على غرار حادث مقتل الطالب «محمود البنا» على يد «محمد راجح» فى مدينة تلا بمحافظة المنوفية، شهدت منطقة الساحل فى القاهرة حادث قتل مماثل، بعدما تخلص شاب من آخر بسبب دفاع القتيل عن صديقه.
مجموعة من الأصدقاء يقضون معظم وقتهم مع بعضهم، لا يتفرقون إلا عند الذهاب للنوم، شاءت الأقدار أن يفقدوا أحدهم عندما تدخل لمناصرة فتاة تعرضت لمعاكسة على يد أحد الشباب فى المنطقة.
«كنا واقفين على ناصية الشارع، وأختى كانت جايبة كشرى وراجعة البيت، وفوجئنا إن فيه شاب بيعاكسها»، هكذا تحدث «شهاب.م» أحد المصابين فى الحادث وصديق القتيل، مضيفًا: «أسرعنا نحوها لإنقاذها من هذا الشاب الذى يعاكسها، وتحدثت معه ووجهت له اللوم على ما فعله، لكنه واجهنى بصوت مرتفع عندما قلت له»: «اعتبرها أختك» ليرد : «مش معايا اخوات بنات يا أخى»، فأثار جنوننا جميعًا، فدفعه صديقى «أحمد.س» بيده قائلاً له: «طيب امشى من هنا»، فأخرج «سلاح أبيض» من طيات ملابسه وجرى خلفنا، وتدخل الأهالى بالمنطقة وفضوا المشاجرة، وذهب كل طرف منا فى طريق، قبل أن يقول لنا جملته: «مسير الوشوش تتقابل».
مرت عدة أيام على هذا المشهد، واعتقدنا أن الأمر انتهى بتدخل الأهالى، لكن يبدو أنه لم ينته بالنسبة لـ«إسلام.م» الذى تشاجر معنا، المصاب يكمل حديثه لـ«اليوم السابع»، مضيفًا: ذهبنا أنا و«أحمد» وصديقنا الثالث «الرحمن» لمنطقة ميدان فيكتوريا لإحضار «قميص» للأخير تركه لدى «ترزى» هناك، وفوجئنا بوجود «إسلام» وشقيقه هناك، حيث كان الشر يظهر فى عينيه، لكننا لم نحتك به نهائيًا، حيث وقفنا بدراجة بخارية بالمنطقة تمهيدًا لاستلام «القميص»، وفوجئنا بـ«إسلام» وشقيقه يقتربان منا، وصاح الأول: «مش قلت لكم مسير الوشوش تتقابل»، ودخل معنا فى مشادة كلامية، وأسرع نحو دراجة بخارية كانت بجواره وأخرج منها «سنجة» وتعدى علىَّ بالضرب، وعندما تدخل «أحمد» للدفاع عنى سقط قتيلًا.
حالة من الكر والفر واشتباكات بيننا، هكذا كان المشهد فى منطقة فيكتوريا، حيث أصابنى فى بطنى بـ«السنجة» وسقطت على الأرض غارقًا فى دمائى، وضربنى على وجهى لدرجة جعلتنى أشعر بحدوث شلل بالوجه، ليتوجه نحو «أحمد» ويغرس آلة حادة فى بطنه ويهرب، حيث تجمع الأهالى ونقلونا للمستشفى، لكن «أحمد» فارق الحياة.
تلتقط والدة القتيل أطراف الحديث من صديق ابنها قائلة: «منهم لله، ربنا ينتقم منهم حرمونى من ابنى الوحيد على بنت، دا كان هو اللى بيصرف علينا»، مضيفة: «أحمد» كان مؤدبًا وخجولًا، ولاعب كرة موهوب، لكن الظروف عصفت بحلمه، حيث رحل والده عن الدنيا، وأصبح «أحمد» صغير السن مسؤول عننا، فاشترى «دراجة بخارية» وقرر العمل «ديلفيرى» فى مطعم لتوفير متطلباتنا، فكان لا ينام سوى ساعات قليلة لتوفير الأمور والمساهمة فى تجهيز شقيقته.
وبصوت ممزوج بالآسى، تقول الأم: «نفسى أشوف اللى عمل كده فى ابنى وحرمنى منه وأقطعه بأسنانى، منه لله قتل الفرحة اللى كانت منورة بيتنا، ومن ساعتها وأنا حاسة إنى غايبة عن الوعى، ومش قادرة أتحرك من البيت».
وأضافت الأم، فى حديثها لـ«اليوم السابع»، ابنى قُتل بسبب دفاعه عن شاب آخر، حيث شاهد مشاجرة بين المتهم وشخص آخر تدخل لفضها فسقط قتيلًا.
وداخل الشقة البسيطة بالطابق الأرضى، المزدحمة ببعض الأجهزة الكهربائية التى اشتراها الضحية لشقيقته لتجهيزها لعُرسها، قالت شقيقة القتيل وهى ترتدى الملابس السوداء: «أنا مش طايقة الشقة من غير أحمد، مش متصورة هكمل حياتى ازاى من غيره، دا كان كل حاجة بالنسبة لى».
«حسن.ع» أو «بندق» كما يطلقون عليه أهالى المنطقة، صديق القتيل، الذى كان يلازمه يوميًا، قال: المنطقة كلها حزينة على المرحوم، وصوره مالية المكان»، مضيفًا: «شيعنا القتيل فى جنازة مهيبة، ومنذ وقوع الحادث وصفحات «فيس بوك» تموج بصوره، وانطلقت الهاشتاجات المطالبة بسرعة القصاص من المتهم بعد القبض عليه، مضيفًا: «نثق فى دولة القانون، وسرعة ضبط المتهم أثلجت قلوبنا، وننتظر إعدامه فى القريب العاجل».
وتلقى اللواء نبيل سليم مدير مباحث العاصمة، إشارة من المستشفى العام، مفادها استقبال جثة «أحمد.م»، 19 سنة، وشهرته سودة، مصابا بطعنة نافذة، وبالانتقال والفحص تبين نشوب مشادة كلامية بين الضحية وشخص آخر يدعى «إسلام.م» وشقيقه «أشرف م»، 22 سنة، عاطل، ومقيم بدائرة القسم، وتطور الأمر إلى مشاجرة، أخرج على إثرها الجانى سلاح أبيض مطواة، وطعن الضحية ما تسبب فى مصرعه وتم تحرير عن ذلك المحضر اللازم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة