استكمالا لـ فعاليات الملتقى الدولى الرابع لتفاعل الثقافات الأفريقية، فى عالم متغير الجلسة الافتتاحية لثانى يوم، بدأت صباح اليوم الجلسة الرابعة بعنوان التفاعل الثقافي العربى الافريقى، وعن التعاون الثقافي بين مصر وغانا 1957 – 1966دراسة للتحرك الثقافى المصرى فى غرب إفريقيا.
وتحدث دكتور أسامة عبد التواب محمد عبد العظيم، وقال: بدأت مصر فى أعقاب ثورة يوليو 1952 فى التحرك الشامل نحو القارة الأفريقية، وإن بدأت بالمحور الجنوبي لتأمين مياه النيل وأيضًا المحور الشمالى لظروف فرضها الواقع العربى للتحرر من الاستعمار الفرنسى فى الجزائر وتونس ومراكش، إلا أن المتغيرات الدولية فرضت على المصريين التوجه نحو غرب أفريقيا؛ خاصة بعد تحرر بعض الدول فى هذا الإقليم من ربقة الاستعمار الأوروبى.
وأوضح أسامة عبد التوات: استثمرت القيادة المصرية استقلال غانا في مارس 1957 وبدأت في تدشين علاقات استراتيجية مع النظام الغاني تحت قيادة الدكتور نكروما، الذي استغل هذا التحرك وقام بزيارة رسمية للقاهرة في يونيو 1958 واستقبله خلالها الرئيس جمال عبد الناصر وتباحث معه أكثر من خمس مرات، وكانت هذه الزيارة قد أسست لتعاون استراتيجي على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية.
وأوضح عبد التواب، كانت هذه الدراسة تتناول كافة التفاعلات الثقافية بين الجانبين المصرى والغانى ورؤية أهداف التحرك الثقافي المصري في غرب أفريقيا مع التطبيق على مثال غانا؛ حيث كانت القيادة المصرية قد استهدفت من هذا التحرك مواجهة كافة أشكال الوجود الثقافى الاستعمارى فى غانا وما ارتبط به من مؤثرات ثقافية لا تنتمى للأفارقة، وستعمل الدراسة على رؤية وتحليل كافة أشكال التفاعلات الثقافية بين الجانبين وتأثيرها على تطور العلاقات بين الدولتين على المستويات الرسمية والشعبية، وذلك كنموذج للتحرك المصرى الثقافى فى غرب أفريقيا في حقبتى الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين وما ارتبط بذلك من مواجهة ثقافية حاسمة مع قوى الاستعمار في أفريقيا وخاصة بريطانيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
ومن جانبه تحدث دكتورعبد العزيز صلاح سالم، وقال تكمن أهمية هذه الدراسة في محاولة كشف الغموض الذي لا يزال يكتنف دور التراث العالمي في تحقيق التنمية المستدامة فى الدول الإفريقية، وجعله رافعة اقتصادية واجتماعية وثقافية، ودراسة سُبل المحافظة على خزائن الذاكرة الإنسانية في القارة الإفريقية، من أجل تعزيز الحوار، والتعاون المشترك بين مصر وكافة الدول الأفريقية، استناداً إلى الرصيد الثقافي والحضارى المشترك والعابر للحدود والغني بذخائره ونفائسه بين مصر والدول الإفريقية. ومن هنا تأتى أهمية المحافظة على مواقع التراث العالمي فى أفريقيا، وجعله موردا سياحيا واقتصاديا وأساسا للتنمية، وبخاصة فى الأنشطة التجارية والاستثمارية ذات الآثار الايجابية التي تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد والمجتمع والبيئة الطبيعية والعمرانية، من زيادة الدخل المادى وفرص الاستثمار،
وتابع عبد العزيز صلاح، أن التنمية السياحية تلعب دورا أساسيا في التنمية الاقتصادية بحيث يؤثر رواج صناعة السياحة بشكل مباشر على اقتصاد ورواج الصناعات والانشطة المرتبطة بصناعة السياحة.
الجدير بالذكر أن مصر كانت صاحبة الفضل على منظمة اليونيسكو والمجتمع الدولي، في إرساء مفهوم " التراث العالمي"، وتأسيس آلية تشاركية دولية لحماية التراث الثقافي والطبيعي في العالم، حيث تشير الأحداث التاريخية في الستينيات من القرن الماضي وبخاصة، بعد بناء مصر السد العالي في أسوان، وما نتج عنه من الآثار السلبية التي خلفها على المعابد الفرعونية،والمنطقة الأثرية في النوبة، مثل معبد رمسيس الثاني في أبي سمبل، ودار عبادة إيزيس في جزيرة فيلة، واستعانت مصر حينئذ بمنظمة اليونيسكو لإنقاذ الآثار المصرية التي تقع خلف بحيرة السد العالى.
وأطلقت منظمة اليونيسكو حملة دولية عام 1960 م، لإنقاذ الآثار المصرية من الغرق في المياه خلف السد العالي، وأنشأت صندوقاً مالياً لجمع التبرعات لهذا الغرض، وفوجئت اليونيسكو بأن العالم كله سارع في المشاركة بالتبرع بالمال والخبرة الفنية من أجل إنقاذ الآثار المصرية من الغرق، ثم قام خبراء اليونيسكو بإجراء أعمال فك معبد أبي سنبل ونقله وإعادة تركيبه بعيداً عن خطر المياه.
وبعد نجاح منظمة اليونيسكو في هذه الحملة التي انتهت بإنقاذ الآثار المصرية في النوبة،وفي ظل الانعكاسات السلبية على مواقع التراث الثقافي والمعالم التاريخية في أوربا جراء الحرب العالمية الثانية، شرعت منظمة اليونيسكو في إرساء مفهوم " التراث العالمى، فالتراث يجب أن يُعتبر إرثاً لما نستلمه من الأجداد وننقله فيما بعد.