تونس على موعد مع البرلمان الثالث منذ الثورة.. مفاجآت وبوادر أزمة.. المؤشرات الأولية تكشف تراجع اليسار وتسطر نهاية "نداء تونس".. تشتت الكتل البرلمانية الجديد يثير مخاوف التونسيين.. ومؤشرات لتشكيل حكومة ضعيفة

الثلاثاء، 08 أكتوبر 2019 09:30 م
تونس على موعد مع البرلمان الثالث منذ الثورة.. مفاجآت وبوادر أزمة.. المؤشرات الأولية تكشف تراجع اليسار وتسطر نهاية "نداء تونس".. تشتت الكتل البرلمانية الجديد يثير مخاوف التونسيين.. ومؤشرات لتشكيل حكومة ضعيفة التونسيون على موعد مع تغييرات فى الخريطة السياسية بعد انتخابات البرلمان
كتبت ـ إيمان حنا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"نتائج بطعم المفاجآت تحمل فى رحمها بوادر أزمة سياسية"..عبارة تصف نتائج الانتخابات التشريعية التى جرت الأحد الماضى فى 33 دائرة تونسية بالدخل والخارج لتشكيل ثالث برلمان بعد ثورة الياسمين عام 2011، فبينما تستعد "العليا لانتخابات تونس" لتقلى الطعون بدءا من غد الخميس ولمدة 3 أيام ، تخبرنا تلك النتائج الأولية عن تصدر حزبى "قلب تونس" و"حركة النهضة" فى حصد أصوات الناخبين فى الوقت الذى لم تحظ تحالفات "اليسار" التونسى بمقعد واحد فى البرلمان القادم ما مثل صفعة ومفاجأة من اعيار الثقيل لهم .

 

وفى الوقت نفسه حملت النتائج الأولية مؤشرات وبوادر لأزمة سياسية تلوح فى الأفق التونسى وتهدد بتشكيل حكومة ضعيفة فلم يحظ أى حزب فائز بأغلبية كبيرة تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده مما يؤكد أن الطريق لتشكيل حكومة "الخضراء" سيكون وعرا.

 

مخاوف التونسيين بحل البرلمان

بعد ثماني سنوات على ثورة الياسمين يشعر كثير من التونسيين بخيبة أمل من فشل حكومات ائتلافية متعاقبة في معالجة المشاكل الاقتصادية، كما ينذر رفضهم للأحزاب الكبرى بفترة اضطرابات جديدة.

فى الوقت نفسه ـ طالعتنا الصحف التونسية ـ بأن الرأى العام فى تونس يشير إلى مخاوف أصبحت تراود فيه التونسيين بشأن إمكانية إخفاق البرلمان الجديد فى تشكيل حكومة جديدة فى غضون الآجال المحددة ما قد يعنى أنه مهدد بالحل وإعادة الانتخابات مرة أخرى، حيث إن النتائج تنبئ ببرلمان يغلب عليه طابع التشتت، فالإقبال الضعيف على التصويت فى الانتخاباتِ التشريعية ـ 41.3% فى دوائر الداخل و16% بدوائر الخارج وهذه النسبة أقل من تلك التي سجلت في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي بلغت 49 %ـ ما أفرز كتلا ضعيفة لمختلف القوائم المرشحة لن تتجاوز في أفضلِ الحالات لأربعين مقعدا داخل البرلمان، لذا يبدو أنه سيكون برلمانا مشتتا ومنقسِما، وفق التقارير الإعلامية التونسية، فى الوقت نفسه سيتعين على الحزب الفائز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان تشكيل الحكومة في مدة زمنية لا تتجاوز الشهرين، على أن يصادق عليها البرلمان بأغلبية 109 أصوات، في ظل ضعف عدد نوابه وصعوبة حشد حزام سياسي كبير، وسط تشتت الكتل البرلمانية التى يجمع بينها الصراع والعدوانية ورفض التعاون .

 

بوادر أزمة سياسية

بدأت تتشكل فى تونس بوادر أزمة سياسية تلوح فى الأفق بعد أن أظهرت المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات البرلمانية التى أُجريت، أمس، الأحد، عدم فوز أى حزب بأغلبية مريحة تتيح له تشكيل حكومة بمفرده وأن الطريق لتشكيل حكومة جديدة سيكون وعرا.

 

فقد أظهرت استطلاعات آراء الناخبين حصول حزب النهضة الإسلامي على أعلى الأصوات لكن بفارق طفيف بما يعني أنه سيحتاج إلى العديد من الأحزاب الأخرى حتى يتمكن من تشكيل حكومة ائتلافية.

