تمر اليوم الذكرى الـ574، على ميلاد الشيخ والفقيه جلال الدين السيوطى، إذ ولد الفقيه المسلم فى 3 أكتوبر من عام 1445م، وعاش فى مصر فى أيام الدولة المملوكية.
يعد الفقيه الراحل واحد من أبرز علماء المسلمين، وتنوع إنتاجه الثقافى ما بين تاريخ دينى وعلوم الشرع، وتطرق أيضا إلى فن النكاح والجنس، إذ إن الشيخ الشهير هو مؤلف كتاب "نواضر الايك" الذى يعتبر من أمهات كتب الثقافة الجنسية العربية الشهيرة والتي تناولت العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة.
ولم يكن كتاب السيوطى الوحيد الذى طرحه السيوطى فى الثقافة الجنسية، وتحدث عن فنون النكاح عند العرب، فهناك 1- الوشاح في فوائد النكاح، ورشف الزلال من السحر الحلال، بالإضافة إلى العديد من الكتب الأخرى التى تناولت فن النكاح مثل كتاب "رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه" لابن سليمان، وتحفة العروس ومتعة النفوس لأبى عبدالله التيجانى.
لكن مع كل هذه الكتب ما سبب احتفاء التراث الثقافى العربى بالعديد من كتب الجنس، ولماذا كانوا العرب حريصين على الكتابة فى مثل هذه الثقافة.
بحسب الكاتب جورج كدر فى كتابه "فن النكاح في تراث شيخ الإسلام جلال الدين السيوطي"، فإن الجنس كان مقدسا فى الجزيرة العربية، فقد كانت عبادة الأم الكبرة ومركزها سوريا الكبرى سائدة بين قبائل العرب بطرق مختلفة.
ويرى الكاتب أن من الأسباب التى جعلت العرب يحتفون بالثقافة الجنسية، والسبب الأهم من وجهة نظره هو أن العرب قبل الإسلام تعرضوا لمجاعات كبرى، هددت وجودهم، فكم من شعوب سموا العرب البائدة "جديس، طسم، عاد، ثمود" ولم يبق من ذكرهم إلا حكايات متناثرة، موكدا أن المجاعات عامل مهم يقف خلف انقراضهم، وأن تلك المجاعات حطمت شعوب صارعت الطبيعة من أجل وجودها.
إضافة إلى ما سبق، فإن دور البغاء، كانت منتشرة بكثرة فى أرض الجزيرة العربية، كان فيها نساء معروفات ويتميزن بخصوبة تحتاجها وتتطلبها الظروف القاسية، أولئك الباغيات تردد عليهم أعيان القوم دون حرج، وكان العرب قبل الإسلام طقوس مختلفة يحتفون فيها بالجنس ويكرمون الولد، لأنه سفيرهم إلى الخلود واستمرار جنسهم.
وكان للجنس أهمية، ويتمثل فى طقوس خاصة فى عباداتهم وألهتهم، فكان هناك آلهة خصيبة تجمع بين خصب الأرض والسماء وبين خصب البشر، آلهة مثل الثالوث "اللات، العزى، مناة" ومناه تلك تصهر بحورف اسمها الموت بالحياة، أنه تعبير عن المنية، الموت، والمنى، بذرة الحياة، كما كان هناك عبادة الإله "ود" إله الحب عند الحب، وكان من أهم أماكن العبادة مكة، وكان الحجاج يطوفون حولها عراة، ومن أهم أسباب تسميتها "بكة" أن الرجال والنساء يتزاحمون حول كعبتها وتلتصق أجسادهم بعضها ببعض فى حميمية عجيبة، وهذا التزاحم له دلالات لا يمكن تجاهلها بحسب المؤلف، ففى عبادة الأم الكبرى التى انتشرت فى سوريا، كان الرب أنثى وكان لطقوس الجنس دور أساسى فى هذه العبادة، تبدأ بالمناحة الكبرى على موت الإله وما يرافقها من أضاحى وصولا إلى قيامته من عالم الموت والاحتفال بها.