تجتاح المظاهرات والحركات الاحتجاجية عددا من دول أمريكا اللاتينية، على خلفية تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتى تنوعت بين فرض ضرائب وبطالة وتفشى الفساد، والاحباطات العميقة التى يشعر بها المواطنون والتطلعات الكثيرة التى لم تتحقق منذ عقود والفشل فى السياسات الاقتصادية، لإنهاض المجتمعات من الفقر وتوزيع الثروات، بالإضافة للسخط المتزايد على الطبقة السياسية وفسادها، حيث تسود حالة من عدم الاستقرار فى هذه البلاد، أدت لسقوط العديد من الضحايا خلال الاحتجاجات، كان أبرز هذه الدول تشيلى وفنزويلا وهايتى وبوليفيا والتى قدم الرئيس استقالته، وغيرهم من الدول.
مظاهرات بوليفيا والرئيس
ففى بوليفيا أعلن الرئيس البوليفى، إيفو موراليس، استقالته بعد موجة احتجاجات قوية على إعادة انتخابه لولاية رابعة استمرت لـ 3 أسابيع، وسط مواجهات عنيفة بين القوات الأمنية والمتظاهرين الذين كانوا يحتجون على انعدام نزاهة الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وصدر تقرير منظمة الدول الأمريكية عن وجود مخالفات فى انتخابات 20 أكتوبر الرئاسية، فى الوقت الذى حذر الرئيس البوليفى الذى حكم البلاد منذ عام 2006 مما سماه انقلابا يحضر له، فى سياق رفض المعارضة وبعض العواصم الدولية نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس البوليفي من الدورة الأولى.
وخلفت الاحتجاجات والاشتباكات بين مؤيدين ومعارضين 3 قتلى وأكثر من 100 جريح، وأعلن مكتب المدعى العام، الأحد، إنه سيحقق مع قضاة المحكمة العليا للانتخابات بتهمة الاحتيال المزعوم، وذلك عقب صدور تقرير منظمة الدول الأمريكية
الرئيس المستقيل يغادر البلاد
وعقب استقالة الرئيس البوليفى، دعت المكسيك موراليس لطلب اللجوء، وأعلن وزير الخارجية المكسيكى، مارسيلو ابرارد، أن الرئيس البوليفى المستقيل قبل عرض اللجوء الذى تقدمت به المكسيك، ونشر مارسيلو ابرارد، عبر حسابه على تويتر، صورة لموراليس وهو على متن الطائرة المتجهة للمكسيك رافعا العلم المكسيكى، علق عليها: "أقلعت الطائرة التابعة للقوات الجوية المكسيكية بالفعل على متنها إيفو موراليس، وفقا للاتفاقيات الدولية الحالية، هو تحت حماية المكسيك، حياته وسلامته آمنة".
وعبر الرئيس البوليفى عن آلمه لمغادرة البلاد، ولكنه قال إنه، سيعود قريبا مع المزيد من القوة والطاقة".
مظاهرات تشيلى
تذكرة مترو تشعل أعنف مظاهرات فى تاريخ تشيلى
أما فى تشيلى.. تذكرة المترو أشعلت أعنف مظاهرات فى تاريخ البلاد، فزيادة رسوم مترو سانتياجو، كانت هى النقطة الفاصلة بين صمت الشعب والانفجار، الذى تحول لاضطرابات واحتجاجات ملأت الشوارع، وأسفرت عن قتلى وجرحى، ما دفع الرئيس التشيلى، سيباستيان بينيراى بالتراجع عن قراره والإعلان عن تعديل حكومى واسع، وزيادة المعاش الأساسى 20% وتجميد الرسوم على الكهرباء، واقتراح قانون يتيح للحكومة تحمل تكاليف العلاج الطبيعى، وأيضا عقد استفتاء شعبى على دستور جديد، عبر مشاركة واسعة للقطاعات الاجتماعية المختلفة.
مظاهرات الإكوادور
إلغاء دعم الوقود يشعل الاحتجاجات فى الإكوادور
وفى الإكوادور.. الرئيس لينين مورينو يلغى دعم الوقود، ويتهم سلفه رفايل كوريا والرئيس الفنزويلى بالوقوف وراء الاحتجاجات، حيث شهدت الاكوادور مظاهرات عنيفة، احتجاجا على إجراءات التقشف فى البلاد، وإلغاء دعم الوقود، وفرض الرئيس حظر التجول حول المبانى الحكومية، وأغلق آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة شوارع العاصمة الاكوادورية كويتا، و أشعلوا النار فى إطارات السيارات.
وأعلنت هيئة النقل العام وقف العمل على عدد من خطوط الحافلات، وخرج العشرات من السكان الأصليين فى مسيرة بوسط كويتو، فيما أغلقت بعض المحال التجارية أبوابها، حسبما ذكرت صحيفة "إل كوميرسيو" اليومية.
وتصدر السكان الأصليون المظاهرات، حيث تواترت تقارير عن ارتفاع أسعار النقل والغذاء.
مظاهرات بالأرجنتين احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية
أما فى الأرجنتين، فقد فاز اليسار الذى يمثله البيرونى ألبرتو فيرنانديز على خضمه الرئيس الليبرالى المنتهية ولايته ماوريسيو ماكرى الذى يبلغ من العمر 60 عاما أيضا، وينهى ولايته بأسوأ أزمة اقتصادية تعيشها الأرجنتين منذ 2001، وهى تشهد انكماشًا منذ أكثر من عام وتضخمًا كبيرا بلغ 37.7% فى سبتمبر ودينًا هائلا ومعدل فقر متزايدًا، حيث تظاهر الآلاف فى العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، احتجاجا على تردى الأوضاع المعيشية فى البلاد، وطالب المتظاهرين الحكومة بضرورة سن قانون للطوارئ الاجتماعية لمحاربة الفقر والجوع والبطالة فى البلاد.
وكان الرئيس الأرجنتينى السابق قد أعلن أواخر العام الماضى فرض رسوم جديدة على الصادرات فى ثالث أكبر بلد منتج لفول الصويا فى العالم، فضلا عن خفض حاد بالإنفاق الحكومى فى محاولة "طارئة" لضبط ميزانية عام 2019.
هايتى.. المطالبة بتنحى الرئيس جوفينال مواسيه بتهمة الفساد واختلاس المال العام
وشهدت "بورت-أو-برنس" عاصمة هايتى، والدولة الأكثر فقرا فى الأمريكيتين، أعمال عنف وعمليات نهب وسلب خلال احتجاجات طالبت بتنحى رئيس البلاد جوفينال مواسيه والحكومة، ورشق المحتجون قوات الأمن بالحجارة، مما دفعها لإطلاق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، وراح ضحايا هذه الاحتجاجات عشرات القتلى والمصابين، واتهم المتظاهرون الرئيس بالفشل فى مقاومة الفساد وعدم القدرة على النهوض بالاقتصاد الذى يعانى من التضخم.
مظاهرات فى البرازيل
وفى البرازيل، خرجت الحركات الشعبية فى 7 أكتوبر الماضى إلى شوارع البلاد للمطالبة بالحق فى السكن حيث يصل عدد المشردين فى هذا البلد إلى 16 مليون برازيلى، ويعانى ما يقرب من 13 مليون برازيلى من البطالة.
وفى بيرو، أعلن رئيس الجمهورية مارتين فيزكارا، (يمين وسط) حل البرلمان بعد أزمة سياسية مديدة أسفرت عن انتحار رئيس سابق وسجن ثلاثة آخرين بسبب الفساد، كذاك خرجت فى هندوراس مظاهرات حاشدة تطالب الرئيس بالتنحى بعد إحالة شقيقه إلى المحاكمة بتهمة الاتجار بالمخدرات فى الولايات المتحدة، وأيضا فى فنزويلا اشتدت الأزمة مع فوز نيكولاس مادورو بالانتخابات الرئاسية، وإعلان أمريكا والدول الغربية زعيم المعارضة جوايدو رئيسا مؤقتا، واتهام مادورو لواشنطن بتدبير انقلاب ضده، وتأزم الوضع الاقتصادى فى البلاد فى ظل الاحتجاجات والمظاهرات، وتشديد الولايات المتحدة فى هذا الوقت عقوباتها الاقتصادية على الحكومة.