ـ صحف لبنان: لا توجد خطة بديلة لمعالجة الأزمة
مازالت الضبابية تكتنف مشهد تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، زاد من تلك الضبابية إعلان انسحاب وزير المالية اللبنانى السابق محمد الصفدى فى وقت متأخر من مساء أمس السبت، كأحد المرشحين لرئاسة الحكومة اللبنانية، بعدما تمت تسميته من أطراف سياسية مرشحا لرئاسة الحكومة المنتظرة، ما أعاد الوضع فى لبنان إلى المربع صفر، الذى تركت عليه البلاد منذ أن تقدم الحريرى باستقالته كرئيس للحكومة فى 29 أكتوبر الماضى على خلفية احتجاجات فى الشارع ضد النخبة الحاكمة وتوجيه اتهامات لها بالفساد، ما هدد البلاد بأزمة اقتصادية اعتبرت الأسوأ منذ الحرب الأهلية التى وقعت فى 1975 و1990.
يأتى هذا فى الوقت الذى تبدأ فيه الاستشارات النيابية الرسمية بشأن تشكيل الحكومة، بينما نقلت نقلت وسائل الإعلام عن رؤساء الحكومات السابقة تمام سلام ونجيب ميقاتى وفؤاد السنيورة تمسكهم بإعادة الحريرى لرئاسة الحكومة.
حكومة متجانسة
قال الصفدى، إنه ارتأى صعوبة بالغة فى تشكيل حكومة متجانسة ومدعومة من جميع الفرقاء السياسيين، تكون قادرة على اتخاذ إجراءات إنقاذ فورية تضع حدا للتدهور الاقتصادى والمالى وتستجيب لتطلعات الناس فى الشارع"، حسب بيان له.
وأضاف في البيان "وعليه، أطلب سحب اسمى من التداول كأحد الأسماء المطروحة لتشكيل الحكومة العتيدة، وآمل أن يتم تكليف الرئيس سعد الحريري من جديد".
وأضاف أن قراره جاء بعد رفض الشارع له كمرشح لرئاسة الحكومة المنتظرة، حيث يعتبره الحراك أحد رموز المنظومة السياسية والاقتصادية التى يسعى لإسقاطها وإبعادها عن الواجهة.
كما أن ثلاثة من رؤساء الحكومات السابقة تحفظوا على ترشيحه، وأعلنوا صراحة تأييدهم لترشيح الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة.
وظهر الصفدى كمرشح لرئاسة الحكومة اللبنانية الخميس الماضى، بعدما قالت مصادر سياسية ووسائل إعلام إن ثلاثة أحزاب رئيسية اتفقت على دعمه لشغل المنصب، وهو ما رفضه الحراك الشعبى، حيث تجمع عشرات المحتجين أمام منزل الصفدى فى طرابلس مؤكدين أن هذا الترشيح لا يلبى مطالب المحتجين ى البلاد.
موقف الحريرى من ترشح الصفدى
وكانت مصادر مقربة من رئيس حكومة تصريف الأعمال فى لبنان قالت إن الحريرى لم يعترض على تكليف الصفدى بتشكيل الحكومة الجديدة، بعدما اقترح اسمه من طرف ممثلى حزب الله وحركة أمل، ولكنه أيضا لم يبد دعما لترشيحه.
وفى السياق ذاته، ذكرت قناتا "أل بي سي آي" و"أم تي في" اللبنانيتان أن أحزابا لبنانية كبيرة اتفقت على اختيار محمد الصفدى وزير المالية السابق رئيسا للحكومة الجديدة فى لبنان.
لا تصورات لمعالجة الأزمة
وكانت الصحف اللبنانية، أجمعت على أن تسمية الوزير والنائب السابق محمد الصفدى لرئاسة الحكومة المرتقبة، قد تعثرت إلى حد كبير، وأن مسار التأليف الحكومى قد تراجع إلى ما دون نقطة الصفر، لافتة إلى وجود ارتباك كبير لدى القوى السياسية الرئيسية فى البلاد على نحو يشير إلى أن أزمة التكليف برئاسة الوزراء بلا أفق.
وأشارت صحف "النهار والجمهورية ونداء الوطن والأخبار واللواء والشرق" إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون عاد إلى التريث فى تحديد موعد "الاستشارات النيابية الملزمة" التى يقوم بمقتضاها النواب بتسمية رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة، بعدما أقفلت بورصة أسهم اسم "الصفدي" على تراجع كبير ليل أمس فى الأوساط السياسية.
وأوضحت، أن قيام حزب الله وحركة أمل بتسريب معلومات مفادها موافقة رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريرى، وتجمع رؤساء الحكومة السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتى وتمام سلام، على اسم "الصفدي" ووجود تعهد بمشاركة "تيار المستقبل" فى الحكومة، فى مواجهة إعلان الرؤساء الثلاثة السابقين للحكومة تأكيدهم تمسكهم بالحريرى وحده ودون غيره لرئاسة الوزراء، وتشديد مصادر الحريرى على أنه لم يوافق على مشاركة تياره فى الحكومة الجديدة وأنه يكتفى فقط بالموافقة على اسم "الصفدى" زاد من تعقيد الأمور، ويقطع بعدم وجود خطة بديلة أو تصورات لمعالجة الأزمة الحكومية.
واعتبرت الصحف، أن من بين أسباب تعقد الأمور، تتمثل فيما سمته بـ "الدور السلبى الإضافي" من جانب وزير الخارجية جبران باسيل، الذى اضطلع بمواقف متفردة اختزل عبرها الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان فى الاستشارات النيابية الملزمة، عبر إعلانه أنه تواصل مع محمد الصفدى الذى وافق بدوره على تولى رئاسة الحكومة، وأن الاستشارات النيابية ستكون بعد غد الإثنين، على نحو أظهر باسيل بوصفه الراعى الرسمى لتكليف الصفدى والآمر الناهى فى عملية تشكيل الحكومة الجديدة وأن أدوار الآخرين ثانوية، بما استفز الأوساط السياسية لاسيما المقربة من الحريري.
وكان رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى، قد تقدم باستقالته والحكومة بالكامل فى 29 أكتوبر الماضى تحت وطأة الاحتجاجات الشعبية العارمة التى يشهدها لبنان منذ مساء 17 أكتوبر اعتراضا على التراجع الشديد فى مستوى المعيشة والأوضاع المالية والاقتصادية، والتدهور البالغ الذى أصاب الخدمات التى تقدمها الدولة لاسيما على صعيد قطاعات الكهرباء والمياه والنفايات والرعاية الصحية والضمان الاجتماعى.