 

وقالت القيادية بحركة النهضة يامينة الزغلامى لرويترز "نحن نعى جيدا أن مهمة تكوين حكومة ستكون صعبة ومُعقدة".

 

وقال عبد الكريم الهارونى القيادى بحركة النهضة، إنه يأمل فى تفادى إجراء انتخابات برلمانية جديدة وإن الحركة ستسعى لتشكيل ائتلاف من بين الأحزاب المعارضة للفساد.

 

وقبل الانتخابات استبعدت حركة النهضة وحزب القروى "قلب تونس" ،الذي حل في المرتبة الثانية بنحو 33 مقعدا في البرلمان، المشاركة في ائتلاف حاكم معا، وكرر متحدث باسم القروى نفس الموقف بعد الانتخابات أمس واصفا ذلك بأنه "خط أحمر".

 

 إشكاليات فوز "النهضة"

كان فوز "حركة النهضة" أيضا مفاجآة فى ظل رفض غالبية الشعب التونسى لوجوده ضمن التركيبة السياسية التى ترسم مستقبل بلادهم، وعلى الرغم من أن استطلاعات آراء الناخبين تظهر أن نصيبها المتوقع من الأصوات، في حدود 17.5 %، إلا أن هذا يمثل انخفاضا حادا عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة في عام 2014، عندما حازت الحركة 27.5 من أصوات الناخبين.

 

وفى الوقت نفسه قال عدة منافسين لحزب النهضة إنهم لن ينضموا لحكومة يقودها، ويواجه التونسيون احتمال إجراء مفاوضات مطولة وإمكانية إجراء انتخابات أخرى إذا لم يتسن الاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية.

 

وقال حزب التيار الديمقراطي، الذي سيحصل فيما يبدو على أكثر من 12 مقعدا في البرلمان، إنه لن يشارك أيضا في حكومة تشكلها حركة النهضة، وقال محمد عبو رئيس حزب التيار الديمقراطي "سنكون معارضة جدية ومسؤولة".

ومن جانبه قال منذر قفراش عضو الحملة الوطنية التونسية: إن هناك3 إشكايات تواجة "النهضة"  أول أزمة أنها لن تستطيع تكوين حكومة مايعني إعادة الإنتخابات و ثاني أزمة أنها خسرت مليون صوت و حصولها على 43 مقعدا فقط يعني هزيمة كارثية لها، لأنها كانت في الإنتخابات السابقة كلها تتحصل على أكثر من 80 مقعدا، وثالث أزمة هو أن الأحزاب الفائزة كلها أجمعت على رفض التعامل مع النهضة بما فيها الحزب الثاني في الترتيب قلب تونس و الحزب الثالث الحزب الدستوري الحر و عبروا رسميا عن رفضهم التشاور مع النهضة بسبب علاقتها بالإرهاب و الفساد".

 

إمكانية إعادة الانتخابات

رجحت آراء سياسيين تونسيين ومحليين ـ بحسب العربية ـ فى ظل عدم حصول أحد الأحزاب على أغلبية فهذا قد يعنى حل البرلمان وإعادة الانتخابات، فوفقا للدستور التونسي، إذا فشل البرلمان الجديد طوال شهرين في المصادقة على تشكيلة حكومية تتزعمها شخصية يرشحها الحزب الفائز بالمرتبة الأولى، فعندها يكلف رئيس الدولة شخصية ثانية من خارج هذا الحزب، وإن فشل في الفوز بثقة أغلبية النواب في ظرف شهرين يحل البرلمان، وتتم الدعوة إلى انتخابات برلمانية جديدة.

 

وإذا أكدت النتائج الرسمية تصدر حزب النهضة فسيكون أمامه شهران لتشكيل حكومة ائتلافية، وبعدها يمكن للرئيس أن يطلب من سياسي يختاره هو محاولة تشكيل حكومة، وإذا أخفق ذلك أيضا بعد شهرين فسيعود التونسيون لصناديق الاقتراع مجددا.

 

وتزامن ذلك مع انتظار إجراءِ الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية يزيد المشهد تعقيدا فلا يبدو أن الخلافات السياسية بين مكونات البرلمان الجديدة قد تنتهي لتكوينِ ائتلاف حاكم قوي.

 

النتائج النهائية للانتخابات

ومن جانبه قال قال فاروق بوعسكر نائب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس أنه من المقرر أن تعلن الهيئة صباح الأربعاء النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، لتبدأ بعدها مرحلة تلقى الطعون لمدة 3 أيام، موضحا أن القانون للهيئة 3 أيام كأقصى أجل للإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية بعد انتهاء الاقتراع، وفقا للعربية الحدث.

