- المحطة النووية دورة حياتها 3 أضعاف محطات الديزل وتحافظ على البيئة
- أعلى إجراءات سلامة للتعامل مع النفايات النووية
- لهذه الأسباب تم اختيار روساتوم وهكذا تعمل المفاعلات فى تحلية مياه البحار
هل تعلم أن الحلم النووى المصرى تأخر 65 عاما منذ أن شرع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فى بناء أول مفاعل نووى بحثى عام 1954 بدعم من الجانب السوفيتى، وقد اكتمل البناء فى عام 1958وتم افتتاحه فى أنشاص، لتكون مصر من أوائل الدول فى المنطقة التى تبدأ تجربتها النووية السلمية.
التجربة النووية السلمية لمصر بدأت مع الاتحاد السوفيتى الذى أنشأ أول محطة نووية متكاملة فى العالم لتوليد الكهرباء «محطة اوبنينسيك» عام 1954، التى تحولت الآن إلى متحف مفتوح يشرح التجربة النووية الروسية كيف بدأت وتطورت عبر عشرات السنين، ويتم تنظيم رحلات للطلبة والباحثين لهذه المحطة للتعرف عليها ومشاهدة تفاصيلها كأول محطة نووية فى العالم.
مشروع المفاعل النووى المصرى تأخر للعديد من الأسباب، أولها تورط مصر فى سلسلة من الحروب، كان أخطرها وأشدها 5 يونيو 1967، وما تلاها فى أكتوبر 1973 وما تبعها من إجراءات سياسية انتقلت مصر خلالها من الكتلة الشرقية إلى الكتلة الغربية، بعدما ضمنت أمريكا اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، الأمر الذى أدى إلى تأخر المشروع وتخلف مصر عن القطار النووى لسنوات طويلة، أعقبها غياب الإرادة السياسية فى عصر مبارك.
وفى عام 2006 تجددت الأحلام المصرية لإنشاء برنامج نووى سلمى لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية، إلا أنه بقيام ثورة 25 يناير 2011، تبدد الحلم مرة أخرى، وبعد العديد من المحاولات الجادة استطاعت مصر أخيرًا أن تتخذ خطوات جادة نحو إنشاء محطة نووية عملاقة فى مدينة الضبعة، تضم أربعة مفاعلات حديثة من الجيل الثالث المطور طراز vver- 1200 .
وفى السطور التالية نحاول الإجابة على العديد من التساؤلات الخاصة بالمحطة النووية المصرية، هل نحتاج لها فعليًا أم أن التكاليف عالية ومصادر الطاقة التقليدية أرخص؟! هل تحمل مخاطر على السكان والبيئة المحيطة أم أن ما يثار فى هذا الاتجاه مجرد أساطير وروايات يصدرها البعض لإحباط المشروع؟! هل ستخلق فرص عمل ومجتمعا جديدا حولها، أم أن ما يتم طرحه من باب الترويج والتسويق للمشروع ليس أكثر؟! هل يمكن استخدام هذه المحطات فى تحلية مياه البحر وتوفير مياه شرب نظيفة للمواطنين أم أن هذه التكنولوجيا لم يتم اعتمادها حتى الآن؟!، كيف سيتم التخلص من النفايات النووية الناتجة من الضبعة؟ وأين سيتم تخزينها؟!
دعنا نبدأ من السؤال الأخير ثم ننتقل منه تباعًا إلى باقى النقاط، فمن واقع زيارتى لمحطة لينينجراد النووية التى تقع فى مدينة سوسنوفى بور على الخليج الفنلدنى، بمقاطعة سانت بطرسبورج، كان هذا أحد أسئلتى للخبراء الموجودين فى المحطة هناك، وبالمناسبة المحطة المذكورة ستكون مفاعلات الضبعة نسخة منها، وقد أجابنى أن الجانب الروسى سيقوم ببناء منشأة تخزين خاصة وتزويدها بحاويات لتخزين الوقود النووى المستهلك، وبعد تفريغ المفاعلات من الوقود النووى المستهلك، يتم تخزينه لعدة سنوات فى خزانات مفاعلات الوقود المستنفد، وبعد ذلك، يتم إعادة شحن الوقود فى حاويات خاصة محكمة تتمتع بخصائص عالية للحماية من الإشعاع النووى، وخصائص عالية لتبديد الحرارة من الوقود المستهلك، والقدرة على الصمود فى وجه المؤثرات الخارجية، بما يضمن حالة آمنة للوقود النووى المستنفد بالداخل، ونتيجةً لذلك، تتوفر سلامة عالية للبيئة وموظفى الصيانة فى محطة الطاقة النووية، وكذلك مرفق التخزين.
هل نحتاج لمحطة الضبعة فعليًا أم أن التكاليف عالية ومصادر الطاقة التقليدية أرخص؟!
نعم نحتاجها بقوة، أولًا لتدخل مصر النادى النووى الدولى وتكون من أوائل دول المنطقة التى لديها تجربة نووية سليمة متطورة لإنتاج الكهرباء، ثانيًا لقدرة المحطات النووية على البقاء لمدد تصل إلى 60 عامًا مقارنة بمحطات الديزل التقليدية التى يكون عمرها الافتراضى ثلث هذه المدة تقريبًا، بالإضافة إلى استهلاكها كميات هائلة من المواد البترولية، تجعل استخدامها عالى التكلفة بالمقارنة بالمحطات التى تعمل بالوقود النووى، بما يؤكد أن تكاليف المحطة النووية حتى لوكانت عالية نسبيًا فى الوقت الراهن إلا أنها أكثر استدامة، وأكثر حفاظًا على البيئة من التلوث على عكس محطات الديزل، إلى جانب تقلص هذه التكلفة كلما تم التوسع وإنشاء محطات جديدة.
هل تحمل المحطات النووية مخاطر على السكان والبيئة المحيطة أم أن ما يثار فى هذا الاتجاه مجرد أساطير وروايات يصدرها البعض لإحباط المشروع؟!
المشروعات النووية التى تعمل بتقنيات vver – 1200 التى تم التعاقد عليها فى مصر، هى الأحدث فى العالم وتتجاوز الأخطاء البشرية، حيث تعتمد على أنظمة تحكم مركزية فى المفاعل تضمن مستويات أمان فائقة، وما يتم ترويجه على الكوارث النووية العالمية محاولة لتشويه التقنيات النووية الروسية، على الرغم من أنها الأكثر تفوقًا وتقدمًا فى هذا المجال، فتحاول أمريكا بين الحين والآخر الترويج لما حدث فى مفاعل تشرنوبيل فى عام 1986، فى حين أن أمريكا نفسها شهدت كارثة نووية لا تقل خطورة عن تشرنوبيل فى حادث جزيرة الثلاثة أميال، بمقاطعة دوفين بولاية بنسلفانيا الأمريكية، بعدما حدث انصهار نووى جزئى فى الوحدة الثانية لمفاعل يعمل بالماء المضغوط عام 1979، وقد كان الحادث هو الأخطر فى تلك الفترة إلا أن الحرب الإعلامية الأمريكية لا تسلط الضوء على هذه الحادثة ولا تعرف سوى تشرنوبيل فقط.
من كل ما سبق فالمفاعلات النووية التى ستقام فى الضبعة حديثة ومتطورة، ولا تؤثر على الإنسان أو البيئة أو الكائنات الحية، ويتم عمل محطات رصد إشعاعى فى محيطها وعلى مسافات كبيرة لرصد وقياس الإشعاعات بصورة مستمرة من أجل ضمان السيطرة على أى زيادة فى المستويات المسموح بها من الإشعاع النووى.
هل ستخلق المحطات النووية فرص عمل ومجتمعا جديدا حولها أم أن ما يتم طرحه من باب الترويج والتسويق للمشروع ليس أكثر؟!
نيكولاى كاشن، رئيس قسم المعلومات فى محطة لينينجراد النووية، أجابنى على هذا التساؤل بطريقة مختلفة، عندما كنت فى زيارة إلى المحطة المذكورة، فقد أكد أن بناء محطة الضبعة النووية وأول وحدة طاقة بها «مفاعل» سيتطلب خدمة نحو 60 ألف عامل ما بين فنى ومهندس فى مختلف التخصصات بداية من النقل وتصنيع الخرسانات حتى تأسيس وبناء غرفة التحكم المركزية، وهذا يعنى أن الشركات المصرية العاملة فى مجال الخرسانات والإنشاءات والخدمات وكل ما يتعلق بتأسيس المحطات النووية ستعمل فى بناء المحطة النووية الجديدة، التى ستخلق آلاف فرص العمل للشباب.
الخلاصة فى هذه النقطة أن الشركات المصرية ستشارك فى مشروع الضبعة النووى وفقًا لخبراتها، ويتم تحديد ذلك وفقًا لشروط العطاءات المحددة، والمجال مفتوح لجميع المشاركين ذوى الخبرة.
هل يمكن استخدام المحطات النووية فى تحلية مياه البحار وتوفير مياه شرب نظيفة للمواطنين أم أن هذه التكنولوجيا لم يتم اعتمادها حتى الآن؟!
نعم يتم استخدام المفاعلات النووية الحديثة «الجيل الثالث المطور» فى تحلية مياه البحار، وهذه التقنيات تتناسب بصورة كبيرة مع الدول التى تعانى أزمات فى المياه أو ندرة فى مواردها المائية، مع العلم بأن هذه المفاعلات توفر كميات هائلة من الطاقة، بالمقارنة بالمحطات التقليدية التى تلوث البيئة وتستهلك الكهرباء، ولو نجحت مصر فى الاتفاق مع الجانب الروسى على استخدام تقنيات تحلية المياه فى محطة الضبعة النووية ستكون إضافة كبيرة للعقد الموقع بين مصر وموسكو، وحلًا مثاليًا لمشكلات إمداد الساحل الشمالى الغربى بالمياه النظيفة الآمنة خلال الفترة المقبلة.
هل شركة روساتوم العالمية هى الأنسب لبناء المحطة النووية فى الضبعة؟!
الإجابة على هذا السؤال تحتاج فقط التدقيق فى حجم أعمال والشركات التابعة لمؤسسة روساتوم الحكومية الروسية التى تتولى إنشاء محطة الضبعة النووية، من خلال الدخول إلى موقعها الإلكترونى، فتعتبر أكبر تحالف عالمى لإنتاج الطاقة النووية، حيث تمتلك مصانع وشركات فى جميع سلسلة إنتاج وصناعة المواد النووية، من تخصيب اليورانيوم إلى محطات للطاقة النووية إلى تشغيل ومعالجة النفايات النووية، وتعد أكبر منتج للكهرباء فى روسيا، حيث توفر أكثر من 18% من احتياجات الطاقة هناك، وتضم أكثر من 300 شركة وتحالف، ويعمل بها أكثر من 250 ألف موظف، وتمتلك ثانى أكبر احتياطى لليورانيوم، ولديها أكثر من ثلث سوق التخصيب فى العالم، ولديها أوامر تصدير بقيمة 133 مليار دولار أمريكى لمدة عشر سنوات، وقد تمكنت من بناء 36 مفاعلا نوويا فى 12 دولة فى مراحل مختلفة من التنفيذ، وتحتل المرتبة الأولى فى العالم فى تخصيب اليورانيوم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة