شهد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، صباح اليوم الأربعاء، مراسم الاحتفال بـ اليوم الأفريقى العاشر للأمن الغذائي والتغذوى، والذى تستضيفه مصر، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، وذلك بحضور السفيرة جوزيفا ساكو، مفوض الاقتصاد الريفى والزراعة بالاتحاد الأفريقى، وعدد من الوزراء، ورؤساء الوفود، وممثلى المنظمات الدولية والإقليمية والمؤسسات الدولية المانحة.
وفى كلمته، خلال الاحتفال، نقل رئيس الوزراء إلى الحضور تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، وتمنياته لهذا الاحتفال بالنجــاح والتوفيق، معرباً عن بالغ الامتنان للاتحاد الأفريقى على قبول استضافة مصر لهذا الحدث الهام، وكذا اعتزاز مصر بالثقة التى اكتسبتها بانتخابها من قبل القادة الأفارقة فى أديس أبابا لرئاسة الدورة الحادية والثلاثين للاتحاد الأفريقى لعام 2019، والتى تَعْكِسُ قُوَةَ وَعُمْق العلاقات المتبادلة بين مصر والدول الشقيقة الأعضاء بالاتحاد الأفريقى.
وأكد رئيس الوزراء أن القارة الأفريقية تُواجِهُ تحدياتٍ كبيرة لما تُعانيه من فَجْوة غِذَائية كبيرة بين الإنتاج والاحتياجات الاستهلاكية، وخاصة فى محاصيل الحبوب والمحاصيل السكرية والزيتية، وما تُواجهه من نُدْرة الموارد المائية، والتغيرات المناخية التى تُؤثر على المجــالات الزراعيــة، بشكـــل مباشـــر أو غيـــــر مباشـــر، لافتاً إلى أن مُواجهة هذه التحديات تُشَكل تَحدياً كبيراً، خاصة فيما يتعلق بالمشاكل المرتبطة بإدارة الموارد المائية، وَتَأْمين تلبية الاحتياجات المتزايدة والطلب على المياه من كل القطاعات المستخدمة لها، وكذلك لما نُعَانيه من النمو السكانى المتزايد، والذى يُشَكِّل ضغطاً على الموارد المائية المُتاحة.
وأضاف مدبولى أن المناخ أصبح يشكلُ عاملاً مُحدداً للإنتاج الزراعى وأنواع الحاصلات وَسُلالات الإنتاج الحيوانى التى تتناسب مع كل إقليم مُنَاخى، لافتاً إلى أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تعزيز استخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة فى تطوير النظم الغذائية مع تعزيز الأمن المائى، من خلال الاستثمار فى عمليات أكثر فاعلية للحصول على المياه وَمُعدات الرى، وإعادة استخدام المياه مع التوعية لترشيد الاستهلاك من المياه، والاستثمار فى تحويل مجارى الأنهار أو إقامة الخزانات، وَضَخ المياه الأرضية للحصول على موارد مياه مُتَجددة.
وأكد رئيس الوزراء على الإرادة المشتركة للحُكومات والشعوب الأفريقية، من أجل السعى نحو القضاء على الجوع وسوء التغذية فى القارة، من خلال تنفيذ الخطة الاستراتيجية للتنمية الزراعية المستدامة 2030، وأشار إلى ضرورة إيجاد حلول قارية مشتركة تجتمع فيها جُهود الجميع بهدف تبنى آليات عمل مشتركة فى العديد من المجالات، بما يشمل تَبَنّى سياسات وإجراءات اقتصادية واجتماعية تضع القضاء على الجوع على رأس أولوياتنا فى العمل المشترك، وتطبيق الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية المتاحة وترشيد استخدامها للمحافظة على البيئة فى الإنتاج الزراعى وتعظيم الاستفادة من وِحْدَتى الأرض والمياه.
