تمر هذه الأيام الذكرى الـ 150 على افتتاح قناة السويس فى عام 1869، وفى هذه المناسبة نقرأ فى كتاب "قناة السويس تاريخها ومشكلاتها.. وفقا للوثائق المصرية والأوروبية غير المنشورة، تأليف أنجلو ساماركو، ترجمة ولاء عفيفى عبد الصمد، هيثم كمال سلامة، هدى صالح عبد العاطى، مراجعة الدكتور حسين محمود، والصادر عن المركز القومى للترجمة.
يخرج الكتاب بنتائج مخالفة لما استقر عليه تاريخ حفر قناة السويس، ويعرض المؤلف لوجهة النظر التى تؤكد مساهمة إيطاليا والإيطاليين الفعالة فى الدراسات التى أجريت حول القناة وحول حفرها، خصوصاً جهود المهندس الإيطالى نيجريللى الذى كان صاحب الفكرة وليس دى ليسبس، ويثبت الكتاب المجهود الأساسى الذى قامت به الحكومة المصرية فى حفر القناة، ويكتشف الدور الإنجليزى فى عرقلة المشروع، ثم السيطرة على مصر كلها بعد اكتماله.
لقد قام المؤلف فى هذا الكتاب، بتصنيف الوثائق وترتيبها زمنياً، وقد نشر الكتاب فى القاهرة من قبل الجمعية الملكية الجغرافية الأثرية وأعيد نشره مرة أخرى فى إيطاليا، وهى الطبعة التى أعاد إليها ساماركو فى عام 1939، وأعادت دار موندادورى نشر الكتاب أيضاً عام 1943.
يقول الكتاب تحت عنوان الفصل السابع "لويجى دى نيجريللى" بينما كان محمد على يمارس مع مترنيخ (رجل سياسة نمساوى) عملا دبلوماسيا نشطا لإزالة العقبات السياسية التى تعوق تنفيذ القناة، كان هناك أحد العملاء الإيطاليين، ويدعى لويجى دى نيجريللى، يدرس الصعوبات الفنية، ويحاول التوصل إلى حل لتذليلها بشكل كامل، ومن المؤكد أن العديد من العلماء فى جميع الدول كانوا منشغلين بحفر برزخ السويس، لكن لم يكن من بينهم من كرس نفسه للدراسة بشغف شديد وإعداد علمى بحت مثلما فعل لويجى دى نيجريللى فقد كان رأيه مخالفا لباقى الخبراء الآخرين، حيث كان يرى أن التصميم الهندسى المباشر على مستوى عادى بدون سدود، يعتبر نظرا للطبيعة الجيولوجية والجغرافية لمنطقة البرزخ، هو الحل الوحيد الذى يمكن تنفيذه لضمان قيام القناة بوظيفتها على أكمل وجه، وكان يداوم بشكل مستمر على محاربة الأخطاء والتحيز والمخاوف التى كانت تعوق تنفيذ قناة السويس من خلال حملة دعائية شديدة تتمثل فى الكتب وعقد المؤتمرات والمقالات والمراسلات الخاصة، كما كانت لديه رؤية واضحة فيما يتعلق بالصعوبات السياسية ووسائل إزالتها. يقول الكتاب "يجب أن نعتبر دى نيجريللى المبدع الفنى الحقيقى لقناة السويس".