-السكان يشكون: لا نستطيع النوم ليلاً بعد طفح المياه داخل البيوت
-الأمراض أصابت الأطفال بسبب الديدان والبعوض والبرك والزراعات ماتت بسبب الطفح
"مش عارفين ندخل بيوتنا ولا نخرج منها".. بهذه الكلمات وصف أهالى قرية السماحة مركز إدفو بمحافظة أسوان، حالهم بعد أن تعرضت القرية لطفح مياه الصرف الزراعى وأدت إلى تكوين برك ومستنقعات داخل المنازل التى تركها البعض والبعض الآخر يعيش فيها غير آمن.
أعمدة كهرباء
وفى جولة لـ"اليوم السابع" داخل هذه القرية التى تبعد نحو 153 كيلو متر شمال شرق مدينة أسوان، رصد المعاناة التى يعيشها سكان هذه القرية منذ شهور وزادت بالتزامن مع دخول فصل الشتاء.
الأسر تترك منازلها
وتعد قرية السماحة التى يعيش فيها ما يزيد عن ألف نسمة، واحدة من قرى مشروع وادى الصعايدة بمركز إدفو، وهو المشروع الذى نفذته وزارة الزراعة منذ عام 1998 ويعانى حالياً العديد من المشاكل سواء المتعلقة بالزراعة أو المياه أو البنية الأساسية أو المرافق، ثم مؤخراً مشكلة طفح مياه الصرف الزراعى والتى تعد الأكثر ضرراً على الأهالى وتشكل خطورة على السكان المقيمين فى القرية.
الأطفال فى الشوارع
حسن أمين عبد العاطى، شاب ثلاثينى من أبناء المنتفعات بقرية السماحة والتى خصصت وزارة الزراعة لوالدته منزل وأرض زراعية تقدر بـ6 أفدنة، اضطر هذا الشاب إلى استخدام "الطوب" ووضعه فوق الماء كـ"جسر" يعبر عليه للدخول إلى منزله، وسط معاناة لحمل أطفاله الصغار عليه ويعبر بهم فوق هذه الأحجار المتراصة فى طريقها إلى باب المنزل.
الأهالى يصنعون طرقاً بالتراب
وقال "حسن": إن هذه المياه لم تبق مكاناً فى القرية إلا وتسربت إليه سواء المنازل أو الأراضى الزراعية أو حتى الشوارع والمسجد، وتشكل هذه المياه خطورة كبيرة على الأطفال الصغار الذين كانوا يلهون أمام المنزل، إلا أن وجود محول كهربائى أمام منزلنا وأسفله المياه من كل اتجاه يشكل خطورة بالغة على حياة الأطفال الصغار، معلقاً: "مهما كنا حريصين على حياة أولادنا إلا أن الخطر لا زال قائماً يلاحق الصغار والكبار"، مناشداً المسئولين سرعة التحرك لإيجاد حل لهذه المشكلة قبل وقوع كارثة كبرى لحياة سكان هذه القرية.
الحجارة المستخدمة للعبور عليها
لا يختلف الحال كثيراً بالنسبة لـ"بسطاوية بكير حسين" السيدة التى تعيش فى القرية برفقة بناتها وأحفادها وتقوم على تربيتهم بجانب رعايتها للأبقار والدجاج بمنزلها، وتعبر بسطاوية عن حالها قائلةً: "بيوتنا غرقانة من المياه وهناك صعوبة فى التحرك سواء فى محاولة الدخول للمنزل أو فى داخل المنزل نفسه، وتسببت هذه المياه فى وجود برك داخل المنازل يغمس فيها أصحاب الدار وحتى الحيوانات التى نربيها، فالحياة صعبة وسط هذه الأزمة التى تزيد يوماً بعد الآخر".
الزراعات تنمو من المياه
وفى منزل السيدة منى حسن، تجد المعاناة تزداد شيئاً أكثر، بعد أن لجأت السيدة لوضع الحجارة فوق بعضها لتصل إلى حجرة المطبخ وتطهى الأكل لزوجها وبناتها وسط هذا التلوث البيئى، معلقةً: "تحملنا الكثير من المتاعب فى قرية السماحة سواء مشكلة مياه شرب أو بنية أساسية أو زراعات أو مواصلات، وزادت هذه المعاناة بطفح كميات كبيرة من مياه الصرف الزراعى إلى داخل المنازل وأضرت بالسكان كثيراً، حتى أتعبتهم ومرض الأطفال بسببها، وبحسب تأكيد الطبيب أن هناك ميكروبات أصابت الأهالى بسبب هذه المياه الملوثة، ولا يستطيع أهالى القرية النوم من شدة انتشار البعوض فوق هذه المياه الموجودة داخل المنازل وأصبحت الأسرة أشبه ببساط يطفو على بحيرة من الماء، أو استخدام دورات المياه بعد أن طفحت المياه من تحت الأرض وظهر بها الديدان والبعوض، وما زاد الطين بلة كما يقولون هو رائحة هذه المياه الكريهة".
الطفلة فى المنزل
جامع عبد العال، مزارع بالقرية، أشار إلى أن سكان القرية منذ استيقاظهم بالصباح وهم يبدؤون رحلة رفع المعاناة عنهم بسبب هذه المياه، وجلبوا أكوام الأتربة لوضعها فوق المياه بالجهود الذاتية كحل مؤقت وصنعوا منها طرقاً للمرور عليها فى الشوارع، ورغم أن هذه المشكلة لم تكن وليدة اليوم ولكنها امتدت لسنوات – على حد قوله – إلا أن المسئولين لم يجدوا حلاً جذرياً لها، حتى ماتت زراعاتنا بعد أن غمرتها مياه الصرف الزراعى، رغم أن الزراعة هى المصدر الرئيسى لغالبية السكان فى القرية، موضحاً بأن "السماحة" معزولة عن أقرب الخدمات لها وهناك صعوبة كبيرة فى وسائل النقل للوصول إلى مدينة إدفو التى تبعد ما يزيد عن 33 كيلو متراً.
المصرف
وحول أسباب المشكلة، أوضح أيمن عبدالرؤوف، مهندس زراعى بقرية السماحة، بأن هذه المشكلة ترجع إلى 7 سنوات تقريباً، وتم حفر مصرف حول القرية لتجميع مياه الصرف الزراعى حتى تصب فى المصرف الرئيسى باستخدام ماكينتى رفع، وبعد مرور فترة تولت وزارة الرى مسئولية المصارف واستخدموا التجريف فى المصارف كما استعانوا بوضع "مواسير" للاستغناء عن ماكينتى الرفع اللتين تعملان بالسولار، وتسبب هذا التجريف الذى تنفذه الرى سنوياً فى حبس ماسورة المصرف القريبة من منطقة نجع السايح بسبب وجود شوائب أو أتربة غطت جزء كبير من فتحة الماسورة، ومع هبوط مستوى هذه الماسورة عن المصرف بسبب التجريف أصبحت فتحت الماسورة لا تستوعب طاقة المياه كاملة ولا يتسلل إلى داخل الماسورة إلا القليل عبر الجزء المفتوح من الماسورة ويقدر بنحو 20 أو 30 سنتيمتر تقريباً.
المياه الملوثة
من جانبه، أكد محمد على الشرونى، مدير عام الرى بمحافظة أسوان، أن هذه المشكلة ترجع إلى تاريخ إنشاء قرى وادى الصعايدة حيث تم تنفيذ هذه القرى والمساكن فيها بالمنسوب المنخفض عن الأرض، وتنخفض القرية سواء السماحة أو غيرها من قرى: "الإيمان وعمرو بن العاص والنمو وغيرها"، بنحو 10 أمتار عن مستوى الأرض الزراعية لذلك ظهرت المشكلة، مشيراً إلى أنه مع زيادة الزراعات مؤخراً فى هذه القرى ظهرت المشكلة وازدادت مع مخالفة المزارعين للوائح الزراعة فى هذه القرى بقصر غالبية الزراعة على القصب وغيرها من المحاصيل التى تروى بالغمر باستخدام مياه كثيرة، رغم أن تصميم الأراضى مفترض أن يكون بالرى المطور الحديث، بجانب عدم وجود مصارف خاصة تفصل بين الزراعات مسئولية هيئة التعمير.
المياه تحاصر المساكن
وأشار إلى أن هناك دراسات لبحث هذه المشكلة التى تحتاج إلى تكلفة عالية جداً، خاصة أن زمام القرية يزيد عن 90 ألف فدان، مضيفاً أنه تم الاستعانة ببعض الحلول العاجلة منها فى قرية عمرو بن العاص بإنشاء مصرف قاطع عن طريق منحة مقدمة من منظمة الإيفاد، ويعد حلاً جزئياً كان له مردود إيجابى على القرية، مع الأخذ فى الاعتبار أنه ليس الحل الرئيسى.
المياه تحاصر المنازل
وأكد "الشرونى"، أنه سيتم البدء فى تنفيذ الأعمال الخاصة بما انتهت إليه الدراسات البحثية خلال شهرين، يحث تشمل المرحلة الأولى التى قدرت تكلفة الأعمال فيها بنحو 60 مليون جنيه وسيتم طرحها لإسنادها إلى بعض الشركات للتنفيذ خلال الفترة المقبلة.
المياه تصدع المنازل
برك
تلوث الأطفال
حفر من المياه
رجل يحمل ابنه للعبور فوق المياه
ردم المياه
سيدة تخرج فوق الطوب
سيدة تشير إلى تلوث المياه
صحفى اليوم السابع داخل القرية
طرق قرية السماحة
غرفة نوم غارقة
غرق قرية السماحة
مدرسة
مطبخ سيدة
معاناة الأسر
معاناة السيدات
معاناة السير بالقرية
معاناة النساء
ممر داخل البيت
منزل غارق