 

أضاف بوعسكر، أن التصريح بالنتائج النهائية يوم 13 نوفمبر المقبل، وفق الجدول الزمني الرسمي الذي أعلنته هيئة الانتخابات.

 

انهيار "نداء تونس"

مثل الانهيار الكبير الذى منى به حزب الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي "نداء تونس"، أكبر مفاجآت الانتخابات البرلمانية، حيث فقد كل المقاعد التي حصل عليها في انتخابات 2014.

 

وحسب نتائج أولية غير رسمية أعلنتها مؤسسة "سيغما كونساي" للاستطلاعات مساء الأحد، حصل حزب "نداء تونس"، الذي كان صاحب أكبر كتلة نيابية في انتخابات 2014، على نسبة 2% من أصوات الناخبين، ما يؤهله لنيل مقعد وحيد أو مقعدين بالبرلمان الجديد، بعد أن كان يحوز على 86 مقعداً في البرلمان السابق.

 

واعتبر المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن "النتيجة التي حصل عليها حزب "نداء تونس" والتي فاجأت كل المتابعين، كشفت أزمة جزء هام من الطبقة السياسية التي شاركت في حكم تونس خلال السنوات الأخيرة"، مضيفا أن "حزب "نداء تونس" كان أمام فرصة مهمة لإدارة الشأن التونسي وتحمل المسؤولية وتعزيز موقعه في الخارطة السياسية، لكنه فشل في استغلالها بسبب التجاذبات السياسية والانشقاقات والخلافات الحادة والحسابات الضيقة بين قياداته، والتي تسببت في انشقاق وتصدّع صفوفه وخسارة أنصاره وانقسامهم".

 

في انتخابات 2014، نجح حزب "نداء تونس" في التصدّي لهيمنة التيار الإسلامي، وحصل على المرتبة الأولى بنسبة 28% من الأصوات مما أعطاه أكثر من 80 مقعداً من أصل 217، يليه حزب "حركة النهضة" بنسبة 31% من الأصوات، أي ما يعادل 68 مقعدا.

 

وفي هذا السياق، أكد الجورشي ،وفقا لـ"العربية"، أن الخزان الانتخابي الذي صوت لحزب "نداء تونس" عام 2014 تآكل وانقسم على أكثر من حزب في انتخابات 2019"، مشيراً إلى أن حزب "قلب تونس" لنبيل القروي نجح في استقطاب واستمالة جزء هام من قيادات وأنصار حزب "نداء تونس"، واستفاد من أصواتهم في هذه الانتخابات، وكذلك الحزب "الحر الدستوري" لعبير موسي.

 

وأضاف الجورشى أن "حزب "نداء تونس" انتهى برحيل مؤسسه الباجي قايد السبسي وأصبح جزءا من الماضي، خاصة بلجوء أمينه العام حافظ قايد السبسي إلى فرنسا وعدم قدرته على إدارته وإعادة تأسيسه وترتيب صفوفه من جديد".

 

يذكر أن حزب "نداء تونس" تأسس عام 2012 للتصدي لهيمنة "حركة النهضة" على المشهد السياسي، ونجح في فترة وجيزة في كسب قاعدة جماهيرية عريضة مكنته من إزاحة الإسلاميين من السلطة بعد فوزه في انتخابات 2014 بأغلبية في البرلمان وفوز مؤسسه الباجي قايد السبسي برئاسة البلاد، ليصبح أكبر قوة سياسية فى تونس حتى الانتخابات الحالية.

 

مخاطر الإخفاق

ويترتب على الإخفاق السياسى المتعلق بالبرلمان التونسى مخاطر جديدة لاقتصاد هش لم يتعاف أبدا من صدمة ثورة 2011 التي أنهت عقودا من الاستبداد وفتحت الباب أمام الديمقراطية وفجرت ثورات "الربيع العربي".

 

وتحاول تونس، بتشجيع من صندوق النقد الدولي، كبح جماح الدّين العام الذي يتضخم بينما يسعى الزعماء السياسيون لكسب الناخبين من خلال تشغيلهم في الوظائف الحكومية.

 

ومع ذلك، تصل معدلات البطالة إلى 15 بالمئة على مستوى البلاد و30 بالمئة في بعض المدن، ولا يزال معدل التضخم مرتفعا عند 6.8 في المئة، وبدأت السياحة تسترد عافيتها هذا العام فقط بعد هجومين لمتشددين عام 2015 دفعا العديد من الدول لتحذير مواطنيها من زيارة تونس.

 

وساهمت المعاناة الاقتصادية في مناهضة الناخبين التونسيين لمؤسسات الدولة ومعاقبتهم للأحزاب الكبرى في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة