مابين الحرب والسلام خطوات فُرضت على اليمن "سياسيا"، حتى تستعيد يمنا سعيدا مرة أخرى، بعيدا عن تدخلات خارجية تقف فى مقدمة منفذيها إيران بمحاولة زعزعة الاستقرار فى جنوب اليمن، ورفضها لما يفرضه الواقع من ضرورة إحلال السلام الشامل والدائم فى كل بقعة من بقاع البلاد.
تفاءل الجميع ورُسمت فوق الشفاة ابتسامة عريضة بأن اليمن قارب تجاوز محنته التى تحمل الوجهين السياسى والأمنى، بعد أن أبرمت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالى فى الرياض، العاصمة السعودية، الثلاثاء الماضى، مبادرة تحت رعاية سعودية حملت اسم"اتفاق الرياض".
قوات التحالف العربى فى اليمن
المشهد السياسى أصبح يحمل الكثير من اللوغاريتمات التى يصعب التكهن بنتائجها فى المستقبل القريب داخل اليمن الذى يعانى منذ فترة ليست قصيرة من تدخلات خارجيه "إيرانية" عن طريق ذراع "الحوثيين" فى الجنوب، حتى ظهر جليا فى صورة حمل السلاح ومقاومة الشرعية التى يستمدها اليمن من رأى اغلبية أبنائه.
فى الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، حضر الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى وعددا من القيادات اليمنية، إضافة الى حضور لولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبو ظبى، ليتم الإعلان عن اتفاق بين الحكومة اليمنية والانفصاليين الجنوبيين.
ضمن الاتفاق المعلن عنه، تشكيل حكومة يحظى فيها الجنوبيون بتمثيل متساو وإلى وضع جميع القوات المسلحة تحت سيطرة الدولة، على أن يكون تشكيل الحكومة "كفاءات" من 24 وزيرا مناصفة بين المحافظات الشمالية والجنوبية .
توقيع اتفاق الرياض
نال الاتفاق المعلن عنه بين الحكومة اليمنية والانفصاليين الجنوبيين، إشادة واسعة من المجتمع الدولى واعتبره قادة سياسيين وزعماء أنه بمثابة بداية الطريق الحقيقى وثمرة لمجهودات مستمرة منذ سنوات لإنهاء الصراع فى اليمن، ووصفه بانه تجسيدا لرغبة اهل البلاد فى إحلال السلام، ومن بين ردود الفعل هذه على سبيل المثال ما خرج عن مجلس الأمن، بأن هذا الاتفاق خطوة هامة وإيجابية للتوصل إلى حل سياسى وشامل فى اليمن.
ولرؤية المشهد من زاوية مختلفة "سياسيا"، يظهر فى الصورة انتصار لرغبة عربية فى استعادة اليمن بالطرق الواقعية والحلول التى تلمس رغبة أهلة ووضع المحاولات الإيرانية فى حجمها الطبيعى ومحاصرتها للقضاء عليها فى ملعب سياسى غير ما يتحقق من انتصالات على تلك المحاولات الخبيثة عسكريا عن طريق التحالف العربى ومحاربته للأرهاب بتنظيماته المتلونة سواء القاعدة او "داعش".
جاء اتفاق الرياض، بمثابة "عودة الروح" للوطنيين من اهل اليمن وسريعا خرجت التوجيهات بضرورة متابعة تنفيذ بنود الاتفاق والعمل على متابعة الأمر، حيث وجه الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى، كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة العمل بشكل فورى على تنفيذ اتفاق الرياض وأحكامه كل فيما يخصه.
فيما قال رئيس وزراء اليمن الدكتور معين عبدالملك، في كلمته بورشة مستقبل التنمية والإعمار في اليمن المقامة حاليا بالرياض، إن الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخرا بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي جاء يحمل بشائر ترسيخ الاستقرار والأمن وإعادة بناء واستعادة مؤسسات الدولة باليمن.
ما يسفر عنه النزاع فى اليمن
الأذرع الإيرانية فى الجنوب تحمل السلاح
بعدما حقق اتفاق الرياض انتصارا سياسيا لصالح اليمن وعروبته، لم يجد المخرب "إيران" سوى التعبيرعن ما أصابة من صدمة سياسية، إلا بحل واحد، وهو استخدام ما يملكه "السلاح" للتعبير بصورة جلية عن ما تحمله النفوس من ضغائن وحيل لعدم عودة الاستقرار واللعب على فرض السياسة الشيطانية "فرق تسد" ومحالاته الدنيئة لتقسيم البلاد، لتنطلق من فوهة سلاحة الطلقات لتكشف عن وجهه القبيح أمام جموع اليمنيين وكأنه يؤكد على الانتصار العربى الذى جاء باتفاق الرياض.
الترحيب الشديد من جانب المؤسسات اليمنية باتفاق الرياض، لم يٌقابل غير تصعيد غير مبرر وكأن هناك من يلفظ أنفاسه الأخيرة فى معركة يخوضها فاقدا الشرعية وشرف المقاتل بعد أن أصبح "مرتزقا" لا يهتم إلا باستمرار القتال والحرب، لذا يحاول صريحا مهاجمة قوات التحالف العربى ،الأربعاء، من خلال إستهداف مقر لقيادة التحالف فى محافظة تعز بطائرتين مسيرتين تم إسقاطهما من قبل دفاعات التحالف.
كما أحبطت قوات الجيش اليمني،الجمعة، محاولة تسلل والتفاف نحو تباب (الصبة والمروى والروكية) بمنطقة الملاحيظ بمحافظة صعدة أسفرت عن قتل وإصابة عدد من عناصر الميليشيا واستعادة كمية من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
وفى صورة للمشهد عابثة ويؤكد على حالة العجز السياسى فى الرد على اتفاق الرياض، بعد الهروب الجبان من تنفيذه، قامت مليشيا الحوثى " الانقلابية "، المدعومة من إيران، الأربعاء، بـ"حملة خطف" طالت أكثر من ثمانين شخصا ، من مديرية "دمت" بمحافظة "الضالع" ، جنوبى اليمن ونقلهم إلى جهة غير معلومة وتوجيه تهمة التخابر مع قوات حكومية.
اليمن يبحث عن الاستقرار بعد اتفاق الرياض
حتى وإن كانت مطامع الحوثيين "إيران" أو الإرهاب بصورة عامة تقف أمام "اتفاق الرياض" فى بعض المدن والمحافظات، إلا أن الإرادة القوية لا تزال تضرب بيد من حديد "أمنيا" بقوات التحالف العربى وتحمل الشرعية والتى تم تأكيدها فى الرياض يوم الثلاثاء، الماضى، بشهادة دولية وأممية، حيث علق رئيس مجلس الوزراء اليمنى الدكتور معين عبدالملك، على المشهد الحالى ما بعد إعلان الاتفاق، أن استمرار مليشيا الحوثى الانقلابية فى تصعيدها العسكرى والخرق المتكرر للهدنة الأممية فى محافظة الحديدة، رغم نشر نقاط المراقبة الأممية، مؤشر على عدم جديتها فى الرضوخ للسلام وتحدى الإرادة المحلية والدولية فى وضع حد للمعاناة التى تسببت بها منذ انقلابها على السلطة الشرعية أواخر عام 2014.
وأوضح رئيس الوزراء، أن الحكومة حريصة كل الحرص على إحلال السلام، لكنها فى ذات الوقت لن تتوانى وبدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة الأشقاء فى السعودية على حماية المواطنين من بطش وانتهاكات المليشيات تنفيذا لاجندة داعميها فى طهران.