التاريخ الأوروبي ممتلئ بالحكايات، منها الغريب الذي لا يتخيله الإنسان، ومن ذلك قصة ماريانا النمساوية، التى عاشت فى الفترة بين (24 ديسمبر 1634 - 16 مايو 1696)، وكانت ملكة إسبانيا وزوجة ثانية للملك فيليب الرابع، الذي يعتبر خالها، وبعد وفاة زوجها في 1665، أصبحت الوصية على ابنها الصغير كارلوس آخر ملوك هابسبورج بإسبانيا.
والمعروف عنها أنها قامت بـ تمويل رحلة اليسوعيين في منتصف القرن السابع عشر إلى جوام (في المحيط الهادي) من أجل نشر المسيحية بين شعب تشامورو، الذين يعيشون على جزر حملت اسمها جزر ماريانا.
ولدت باسم "ماريا آنا" فى 24 ديسمبر 1634 في فينر نويشتات، النمسا، بحيث كانت حفيدة الإمبراطور فرديناند الثانى، وكان والداها ولي العهد فرديناند والدها أصبح الإمبراطور في عام 1637، بحيث كان في ذاك الوقت ملك المجر وبوهيميا، وكان بعيداً معظم الوقت عن زوجته أثناء الحمل في حرب الثلاثين عاما، وتوفى جدها الإمبراطور فرديناند الثاني عندما كانت في الثالثة من العمر وأصبح والدها الإمبراطور فرديناند الثالث.
ماريا آنا كانت ترتيبها الثانية لستة أطفال، ثلاثة من أخوتها لقوا حتفهم في مرحلة الطفولة المبكرة، شقيقها الأكبر فرديناند الرابع ملك المجر توفى شاباً، فقط ماريا آنا وشقيقها الأصغر في المستقبل الإمبراطور ليوبولد الأول عاشا حتى مرحلة الشيخوخة.
كان مقدراً لـ ماريا آنا في سنواتها الأولى في مواصلة سياسة التزاوج بين فرعين عائلة هابسبورج النمساوية والإسبانية ففي 1646 عندما كانت ماريا آنا فى عمر الـ 11 عاماً كانت هناك مفاوضات من أجل زواجها من ابن خالها بالتازار كارلوس، أمير أستورياس وريث التاج الإسبانى، ومع ذلك توفي الأمير بعد ثلاثة أشهر بـ سن السادسة عشر، ومع وفاة الأمير أصبح فيليب الرابع دون وريثا من الذكور وماريا آنا دون خطيب، وكان فيليب في ذاك الوقت أرمل فقرر فيليب البالغ من العمر أربعة وأربعين عاما الزواج من ابنة أخته البالغة من العمر أربعة عشر عاماً، وتحول اسمها إلى ماريانا.
أنجبت ماريانا لـ فيليب خمسة أطفال، ومع ذلك عاش حتى مرحلة البلوغ اثنين فقط، وكان طفلها الأخير واسمه كارلوس مصابا بتشوه في الفك السفلي بحيث إنه لا يتمكن من المضغ، كان لسانه كبيرا وقد قيل إنه يعانى من مرض الغدد الصماء، وكان معروفا باسم (المشعوذ).
ماريانا النمساوية
عندما توفى فيليب الرابع في 17 سبتمبر 1665 كان ابنهما الوحيد الباقى كارلوس كان في الثالثة من العمر، لذا أصبحت ماريانا الوصية، وكان كارلوس في معظم الأوقات غير قادر على المشي أو الكلام حتى وصوله سن العاشرة، في عام 1668 قامت بـ تمويل رحلة اليسوعية التبشيرية بقيادة سان فيتورس إلى جرز ماريانا في المحيط الهادئ الشمالي، ودخلت إسبانيا في حرب أيلولة، بحيث فقدت معظم أراضيها في هولندا الإسبانية.
ماريانا النمساوية
وعندما تزوج ابنها كارلوس الثاني أميرة فرنسية تدعى ماري لويز من أورليان لم ينجب أطفالا، وبعد عشر سنوات، وفي 1689 توفيت ماري لويز في ظروف غامضة، وكانت هناك شائعات تقول إنها تعرضت للتسمم من قبل أولمبيا مانشيني، كونتيسة سواسون بناء على طلب من ماريانا، لأن ماري لويز لم تلد أية أطفال.
تزوج كارلوس مرة أخرى، وهذه المرة من أميرة ألمانية ومع ذلك بقي هذا الزواج أيضا دون إنجاب أية أطفال.
وتوفيت ماريانا من سرطان الثدي في ليلة 16 مايو 1696 في قصر أوكيدا في مدريد.