أنهت القافلة الدعوية الـ15 المشتركة بين علماء الأزهر ووزارة الأوقاف إلى محافظة القاهرة، إدارة أوقاف القاهرة الجديدة عملها تحت عنوان : ” حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) أنموذج تطبيقي لصحيح الإسلام” ، وذلك في إطار التعاون المشترك والمثمر بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف من أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة ، ونشر الفكر الوسطي المستنير ، وبيان يسر وسماحة الإسلام ، ونشر مكارم الأخلاق والقيم الإنسانية ، وترسيخ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعًا.
أكد د. نوح عبد الحليم العيسوي رئيس الإدارة المركزية لشئون المساجد والقرآن الكريم بالديوان العام أن المتدبر لسـيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) يجد أنه كان خير أسوة وقدوة في كل أحواله ، وأقواله ، وأفعاله ، ومن ذلك : وفاؤه (صلى الله عليه وسلم) : فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أوفى الناس ، فلم يتنكر يومًا لأحد ، ولم ينس يومًا فضل أحد ، وكافأ كل صاحب جميل على جميله.
وأضاف د. علي حسين علي عبد النبي بجامعة الأزهر، أن من مظاهر وفائه (صلى الله عليه وسلم) وفاؤه مع غير المسلمين ، ففي يوم بدر قال (صلى الله عليه وسلم): (لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بنُ عَديٍ حَيًّا، فَكَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ الأسْرَى لَأَطْلَقْتُهُمْ) ، وكان للمطعم جميل عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، حيث دخل (صلى الله عليه وسلم) مكة في جواره بعد عودته من رحلة الطائف , وأكثر من هذا وفاؤه (صلى الله عليه وسلم) مع أعدائه حتى في وقت الحرب.
وأوضح د. عمرو عبد الغفار الكمار أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان أنموذجًا فريدًا ، وأسوة طيبة في تعامله مع أزواجه ، فقد عاش النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أزواجه حياة طيبة، تجلت فيها كل مظاهر المودة، والرحمة ، والتواضع ولِين الجانب ، فلم يتعال (صلى الله عليه وسلم) على أزواجه، ولم يترفع عليهن ، بل أحسن معاملتهن جميعًا، منطلقًا في ذلك كله من قول الله (عز وجل) : (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
وقال الدكتور محمد أحمد حامد بالديوان العام أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان أسوة وقدوة طيبة في تعامله مع أبنائه وأحفاده ، فما أعظمه (صلى الله عليه وسلم) أبًا وجدًّا رحيمًا ، يحمل لأبنائه وأحفاده كل معاني الحب والعطف والرحمة ، تقول أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها) : (مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا وَدَلاًّ وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، قَالَتْ : وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) ، قَامَ إِلَيْهَا ، فَقَبَّلَهَا ، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِه).
وأوضح الدكتور حمادة جابر قناوي بمديرية أوقاف القاهرة، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) مثلا يحتذى في حسن معاملته لأصحابه ، فكان يشاركهم في أفراحهم، وأحزانهم ، ويتفقد غائبهم، ويعود مريضهم ، ويهتم بشئونهم ، ويراعي مشاعرهم في كل شئون حياتهم ، فعَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ (رضي الله عنه) ، قَالَ : قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ (رضي الله عنه) : أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)؟ قَالَ : نَعَمْ ، كَثِيرًا، كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، فَإِذَا طَلَعَتْ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ ، فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَيَضْحَكُونَ ، وَيَتَبَسَّمُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
وأشار الشيخ محسن السيد محمد بمديرية أوقاف القاهرة إلى أن المتأمل في أحكام الشريعة التي دعا إليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرى منهج الاعتدال والوسطية واضحًا في كل مجالاتها، تقول أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) : (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا ، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا ، فَإِذَا كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ عنه) ، وقال (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ، وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ)، ومن أجل المحافظة على تلك الوسطية ، وذلك الاعتدال حذر النبي (صلى الله عليه وسلم) من كل مظاهر الغلو، وخاصة الغلو في التدين، فأنكر على من بالغ من أصحابه (رضوان الله عليهم) في التعبد مبالغةً تخرجه عن حدّ الاعتدال ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ) .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة