سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 أكتوبر 1891.. عبد الله نديم ينكر معرفته بالشخصيات التى أخفته 9 سنوات.. وقاسم أمين يبدأ التحقيق معه.. ويؤكد له: «أنت حر فى كلامك فقل ما شئت»

الخميس، 03 أكتوبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 أكتوبر 1891.. عبد الله نديم ينكر معرفته بالشخصيات التى أخفته 9 سنوات.. وقاسم أمين يبدأ التحقيق معه.. ويؤكد له: «أنت حر فى كلامك فقل ما شئت»

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لجأ وكيل حكمدار الغربية إلى «حسن الفرارجى» ليدله على بيت «إبراهيم الشهاوى» الذى هو فى الحقيقة «عبد الله نديم»، بعد أن أنكر عمدة قرية «الجميزة» بمحافظة الغربية وجود شخص بهذا الاسم فى قريته.. كان «الفرارجى» هو الذى وشى بنديم المختفى منذ اليوم التالى لهزيمة الثورة العرابية واحتلال مصر فى 14 سبتمبر 1882.. «راجع ذات يوم 3 أكتوبر 2019».
 
لم يكذب «الفرارجى» خبرا، ودل البوليس، وحسب الدكتور على الحديدى فى كتابه «عبد الله النديم - خطيب الوطنية»: «أحس نديم بالحركة غير العادية خارج الدار فأوجس فى نفسه خيفة، وأراد الانتقال إلى دار أخرى، وحين صعد إلى سطح المنزل صوب إليه الجنود بنادقهم من الدور المجاورة، وتيقن أنه مقبوض عليه لا محالة فعاد أدراجه، ونزل وفتح باب الدار، وواجه البوليس فى جلد وشجاعة وسلم نفسه».
 
يذكر «نديم» جانبا من وقائع القبض عليه، فى العدد الأول من مجلته الأستاذ «24 أغسطس 1892»، يقول: «عندما دلت الحكومة على لم تبعث رجلا فظا للقبض علىَّ، بل بعثت رجلا مهذبا هو محمد أفندى فريد، وكيل حكمدارية الغربية، فاشتد فى أول الأمر، وأراد أن يكتفنى فلما ذكرته بأنى مذنب سياسى ولا مجرم جنائى، انصاع لأفكارى، وتلطف بى ومكننى من دخول البيت لألبس ثيابى، وأوصى أهل البيت بما يفعلونه بعد توجهى، وعندما وصلت معه إلى مركز السنطة لم يضعنى فى السجن، بل وضعنى فى محل العساكر، وفرش لى «كبود عسكرى»، وأمر لى بماء أتوضأ لأصلى العشاء، ثم أخذ خادمى واستنطقه وحده بما اضطره للإقرار ببعض من آوونى وأكرمونى فى الاختفاء».
 
استدعى وكيل الحكمدار «نديم» فى آخر الليل، أى فى الساعات الأولى من صباح 3 أكتوبر، مثل هذا اليوم 1891، يذكر نديم: «استحضرنى إليه آخر الليل، وحاول أن أعترف له بأن أحدا ممن ذكرهم خادمى كان يعرف حقيقتى، فأكدت له عدم معرفة واحد منهم لى، وكانت همته متجهة لإقرارى بمعرفة سعادة منشاوى باشا، فعز عليه ذلك، وامتلأ عجبا عندما قلت له إنى لم أعرف المنشاوى إلى الآن، ولم يكن بينى وبينه سابق اجتماع».
 
لم يكن إنكار «نديم» معرفته بالمنشاوى باشا صحيحا، فحسب «أبوالمعاطى أبوالنجا» فى روايته «العودة إلى المنفى» كان الشيخ شحاتة القصبى «شيخ الطرق الصوفية» هو من دل «نديم» إلى الاختفاء فى «القرشية».. يكشف «أبو النجا» أن «المنشاوى» كان يعرف «نديم»، وكان من أنصار الثورة العرابية، وحوكم مع «العرابيين» لكنه لم يلق مصيرهم، لإنقاذه أوربيين من مذبحة كادوا يتعرضون لها أثناء الحرب، فنقلهم عنده فى عزبته، وبقوا فى حمايته، وأثناء محاكمة العرابيين تدخل قناصل هؤلاء الأوربيين لدى الإنجليز، فصدر عفو عنه.. بعد ذلك عاش يتسلى بزراعة أرضه الواسعة، وبمجلس علمى وأدبى، فكر نديم أن يحتل ركنا فيه.. يؤكد «أبوالنجا»: «استقبله المنشاوى ذات مساء فى قصره رجلا يرتدى ثياب أهل اليمن، وينطق لهجتهم، واسمه الشيخ على، ثم أصبح الشيخ «على اليمنى».
 
أصبح «اليمنى» ركنا أساسيا فى المجلس الأدبى والعلمى للمنشاوى باشا».. ذاعت شهرته حتى وصلت إلى رياض باشا رئيس الوزراء، يقول نديم فى مجلة «الأستاذ»: «كان رياض باشا يعلم وجود رجل عالم يمنى فى القرشية، وكان يحدثه بأخبارى الشيخ سعد، والجوهرى والمنشاوى، وبسيونى بك وغيرهم، وجاءنى الشيخ سعد مرة يسألنى عن أشياء على لسان دولة رياض باشا منها المثل اليمنى المشهور: «بعلة الورشان يؤكل رطب المشان»، وقد رآه فى جريدة فكتبت له جوابا».. استمر «نديم» عند المنشاوى باشا خمسة شهور، ثم أعلن ذات مساء لرواد مجلس الباشا عن غربته فى السفر لأداء فريضة الحج».
 
فشل وكيل حكمدار الغربية محمد أفندى فريد، فى الحصول على اعتراف من نديم معرفته بالمنشاوى باشا».. وفى صباح 3 أكتوبر 1891 تم نقله إلى نيابة طنطا، وكان رئيسها قاسم بك أمين.. يثنى «نديم» على ما فعله «قاسم»، قائلا: «اعتنى بشأنى وأرسل لى خالد أفندى الفوال لينظر حالة السجن أنظيف أم لا، وهناك تضييق أو تعذيب، فلم أطلب منه أكثر من تنوير المحل ليلا، ورفع باب الملقف ليدخل الهواء، ففعل وأمر أن يرش فى المحل حمض الفنيك كل يوم، وأن ترفع «مستيلة» البراز كل يوم مرتين أو ثلاثا، وأن لا أمنع من شرب القهوة والدخان إن أردت».
 
يضيف «نديم» أن قاسم سأله إذا ما كان معه نقود أم لا، ثم أمر أن يأتوا له ما يطلبه على حسابه.. وقال له: أنت حر فى كلامك فقل ما شئت.. يؤكد نديم: «لم يسمع منى أن أحدا من الناس آوانى على أنى عبد الله نديم المطلوب للحكومة، بل قلت: أنى كنت أدخل البيت بدعوى أدعيها، وأخرج خوفا من تفرس صاحب البيت فى وقبضه علىَّ».
 
احتجزته نيابة طنطا حتى تقرر الجهات العليا فى القاهرة مصيره..وفى 12 أكتوبر 1892، قررت الحكومة برئاسة عبد الرحمن باشا رشدى إبعاده إلى الشام، ومنحه 150 جنيها ليستعين بها فى منفاه.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة