ما أشبه الليلة بالبارحة، فما بين مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وإعلان مقتل أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش ، رئيسان للولايات المتحدة، كلاهما استثمر الحدث لينسب لنفسه انتصار سياسى لا يمكن إنكاره، ورصيد شعبية لا يستطيع أحد إغفاله.. إلا أن ما حققه ترامب من تلك العملية التى تمت فى الساعات الأولى من صباح السبت ربما يفوق مداه تلك الأيام القليلة التالية للإعلان ليمهد طريقه بقوة نحو الولاية الرئاسية الثانية والفوز بانتخابات 2020.
وأكد ترامب فى خطابه اليوم مقتل زعيم "داعش"، ابو بكر البغدادي، في هجوم اعتبره "جريئا" نفذته القوات الخاصة للولايات المتحدة في سوريا، شاكرا روسيا على إسهامها في العملية.
وقال ترامب، في كلمة ألقاها اليوم الأحد: "وضعت الولايات المتحدة الليلة الماضية الإرهابي رقم واحد في العالم أمام العدالة، تم قتل أبو بكر البغدادي. كان مؤسسا وزعيما لداعش، التنظيم الإرهابي الأكثر قسوة ووحشية. الولايات المتحدة بحثت عن البغدادي على مدار سنوات طويلة. ومثل القبض عليه أو قتله أولوية رئيسة لإدارتي في مجال الأمن القومي".
وأشار ترامب إلى أن القوات الأمريكية الخاصة نفذت "غارة جريئة" لتصفية البغدادي بمشاركة 8 مروحيات، مفيدا بأن زعيم "داعش" انتحر خلال محاولة فراره من العسكريين الأمريكيين في نفق تحت موقع مخبأه، حيث فجر نفسه و3 من أطفاله بحزام ناسف.
واعتبر ترامب أن البغدادي قتل "كجبان وكلب"، مشيرا إلى أن العملية أسفرت كذلك عن مقتل الكثير من مرافقيه، وذكر أن القوات الأمريكية قضت ساعتين في الموقع حيث جمعت معلومات حساسة حول التنظيم.
وقال إن العملية لم تسفر عن سقوط قتلى أو جرحى بين القوات الأمريكية، لكنها أسفرت عن إصابة 11 طفلا كانوا في الموقع.
ورغم العداء المتبادل بين ترامب وغالبية وسائل الإعلام الأمريكية، إلا أن أحد لا يمكنه أن ينكر ما سوف يحققه ترامب من مكاسب من تلك العملية الناجحة ، خاصة فى ظل الضعف الذى يعانيه الديمقراطيين وغياب منافس قوي قادر على خوض سباق الانتخابات الأمريكية 2020 أمام ترامب.
ففيما يستعد ترامب بثبات للمارثون الانتخابى، يعانى الحزب الديموقراطي من أزمات كبرى، فى مقدمتها ملفات الفساد التى تحيط بنجل المرشح الديمقراطي الأوفر حظا داخل الحزب جو بايدن، خلال عمله قبل سنوات فى إحدى الشركات الأوكرانية، فضلا عن الحالة الصحية المضطربة التى يعانيها بيرنى ساندرز ، وهى ما تجعل من استكماله السباق الانتخابى دربا من المستحيلات.
وفى طريقه لمارثون 2020, لا يتسلح ترامب فقط بالعملية الناجحة لتصفية أبو بكر البغدادي، حيث حقق الرئيس الأمريكى انتصارات ومكاسب فى ميادين آخرى، بمقدمتها الاقتصاد بعدما نجح فى خفض معدلات البطالة بشكل لافت للمرة الأولى منذ سنوات.
وبخلاف ذلك، استطاع ترامب إدارة العديد من الأزمات بأقل خسائر ممكنة، وفى مقدمتها الحروب التجارية مع الصين والتى استطاع من خلالها فرض رسوم جمركية كان لها الفضل فى حماية الصناعة المحلية وخفض هامش البطالة، فضلا عن اتباع سياسة قائمة على الانسحاب من ميادين القتال فى الشرق الأوسط قدر المستطاع وتوفير كلفة اقتصادية كانت تكبد الخزانة الأمريكية مليارات فى عهد كلا من باراك أوباما وجورج بوش الأبن.