنازة على سبيل المثال، كما أن أجهزة الأمن تراعى فى حسبانها سير وسلوك المتهم طيلة فترة حبسه.
الأمن يسمح لمتهم برؤية والدته قبل دفنها
استجاب مدير أمن بورسعيد فى وقت سابق، لطلب متهم بمناظرة جثمان والدته قبل تشييعه إلى مثواها الأخير، فقد تقدم أحد المتهمين بطلب إلى أجهزة الأمن ببورسعيد، لحضور جنازة والدته، وعرض الطلب على مدير الأمن الذى أصدر قراره بالموافقة على الطلب، وتم التنسيق مع المحامى العام الأول للنيابات ببورسعيد، والاتفاق على خروج المتهم أمام القسم مع حراسة الشرطة لرؤية والدته وإلقاء نظرة الوداع عليها قبل دفنها، وتم تحديد توقيت الخروج وتحديد خط سير مرور الجثمان وبالفعل خرج المتهم تحت الحراسة المشددة برفقة رئيس مباحث قسم المناخ وودع والدته أمام القسم، أعقبها تحرك الجثمان إلى مثواه الأخير وعاد المتهم الى محبسه موجها شكره لرجال الشرطة.
خروج سجين لحضور تشييع جنازة والده بالمنيا
وفى 19 فبراير 2017، فرضت حراسة أمنية مشددة على مركز ملوى جنوب المنيا، لمراسم تشييع جنازة والد أحد المساجين، بعد مشاركة المسجون فى الجنازة وتلقيه العزاء وعودته مرة أخرى.
خروج سجين الوايلى لتأبين والدته بكنيسة شبرا
وفى الأول من يونيو من 2016 - وافق وزير الداخلية على خروج المتهم "وجدي.و"، المحبوس بقسم شرطة الوايلي، على ذمة قضية أموال عامة، لحضور قداس تأبين والدته بكنيسة السيدة العذراء بشبرا، وتلقى واجب العزاء فى وفاتها.