وأضاف مدبولى أن آليات العمل المشترك لابد أن تتضمن تطوير سلاسل القيمة المضافة فى كافة أنشطة الإنتاج الزراعى، بما يحقق عائداً اقتصادياً أفضل من مواردنا الخام، وزيادة فرص العمل فى المناطق الريفية للحد من الهجرة للمدن، من خلال توفير أساليب استثمارية مُتنوعة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة للمرأة والشباب فى المناطق الريفية، بالتنسيق مع القطاع الخاص والاستثمارى، بالإضافة إلى أن توفير الغذاء الصحى والآمن للمواطنين هُو مُحَصِّلة عوامل متعددة، من أهمها الاستقرار السياسى والسلام الاجتماعى ودعم المرأة والشباب، من خلال تنفيذ سياسات تَعْتبر الاستثمار فى البشر، وتمكينهم من اكتساب المهارات اللازمة لأداء أعمالهم بكفاءة هُو المُحرك الأساسى للتنمية.
وأكد رئيس الوزراء أن دعم التبادل التجارى ما بين الدول الأفريقية، يتطلب وضع دستور متكامل لسلامة الغذاء يتم تطبيق معاييره وآلياته بحيادية وشفافية فى جميع دول القارة، وضرورة توفير آليات تسويق تعاونية فعالة لتوفير أسعار عادلة لصغار المزارعين مُقَابل مُنْتجاتهم، معتبراً أن ذلك هو السبيل الحقيقى لرفع دخولهم ومستوياتهم المعيشية للقضاء على الفقر فى المجتمعات الريفية.
وأشاد الدكتور مصطفى مدبولى، خلال كلمته، بالإنجازات التى تم تحقيقها بفضل إرادة الدول الأفريقية، ومساعيها الدؤوبة لتحقيق مستقبل مُشْرق لقارتنا الحبيبة وَشُعوبها العريقة؛ لافتاً إلى أنه تم قطع شوط طويل على مسار تحقيق أجندة أفريقيا 2063، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والنهوض بالقارة الأفريقية، وأننا أصبحنا على الطريق الصحيح نحو حُقْبةٍ جَديدة واعدة، تَتَّسمُ بالتنمية والتقدم بدلاً من الركود الاقتصادى والنزاعات.
وأضاف أنه يتعين على شركاء القارة الأفريقية تعزيز التواصل وإقامة الشراكات الفاعلة مع القطاع الخاص ومجتمع رجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدنى، للتعرف على تطلعاتهم والاستفادة من خبراتهم، وتذليل المعوقات التى يُواجِهُونها فى الميدان، تمهيداً للخروج بتوصيات قابلة للتنفيذ تُمَكَّننا نحن المسئولين، سواء رؤساء الدول والحكومات، من توفير الضمانات اللازمة لاحتضان رواد الأعمال الأفارقة، ودعم الصناعات المحلية والاستراتيجية الأفريقية، معتبرا أنه ينبغى ألا نُغفل أهمية الاستثمار فى أهم موردٍ تمتلكه القارة، وهم الشباب الأفريقى رجالاً ونساءً بالتساوى، والذين نُعَول عليهم كثيراً لاستكمال المسيرة وتحويل الحلم الأفريقى إلى واقع، مُتسلحين بحماسهم وإبداعهم وطاقاتـهم الخلاقة.
وفى ختام كلمته تقدم رئيس الوزراء بالشكر والتقدير للحضور، ولكل من ساهم فى الإعداد والتنظيم لإنجاح هذه الاحتفالية، التى تُجسد عملنا المشترك وجهودنا الدؤوبة نحو أفريقيا، التى تنعم بالسلام والأمن الغذائى بما يُحقق الرفاهية، وتحسين سُبُل العيش لشعوبنا الأفريقية العريقة، قائلا: أختتم كلمتى بتأكيد حرص جمهورية مصر العربية كرئيس للاتحاد الأفريقى، على الخروج من اجتماعنا اليوم بنتائج ملموسة تُعْطِى دفعةً حقيقيةً فى تحقيق الأمن الغذائى والتغذوى فى أفريقيا.