ذكرت دراسة لبنك (ستاندرد تشارترد) البريطاني بأن 66 دولة على مستوى العالم من بينها 14 دولة أفريقية تعد وجهة جاذبة للاستثمار والشركات متعددة الجنسيات.
واعتمد البنك في دراسته واختياره لهذه الدول على ثلاثة معايير رئيسية هي: حيوية الاقتصاد للدولة المختارة ويتضمن ذلك معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ونمو وتيرة التصدير، ثم تطور الموارد الضرورية لدعم معدل النمو مستقبلا استنادا إلى جودة البنى التحتية ونفاذ التجارة الإلكترونية ومناخ الأعمال، وأخيرا يأتي معيار تنويع الصادرات.
وأشارت الدراسة - التي صدرت هذا الأسبوع - إلى أن الهدف من هذه الدراسة وتصنيف الدول هو الكشف للمستثمرين عن "نجوم صاعدة في مجال التجارة على الصعيد العالمي تقدم فرصا جاذبة للشركات الباحثة عن شركاء جدد " .
وأخذت الدراسة في حسابانها "التغيرات التي حدثت بمرور الوقت للكشف عن الأسواق التي شهدت تحسنا ملموسا على مدار العقد الماضي".
وبحسب الدراسة، فإن من بين الدول الأفريقية الـ 14 تحتل كوت ديفوار وكينيا وغانا موقعا متقدما لدول أفريقيا جنوب الصحراء؛ وذلك بفضل بنيتها التحتية التقليدية والرقمية المتقدمة والإجراءات التي اتخذتها لتحسين مناخ الأعمال.
ووفقا للبنك الدولي فإن الدول الفرانكفونية بغرب أفريقيا تفوقت على الهند، وذلك بفضل معدل نموها الديناميكي، الذي وصل إلى 7.8%، المقترن بالنمو السريع للبنية التحتية لقطاع التجارة، فعلى سبيل المثال قامت كوت ديفوار بتوسيع مينائها ومطارها مما عزز موقعها كمركز تجاري رئيسي لغرب أفريقيا .
وفي تقريره الأخير عن كوت ديفوار، جاء رأي البنك الدولي موافقا لما جاءت به دراسة بنك (ستاندرد تشارترد) بخصوص أبيدجان، والذي أثنى على الإدارة الاقتصادية للبلاد بفضل معدل التضخم المعتدل وترشيد الإنفاق العام نتيجة للسياسات المالية والنقدية الحكيمة وتبني إصلاحات للنهوض بمناخ المال والأعمال وأيضا تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
لكن دراسة بنك (ستاندرد تشارترد) حذرت في الوقت نفسه من أنه إذا اتخذ الناتج المحلي الإجمالي والصادرات منحنى تصاعدي مع استمرار "تقييد" نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة فإن ذلك سيؤدي على المدى القصير إلى "عرقلة إمكانيات نمو" البلاد التي تعاني أيضا من استمرار حالة عدم المساواة بين السكان التي وصل معدل الفقر فيها، وفقا لإحصاء عام 2015، إلى نسبة 46.3% بين سكان البلاد، وهو تحد ستواجهه كينيا أيضا، إلى جانب تداعيات التغيرات المناخية ومديونيتها المتزايدة.
لكن جودة البنية التحتية في كينيا، والإصلاحات التي أجرتها خاصة في مجالات تأسيس الشركات، وتوصيل الكهرباء، وتسجيل الممتلكات وحماية المستثمرين من الأقليات أقنعت محللي (ستاندرد تشارترد) بوضع كينيا ضمن قائمة الدول الواعدة استثماريا، وفقا لما جاء في الدراسة.
ففي عام 2017، أطلق الرئيس أوهورو كينياتا خطة "الأربعة الكبار" التي كانت بمثابة تعهد موثوق للنمو الاقتصادي للبلاد بالنسبة لخبراء بنك (ستاندرد تشارترد) ويقدم رؤية إيجابية لتطوير الصناعات التحويلية (وهي صناعات تحول المواد الخام المستخرجة من الطبيعة والمواد الزراعية والنباتية والحيوانية إلى شكل آخر قابل للاستفادة منه)، التي تعد واحدة من الركائز الأربعة لبرنامج التنمية.
وتسعى الحكومة الكينية إلى زيادة حصة قطاع الصناعات التحويلية ضمن الناتج المحلي الإجمالي ليرتفع من 8.5% إلى 15%، وقد بدأت هذه الاستراتيجية تؤتي ثمارها اليوم، حيث تجذب كينيا المزيد من الشركات العالمية سنويا، وأغلب هذه الشركات فرنسي ومنها (كارفور) و(ديكاتلون) و(دانون) التي استحوذت على نسبة 40% من رأس مال الشركة القابضة لمجموعة (بروكسايد) رائدة صناعة منتجات الألبان في كينيا.
أما ثالث الدول الأفريقية الرائدة في هذا التصنيف فهي غانا التي احتلت المرتبة الثالثة عشرة بين الدول الـ66 الجاذبة للاستثمارات، وهي مكانة يفسرها (معدل نمو مثير للإعجاب)، قدر بـ8.5%، وفقا للبنك الدولي و6.3% بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، تعززه جهود التجارة الإلكترونية وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وعملت غانا على تحسين مناخ الأعمال التجارية لديها، حيث أدخلت عشرة قواعد حديثة لجذب شركات جديدة لدخول سوقها حيز التنفيذ هذا العام، ومن بين هذه القواعد خدمات الأدوات الرقمية المتعلقة بالمستثمرين مثل التسجيل والإصدار الرقمي لهوية الشركات.
ويرى فيليب بانينو رئيس العمليات المصرفية في بنك (ستاندرد تشارترد)، أن أفريقيا "يمكن أن تصبح لاعبا أكبر بكثير على الساحة التجارية العالمية عبر مبادرة (الحزام والطريق) الصينية وأيضا من خلال منطقة التجارة الحرة الأفريقية الأمر الذي يتيح لها العديد من فرص التجارة والاستثمار على مدار السنوات القليلة المقبلة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة