في آلية جديدة لتسوية النزاعات المدنية والتجارية كبديلاً عن التقاضي وبعيداً عن ساحات المحاكم، تقدمت حكومة الدكتور مصطفي مدبولي، إلي مجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبد العال، بتشريع متكامل بإصدار قانون تنظيم إجراءات الوساطة الخاصة والقضائية لتسوية المنازعات المدنية والتجارية.
وعرف القانون الذي تنفرد "اليوم السابع" به "الوساطة الخاصة" بأنها التي تتم بالاتفاق بين الأطراف قبل اللجوء إلي التقاضي بواسطة أحد الوسطاء المقيدين بجداول الوسطاء بإدارة الوساطة، أما "الوساطة القضائية" فهي التي تتم بالاتفاق بين الأطراف بعد اللجوء إلي التقاضي بواسطة أحد الوسطاء المقيدين بجداول الوسطاء بإدارة الوساطة.
وحددت القانون، نطاق تطبيقه بإعتباره قانونا إجرائيا لتنظيم إجراءات الوساطة الخاصة والقضائية لتسوية المنازعات المدنية والتجارية عدا (المنازعات الخاضعة للقانون رقم 7 لسنه 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها، ومنازعات العمل الجماعية الخاضعة للقانون رقم 12 لسنه 2003 بإصدار قانون العمل، والمنازعات التي تختص بها المحاكم الاقتصادية، والمنازعات الخاضعة لأحكام قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنه 2004، والمنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 72 لسنه 2017، والمنازعات والدعاوي التي يختص بها مجلس الدولة ولائيا)، كما يسري علي إجراءات الوساطة في أي قانون أخر نص علي الوساطة كوسيلة لتسوية المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكامه، وعقود واتفاقات الوساطة ولو أبرمت قبل العمل بأحكامه.
وأجاز القانون اللجوء إلي الوساطة لتسوية المنازعات التي قد تنشأ عن علاقة قانونية (عقدية أو غير عقدية) بموجب اتفاق الأطراف كتابة علي ذلك، وسمح بإجراء الوساطة سواء كان سابقاً علي قيام النزاع أو بعده، حيث نص علي جواز أن يكون اتفاق الوساطة سابقاً علي قيام النزاع سواء قام مستقلاً بذاته أو ورد في عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الأطراف، كما أجاز أن يتم اتفاق الوساطة بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوي أمام القضاء وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي تشملها الوساطة، وإلا كان الاتفاق باطلا، ويعتبر اتفاقا علي الوساطة كل إحاله ترد في العقد إلي وثيقة تتضمن شرط الوساطة إذا كانت الاحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من العقد.
وحدد القانون الإجراءات الواجب مراعاتها في سير الوساطة، ومنها حضور أطراف النزاع أو وكيلهما بتوكيل خاص يجوز به تسويه النزاع، واتخاذ الوسيط الطريقة الملائمة لمحاولة التقريب بين وجهات نظر أطراف الوساطة واقتراح الحلول المناسبة والكفيله بحسم النزاع بصورة مُرضية، ويحظر علي أي مشارك في إجراءات الوساطة تقديم دليل أو الادلاء بشهادة في إجراءات تحكيمية أو قضائية عن أي من الإجراءات المتخذة لتسوية النزاع في الوساطة، مالم يتفق الأطراف علي غير ذلك.
وينشأ بموجب القانون، جدول وسطاء بإدارة الوساطة بقرار من وزير العدل، يٌقيد فيه وسطاء من كافة التخصصات النوعية، يجرى الاختيار فيما بينهم للقيام بالوساطة التي تم الاتفاق علي اللجوء إليها سواء رفعت دعوي قضائية بشأن النزاع أو لم تُرفع، وحدد شروط قيدهم في جداول الوسطاء، وقيدهم بعدد من الالتزامات في مقدمتها الحيدة والنزاهة والحفاظ علي سرية المعلومات المتعلقة بالوساطة مالم يكن إفشاؤها لازما بمقتضي القانون، كما حدد الحالات التي لا يجوز فيها مباشرة أعمالهم كوسطاء، في مقدمتها أن يكون قريباً أو صهراً لأحد الأطراف إلي الدرجة الرابعة أو كان له أو لزوجه خصومة قائمة مع أحد الأطراف أو مع زوجته.
وتناول القانون الأحكام المتعلقة بسداد الرسوم والمصاريف وأتعاب الوسيط، حيث يٌسدد طالب التسوية بالوساطة مبلغ قدره 500 جنية نقداً أو بأي وسيلة إليكترونية أخرى كرسم للطلب بإدارة الوساطة في المحكمة الابتدائية المختصة، وتؤل حصيلته إلي الايرادات العامة للمحكمة الابتدائية، وتتحدد المصاريف الإدارية للوساطة في المنازعات محددة القيمة بنسبة 0.5% من قيمة النزاع بحد أدني 1000 جنية، وأقصي 10.000 جنيه، أما بالنسبة للمنازعات غير محددة القيمة تكون المصاريف الإدارية 5 الاف، ويسدد طالب التسوية بالوساطة الرسوم بإدارة الوساطة وتودع الاتعاب بعد انتهاء إجراءات الوساطة وقبل اعتماد محضرها.
وأحال القانون في شأن تأديب الوسطاء إلي الاجراءات والجزاءات والأحكام المنصوص عليها بشأن تأديب خبراء الجدول الواردة في القانون رقم 96 لسنه 1952 بتنظيم الخبرة أمام جهات القضاء.
وأفرد القانون فصلاً خاصاً بـ"الوساطة الخاصة"، بتحديد بدايتها وكيفية اختيار الوسيط وأماكن انعقاد جلساتها، وإجرائتها، وإجازة استعانة الأطراف بخبير أو أن يندب الوسيط خبير وصولاً إلي انتهاء إجرائتها، حيث تبدأ في اليوم الذي يوافق فيه أطراف النزاع علي تسويته عن طريق الوساطة، أو إذا وجه أحدهم الدعوة إلي الأخر باليوم المحدد وقبل بها الأخير، وتنتهي في اليوم الذي يصل فيه الأطراف إلي اتفاق تسوية أو اليوم الذي يعلن فيه أي من أطرافها انهائها دون التوصل إلي اتفاق تسويه، مالم يتفق الأطراف علي خلاف ذلك.
وحسب القانون، تبدأ جلسة "الوساطة الخاصة" من اليوم وفي المكان الذي يحدده الوسيط، ويعلن به الأطراف وتنتهي الوساطة في مدة اقصاها 3 أشهر من تاريخ أول جلسة مالم يتفق علي مده أخرى، ويقدم أطراف الوساطة للوسيط كافة المستندات المتعلقة بطلب الوساطة ولا يجوز للوسيط إلزام أي من الأطراف بتقديم وثائق محدده أو توجيه اليمين لأحدهم أو إلي الشهود.
وإذا اتفق أطراف الوساطة الخاصة علي الأخذ بأحد الحلول المقترحة من الوسيط فأنه يقوم بتحرير محضر تسوية النزاع يثبت فيه الحل المقترح وما اتفق عليه أطراف النزاع وإلتزامات وحقوق كل طرف ويوقع عليه كل طرف أو وكيله الخاص والوسيط.
وحدد القانون حالات انتهاء الوساطة الخاصة، ومنها تحرير محضر التسوية الودية للمنازعة بين أطراف الوساطة، أبداء الرغبة في انهائها بطلب كتابي من أحد أطرافها، تعذر التسوية الودية، عدم التوافق علي اختيار الوسيط، انتهاء المدة المحدده للوساطة دون التوصل إلي تسوية، ويحرر الوسط محضراً بانتهاء الوساطة ويلتزم الوسيط بتقديمه إلي إدارة الوساطة لاعتماده.
ووفقا للقانون، لأطراف الوساطة الخاصة التقدم بمحضر تسوية النزاع المعتمد من إدارة الوساطة إلي قاضي الأمور الوقتيه للإذن بتذييله اتفاق التسوية بالصيغة التنفيذية، ولا يجوز تذيل اتفاق التسوية بالصغية التنفيذية إذا تعلقت بحقوق عقارية أو بمنازعة مستناه من تطبيق القانون، وتقضي المحكمة بعدم قبول الدعوي إذا رٌفعت من أحد أطراف اتفاق الوساطة بشأن مسألة تم الاتفاق كتابة علي تسويتها دون تقديم محضر معتمد من إدارة الوساطة بتعذر الوساطة أو الوصول إلي تسوية أو إذا اتخذت إجراءات الوساطة وتم تحرير محضر تسوية معتمد من إدارة الوساطة.
كذلك افرد القانون فصلاً لـ"الوساطة القضائية"، نظمت أحكام الوساطة القضائية التي يجوز اللجوء إليها بعد انعقاد الخصومة حتي أول جلسة عقب ذلك،عن طريق إبداء طلب اللجوء إلي الوساطة أمام المحكمة المختصة أو بتقديم طلب لإدارة الوساطة القضائية من أحد الأطراف المتفقين علي اللجوء إليها، وفي أي من الحالتين تؤجل المحكمة المختصة نظر الدعوي لمدة أسبوعين لحين استكمال اتخاذ إجراءات طلب الوساطة، وسداد الرسوم.
ويُباشر إجراءات الوساطة القضائية، ، أحد الوسطاء المقيدين بجداول الوسطاء، و تجرى تحت إشراف إدارة الوساطة التي تُنشأ في كل محكمة ابتدائية مكونه من قضاه من المحكمة ويديرها أحد قضاه محكمة الاستئناف ويتمثل اوجه الاشراف في اختصاص مدير إدارة الوساطة بتسمية الوسيط وتمكين قضاه المنتدبين بإدارة الوساطة من طلب تقرير من الوسيط عن أعمال الوساطة، للتوثق من قيامه بأعماله علي نحو مٌرضى ويحرر القاضي توصية ترفع إلي مدير إدارة الوساطة ليقرر إما استمرار الوسيط في عمله أو استبداله أخر أو أن يطلبوا من الوسيط تقريراً عن أعمال الوساطة، للتأكد من جديه الأطراف في سعيهم نحو تسويه النزاع، ويحرر القاضي توصية تُرفع إلي مدير إدارة الوساطة ليقرر أما استمرار اعمال الوساطة او انتهاؤها، وفي الحالة الأخيرة يٌحرر محضر بذلك، وحدد القانون مدة الوساطة القضائية بـ3 أشهر لا تزيد علي ذلك إلا إذا صدر قرار من مدير إدارة الوساطة بمدها بناء علي عرض الوسيط واتفاق الاطراف.
وحدد القانون، أحوال انتهاء الوساطة القضائيه، ومنها اعتراض الأطراف علي قرار مدير إدارة الوساطة بتسمية الوسيط، وفاة أحد أطراف النزاع أو فقده لأهليته مالم يطلب الورثة أو من حل محل فاقد الاهلية الاستمرار في الاجراءات، الطعن بالتزوير علي محرر جوهرى بما يتعذر معه ابداء الرأي لحين ندب خبير للتحقيق، كما نص القانون علي سريان أحكام الوساطة الخاصة علي الوساطة القضائية فيما لم يرد بشأنه حكم خاص بالوساطة القضائية.
وبين القانون الإجراءات الواجب اتباعها عقب انتهاء الوساطة، فيتعين تعجيل الدعوي من الوقف خلال 8 أيام من اعتماد محضر انتهاء إجراءات الوساطة، وتنظر المحكمة المختصة الدعوى وتفصل فيها إذا انتهت الوساطة دون تسوية، فإذا انتهت بتسوية جزئية تحكم المحكمة بانتهاء الدعوي فيما تم تسويته وتفصل في الشق الأخر، ولو خالف حدود اختصاصها القيمي، وتحكم المحكمة بانتهاء الدعوى إذا انتهت الوساطة بتسوية النزاع كليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة