تمر اليوم الذكرى الـ84، على اندلاع انتفاضة شعبية فى مصر ضد الاحتلال البريطانى والحكومة التى يرأسها محمد توفيق نسيم باشا، وذلك بعد خمسة سنوات من قيام حكومة إسماعيل صدقى بإلغاء "دستور 1923"، الذى كان يضمن قدرا كبيرا من السلطة للشعب وأصدرت بدلًا منه "دستور 1930"، الذى منح الملك سلطات فى تعيين وعزل الحكومات.
وبحسب كتاب "انتفاضة 1935: بين وثيقة القاهرة وغضبة الأقاليم" للدكتور حمادة إسماعيل، فإن سبب اندلاع الانتفاضة يعود بسبب التراكم داخل نفوس المصريين منذ عام 1924 وعلى رأسها الانقلابات الدستورية لعبت دورا مهما فى الوصول بالبلاد إلى تلك الانتفاضة وكان مسلك وزارة محمد توفيق نسيم والقصر والإنجليز المتمم لوضع البلاد على طريقها فرغم أقدام الوزارة على خطوة إبطال للعمل بدستور 1930 إلا إنها لم تعد العمل بدستور 1923، وذلك بمشاركة الملك، ولم يقف أمر توفيق نسيم عند حد المماطلة هو والملك في إعادة الدستور، بل إنه استشار المندوب السامي البريطاني حول مسألة الدستور فابلغه إن حكومة بريطانيا ترى تأجيل المسألة وعندما تسنح الفرصة يبحث في وضع دستور جديد وفي الوقت الذي صارت فيه الامور الداخلية على الصورة السالفة شهدت الساحة الدولية الإعلامية عاملا جديداً كان له تأثير مباشر على الوضع في مصر.
وفي 9 نوفمبر حدثت الشرارة الأخيرة التي الهبت المشاعر عندما صرح السير صمويل هور وزير الخارجية البريطانية: "اننا لما استشرنا في أن يعود النظام الدستوري لمصر كانت نصيحتنا ضد اعادة دستورى 1923 و1930 لأنه ظهر أن الأول غير صالح للعمل به".
وفى صباح يوم 13 نوفمبر، اشتعل بركان الغضب، وكان اليوم يوافق ذكرى عيد الجهاد الوطنى فخرج الطلاب في صباح ذلك اليوم منضما إليهم طلاب المدارس فى مظاهرة، هاتفين ضد تصريح هور وانجلترا ومنادين بسقوط الحكومة، وحدث صدام بين البوليس والطلاب عندما حاولوا اجتياز كوبري الجامعة إلى القاهرة وحدثت اشتباكات سقط من جرائها بعض الجرحى.
وكان من الطبيعي أن تشتد المظاهرات فى اليوم التالى فخرج طلبة الجامعة في مظاهرة كبيرة وبسبب تزعم الجامعة للمظاهرات أصدر رئيسها أحمد لطفى السيد قراره بإغلاقها اعتباراً من 15 نوفمبر حتى 23 نوفمبر ورغم كل إجراءات العسف والعنف فى التعامل مع المتظاهرين لم تتوقف المظاهرات وفي محاولة للإرهاب والتخويف اصدرت حكومة نسيم بلاغا رسميا جاء فيه إن البوليس سيعمل بكل ما لديه من الوسائل على صيانة الأمن فإذا قاوم المتظاهرون البوليس بالقوة فلن يكون له مناص عن دفع القوة بمثلها في حدود القانون.
ورغم ذلك فقد استمرت المظاهرات في القاهرة والاقاليم منددة بالحكومة ومطالبة بالعفو عن الطلاب المعتقلين وكذا المطالبة بسرعة الرد البريطاني على كتاب الجبهة الوطنية وفي 30 ديسمبر استؤنفت ـ اثناء انعقاد مؤتمر الجراحة الدولي بالقاهرة ـ تظاهرة الطلاب وانقسموا على بعضهم بسبب هتاف البعض بهتافات غير متفق عليها ومع استمرار الضغط الشعبي أجبرت وزارة توفيق نسيم على الاستقالة في 20 يناير 1936.
ولم تهدأ هذه المظاهرات إلا عندما صدر المرسوم الملكي بتأليف الوزارة الجديدة وزارة علي ماهر الاولى في 30 يناير 1936 وهكذا توج كفاح الشعب فأعيد دستور 1923 وأطيح بوزارة توفيق نسيم ودخلت مصر في طور جديد من حياتها السياسية.